لا يجد من يبحث عن اللاعب المتألق بالفريق الوطني بزاز ياسين في بلدية الڤرارم قوقة بولاية ميلة عناء في الوصول لمنزله، فبمجرد ذكر لقبه فقط حتى تجد من سألت سواء كان شيخا، كهلا، طفلا أو حتى زوارا يعرفون أين يوجد، بل الشيء الغريب الذي وقفنا عليه في رحلتنا لأجل الإطلاع أكثر على أسرار وتفاصيل الحياة الخاصة للاعب منذ صغره حيث أن من سألناه أصر على مرافقتنا حتى أوصلنا للمنزل الذي ترعرع فيه بشارع أحمد بوقزولة حيث المنزل الذي يضم أعمامه. فرغم حالة التعب التي كان عليها بعدما وصل لمقر إقامته يوم الاثنين المنصرم ليلا ومع ذلك تنازل عن نومه لفائدة الرأي العام الرياضي وارتأى التحدث بعيدا عن كل البروتوكولات، بل أكثر من ذلك تحدث بحضور أزيد من عشرة أشخاص أبوا مرافقة أخيهم وابنهم وهو يدلي بتصريحاته التي تعتبر الأولى من نوعها في تاريخه الكروي، ليكشف عن حقائق لم تتطرق إليها أي صحيفة جزائرية أو أجنبية سابقا بشأن اللاعب الظاهرة، بل النهار لوحدها تنفرد لأول مرة بنشرها والأكثر من ذلك صور اللاعب في حد ذاته التي نسيها من مخيلته وكانت مفاجأته أكبر وهو يراها بين أيدينا بعدما اتفاقنا السري مع أخيه لمين للحصول عليها استثنائيا في بادئ الأمر استقبلنا المعني بالمحل التجاري الذي يوجد بالشارع سالف الذكر حيث أعمامه وكان عمي صالح وعمار حاضرين بقوة واللافت أن صالح لم يتركه دقيقة واحدة دون تقبيل بل وكانت عيونه مملوءة بالدموع بعدما تذكر أخاه أي والد ياسين رحمه الله المدعو أحمد معتبرا في حديثه معنا أن المشاعر التي تختلجه تبدي استعدادها لحمل اللاعب رغم سنه فوق كتفه والسير به وسط أحياء وشوارع المدينة كلها تعبيرا منه عن حبه الشديد له ولتشريفه العلم الوطني والجزائريين جميعا . الطفل الشقي الذي ولد وفي رجله الكرة و(الروج) أول من اكتشفه ياسين بزاز لاعب الفريق الوطني حاليا والنادي الأوروبي "ستراسبورغ" من مواليد 19 جويلية 1981 ببلدية الڤرارم قوقة في ولاية ميلة، متزوج وأب لطفل عمره حوالي سنة اختار له اسم أحمد أنس، مقر سكناه بين أوروبا حيث يمارس مهامه مع ناديه الأوروبي والبيت العتيق الذي تعتبر ركيزته الوالدة عزيزة دعاس البالغة من العمر حوالي ستين عام، فيما توفي والده أحمد إلى السنة الماضية. يعتبر اللاعب الظاهرة ياسين الأصغر في إخوته الذكور، بينما ترتيبه الخامس في مجموع إخوته الذكور والإناث وهو ما يجعله آليا المدلل عند الوالدة خصوصا في ظل وجوده بالغربة، التحق بمقاعد الدراسة كبقية أترابه حيث تعلم بالمدرسة الابتدائية بن جابر محفوظ وكانت دائما نتائجه جيدة سيما وأنه ترعرع وسط أحضان أعمامه أمام الغياب شبه الكلي لوالده الذي كان يعيل العائلة خارج الوطن وبقيت خالتي عزيزة لوحدها تكافح وتناضل لأجل تربية الأولاد وتعليمهم المنشأ الصحيح وكانت دوما حريصة على أن يتابع ويركز كل اهتمامه على الدراسة بغية التفوق، ولأنه كان أغلب الوقت يقضيه عند أعمامه فقد وجد حرية معتبرة استغلها لأجل ممارسة هوايته المفضلة كرة القدم مع أصدقائه، فيما أكد عمه أنه أمام كثرة الإصابات التي كان يتعرض لها ياسين جعلته يحاول في العديد من المرات منعه حفاظا على سلامته الجسدية لكن إرادة ياسين وعشقه الهيامي لأعمامه له جعلهم دوما يفضلون مصلحته التي كانت دوما فوق كل اعتبار . تضاعف مع مرور الأيام اهتمامه بالكرة حتى أنه التحق مبكرا بأحد فروع فريق نجم القرارم وعمره يتراوح بين التسع والعشر سنوات، فيما كان أخوه لمين يمنعه من اللعب مع الكبار كان ياسين دوما أكثر إرادة لإحساسه الخاص بوجود قوة داخله مستعدة للإنفجار السلمي طبعا قبل أن يسجل رسميا في فئة الأصاغر للنجم وسنه 11 عاما وفي استفسار النهار عن أول مدرب كان ياسين ينشط تحت إمرته فهو المدرب بلغرز المدعو (الروج) واللافت أنه منذ الصغر يشتهي اللعب وسط ميدان هجومي وهو المنصب الذي يختاره له دوما المدربون واللافت أيضا أن ميزاته اللعب بكلا الرجلين بيد أنه يحبذ استعمال الرجل اليسرى . وعندما بلغ 16 سنة أصبح قائدا لفريق نجم الڤرارم تحت قيادة المدرب آنذاك محيمود بالقسم الشرفي سجل حينها أزيد من خمسة أهداف مما أكسبه شهرة واسعة ولفت انتباه العديد من الفرق المنافسة ليتولى قيادة الفريق في المباريات الأخيرة قبل أن تتهاطل عليه العروض عام 98 على غرار فرق شباب قسنطينة ومولودية العاصمة وشباب ميلة وعمره حينها 17 عاما فقط، ولأنه كان يزاول دراسته لأجل اجتياز شهادة البكالوريا فكان لزاما على الفريق الذي يضمه أن يسرع في ترتيب وثائقه، فكان الشباب القسنطيني أسرع من المولودية في ضمه لصفوفها، حيث أجرى تدريبات على يد الشيخ رابح سعدان لمدة شهر كامل مشيرا في هذا السياق للدور الذي لعبه رئيس نجم الڤرارم جعفر نجار بتسهيلاته للتنقل للشباب حيث لعب ثلاث سنوات وأمام قراره النهائي بالتوقف عن الدراسة والاهتمام المباشر بممارسة مهنة كرة القدم وجد حينها بزاز نفسه وسط تشكيلة من الأوزان الثقيلة على غرار بوريدان، غولة، ياحي، فلاحي، ومجوج فاقتصر حضوره الأساسي فقط على اللعب ضمن الربع أو النصف ساعة الأخيرة لاعبا بديلا، فيما دخل المباريات الثلاثةالأخيرة أساسيا، وخلال المباراة الأخيرة أمام غالي معسكر سجل هدفين ليتم استدعاؤه في السن 18 سنة لتشكيلة الآمال للفريق الوطني بقيادة المدرب ماروك ومساعدة عراجي بهدف المشاركة في تصفيات كأس العالم أين كان له الفضل في فوز الفريق الجزائري على ليبيا بهدف لصفر وكان أيضا له الفضل في معادلة النتيجة فوق أرضية الفريق الليبي مما حرمه آليا من التأهل حينها سنة 99، وكانت المبارتان اللتان أظهر فيهما ابن الڤرارم إمكانات خارقة للغاية وفتحت له الأبواب حيث مباشرة بعدها عينه المدرب بوعراطة في شباب قسنطينة لاعبا أساسيا وسجل حينها الكثير من الأهداف ليتم اختياره كأحسن لاعب ضمن فئات الآمال بحكم سنة مع شباب قسنطينة وذات الاختيار وقع عليه مع فريق شبيبة القبائل، مجددا بزاز يعاد استدعاؤه للفريق الوطني في مواجهة مصر بملعب عنابة حيث كان الفريق الجزائري منهزما في المقابلة قبيل دخول بزاز بقيادة المدرب كرمالي وزوبة حيث عادل النتيجة في العشرين دقيقة الأخيرة بعد تمريرة ذكية من غازي إثر هجوم مضاد للفريق المحلي وقضى حينها على آمال الفريق المصري بالتأهل لكأس العالم، وبملعب البليدة سجل هدفا أمام الفريق السينيغالي وسمح بفوز الجزائر ثلاثة أهداف لهدفين مما سمح للسينغال للتأهل على حساب المصريين. بزاز من شبيبة القبائل إلى أجاكسيو، فالنسيون وستراسبورغ مع تلك المشاكل التي عرفها شباب قسنطينة بشأن ورقة تسريحه التي منحها البعض لرئيس اتحاد العاصمة وآخرون لشبيبة القبائل تمكن حناشي من ضم اللاعب بزاز لصفوف فريقه وتحصل معه على كأس الكاف ليتنقل بعدها للعب لفريق أجاكسيو بالدرجة الأولى للبطولة الفرنسية تحت قيادة المدرب كوربيس لتبدأ بعدها معاناته مع الإصابات، ف لى مدار أربع سنوات وأمام التكرار شبه المستمر للإصابات لم يلعب سوى عامين ليقرر بعد ثلاث سنوات الالتحاق بالدرجة الثانية في فريق فالونسيان حيث حقق معه الصعود فيما سقط آجكسيو وقدم مباريات ممتازة قبل أن يلتحق مجددا بعد ثلاث سنوات لنادي ستراسبورغ منذ قرابة ستة أشهر فقط بفترة الميركاتو وبشأن هدفه فأكد ياسين بزاز أن هدفه لعب أكثر عدد ممكن من المباريات لإضافة المزيد من الفنيات والتقنيات الكروية وإثبات الذات. علينا وضع أرجلنا على الأرض واللعب لا زال مفتوحا أمام الجزائريين : اعتبر لاعب الفريق الوطني ياسين بزاز أن سلسلة النتائج الجيدة التي حققها الفريق بقيادة المدرب سعدان مدعاة للفخر والاعتزاز والفرح بعد غياب طويل للفريق، لكنه يضيف ياسين "أنه يتوجب علينا وضع أرجلنا على الأرض وفرض المزيد من التركيز" مؤكدا أن العمل الأساسي هو استعادة أمجاد الجيل الذهبي شاكرا كل اللاعبين على ما قدموه للتشكيلة. الوالدة عزيزة تتحدث ل النهارعن ابنها البار يحب التليتلي، الشخشوخة والحلويات ويحب الجلوس في حجري قالت والدة اللاعب الدولي ياسين بزاز الحاجة عزيزة دعاس في حديثها للنهار بمقر سكناها الكائن بحي 78 مسكن ببلدية الڤرارم حيث تجمع أحفادها وأبناء الأعمام أنها في بادئ الأمر كانت ترفض من ياسين أن يضع اهتمامه المستقبلي على الرياضة بدعوته دوما للتركيز فقط على دراسته مضيفتا أنها لم تحرم أحدا من أبنائها لينعمو بطفولتهم رغم متاعب التربية ووجود الوالد بفرنسا غير أنها اعتبرت صلاح أولادها وحسن أدائهم الاجتماعي دليلا على تفوقها في تربيتهم، معتبرة المعاناة لأجلهم أمام ما تراه اليوم من نجاحهم الأسري لا يساوي شيئا وعما يشتهيه ياسين عند عودته من فرنسا ففي مقدمتها التليتلي والشخشوخة ومختلف المرطبات والحلويات، أما عن أهم ما يحبه فقبل ابتسامتها العريضة التي كانت ملؤها التبرك والإحتشام المملوء بالنخوة ذاكرتا أنه يعشق الجلوس بحجرها وأصابعها تتخلل شعره وهو ما تؤكده الصورة التي التقطت لياسين قبيل سنوات عديدة مضت كرونولوجيا الإصابات التي تعرض لها بزاز التحق بالفريق الوطني عام 2001 وغاب عنه لموسم 2002 و2003 ليعود في عام 2004 ليغيب في العام الموالي قبيل عودته سنة 2006 لغاية اليوم وعن أسباب هذا التباين في اللعب مع الفريق فأكد اللاعب أنه راجع أساسا للإصابات التي ظلت تلاحقه منذ الإحتراف. يسترجع ذكرياته بمعية أصدقائه بدت تأثيرات أصدقاء ياسين في مساره الشخصي لافتة للغاية على غرار عادل ابن عمه وكذا لوناس بوقريتة وبوحداد ياسين الذين لعبا معه في الصغر كما تبينه الصورة الجماعية والتي تعود لموسم عام 2004 و2005 حيث كانا خلال مختلف مراحل الحديث يسترجعون ماضي ياسين وصباه وبات أكيدا لنا قبل أن نترك الجميع أنه لا يوجد من لا يحب ياسين بزاز فهنيئا بهذا الحب من كل الجزائر.