على الأصول من الآباء والأمهات جريمة يستهان بها مقارنة بالعدد الهائل الذي تستقبله المحاكم يوميا، خاصة وأنها ظاهرة جديدة من نوعها، إلا أنها انتشرت وبشدة في الآونة الأخيرة، فعلى سبيل المثال نجد محكمة باب الوادي قد عالجت ما يقارب 5 قضايا من نفس النوع عقدت جميعها نهاية الأسبوع الفارط. " ولا تقل لهما أف ولا تنهرهما" هي الآية التي ارتأت رئيسة المحكمة أن تبدأ بها محاكمتها للمتهم "ط" الذي مثل مؤخرا لدى محكمة باب الوادي لمتابعته بجنحة الضرب والجرح العمدي ضد الأصول، حيث قام هذا الأخير بضرب والده بواسطة سكين مسببا له عجزا قدره 15 يوما، وهي الفعلة التي ندم عليها المتهم وسوف يبقى نادما طول حياته -على حد قوله-. الضحية وباعتباره والد المتهم رفض طلب أي تعويض منه، فيما طالب ممثل الحق العام بتسليط عقوبة عام حبسا نافذا و10 آلاف دينار غرامة مالية في حق المتهم. وفي السياق ذاته، نجد المتهم "ح.ع" ماثلا هو الآخر أمام نفس المحكمة ليتابع بتهمة التعدي على الأصول، هذا بالرغم من أنه متزوج وله 5 أطفال مما يجعله على الأقل يحس بالمعنى الحقيقي للأبوة ويقدرها، إلا أن هذا لم يفده في شيء فحقده الأعمى على والده جعله يتهجم عليه ويضربه بواسطة سلة حديدية بالرغم من كبر سنه الذي تجاوز السبعين سنة، من أجل أسباب تعد تافهة مقارنة بالتعب والمشقة التي يعانيها الآباء من أجل أبنائهم، والسبب الرئيسي لمناوشتهما هو تسديد وصولات الكراء للشقة التي تجمعهما. وليس بعيدا عن كل هذا، نجد هذه القضية التي أثارت اندهاش كل الحاضرين بما فيهم وكيل الجمهورية الذي تدخل أكثر من مرة لمعاتبة المتهم "ف.م" صاحب 27 سنة يمتثل هو الآخر أمام هيئة المحكمة لمتابعته بتهمة السب والتهديد ضد والديه اللذان وفرا له كل ما يتمناه أي شاب في سنه، من شقة وسيارة، إلا أن هذا الأخير لا يكف عن إزعاجهما وضرب أخته الصغرى بدون سبب، ويعود ذلك للكحول والحبوب التي يتناولها وتجعله لا يدرك ما يقوم به. واعترف المتهم من جهته بكل الأفعال المنسوبة إليه، لكنه بدا غير نادم على عكس بقية رفقائه من المتهمين السابقين، حيث أخبر رئيسة المحكمة أثناء استجوابه عن مكان سكنه بأنه يقطن ب"سركاجي" كون والداه قد أخرجاه من المنزل، وهنا أوقفه وكيل الجمهورية وعقب على حديثه قائلا بأن كثرة المال والدلال هما السبب الرئيسي لحالة التذمر اللامسؤولة التي توصل إليها المتهم، مطالبا قي حقه بتوقيع عقوبة 18 شهرا حبسا نافذا وإلزامه بدفع غرامة قيمتها 10 آلاف دج.