يتفق العديد من المشاركين في الملتقى الوطني حول "العنف بين الثقافة و المؤسسات" الذي انطلقت أشغاله أمس السبت بجامعة وهران على "ضرورة خلق فضاءات للحوار و التواصل للحد من ظاهرة العنف داخل المؤسسات التعليمية". ويرى المشاركون أن "امتصاص" حالات العنف عند الشباب و المراهقين بمختلف المؤسسات التعليمية و الجامعية يتطلب ترقية الحوار و التفاهم بين الأساتذة و الإدارة و الطلبة و التلاميذ مع الإلحاح على مد جسور التواصل بين هذه المؤسسات و الأسرة و الاهتمام بمشاكل وهموم الطلبة و التلاميذ. وأوضح الدكتور عبد العزيز بن طرمول رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة وهران أن " العنف الذي تعرفه الكثير من المؤسسات التعليمية و الجامعية لا يعود إلى الأوضاع الاجتماعية و المادية و النفسية التي يعيشها الطالب فحسب و إنما أيضا إلى تدهور القيم الجامعية و عدم احترام المعايير التي تتميز بها جامعات العالم". وأبرز الدكتور بن طرمول أن هذه الوضعية التي تعاني منها الجامعة الجزائرية أدت الى سقوط الرموز و عدم وجود مساحات بين الطالب و الأستاذ مما تسبب في ظهور "لغة التحدي و المقايضة بدلا من اللغة الجامعية إلى جانب سلوكيات العنف". وقد زاد في حدة هذا "الوضع الخطير" يضيف المتحدث شعور الطالب بتقلص الآفاق المستقبلية التي تحفزه على التعلم و تشحذ همته للتحصيل الدراسي في ظل مشكل البطالة مما ولد لديه حالات نفسية تترجم من خلال تصرفات غير لائقة". ولمعالجة هذا الوضع يؤكد الدكتور بن طرمول على أهمية خلق فضاءات للحوار و تأسيس معاني جديدة و تعريف للجامعة و التركيز على الشراكة و التعاون و الاطلاع على الأخر. كما يرجع بعض الحاضرين أسباب تفشي ظاهرة العنف الى تراجع المؤسسات التعليمية في إنتاج القيم و فقدان الأسرة المتزايد لقدرتها على الاستمرار كمرجعية في التربية على الأخلاق للناشئة و تراجع دور وسلطة الأب داخل الأسرة لصالح مؤسسات أخرى مثل وسائل الإعلام لاسيما شبكة الأنترنت. وحسب الدكتور بوزيدي الهواري من جامعة وهران فان البعض من العائلات أضحت تعاني من اندثار سلطة الرجل داخل الأسرة مما اثر سلبا على التنشئة الاجتماعية. ومن جانبه أشار الدكتور حمداوي مامون من جامعة مستغانم إلى أن العنف سلوك قد يكتسبه الفرد خلال أطوار التنشئة الاجتماعية فيصبحون يمارسون العنف في المستقبل. وأكد المتدخلون أن الأسرة تبقى المسؤولة الأولى على تربية الأطفال لتفادي ثل هذه العواقب الوخيمة التي تتسبب في ضرر كبير لها و للمجتمع بشكل عام. كما شدد البعض الأخر على الدور الكبير الذي يضطلع به المجتمع بكل فئاته و شرائحه في مناهضة العنف و هذا ما يستدعي توعية المجتمع بهذه المهمة و تشكيل ثقافته المواكبة لمتغيرات عصره و التكيف معها. وقال الدكتور يعلاوي احمد من جامعة وهران في هذا الصدد انه من أسباب ظهور سلوكيات العنف انتقال المجتمع التقليدي إلى مجتمع معاصر دون التكيف مع الوضع الجديد.