فسألته خلال حديثي معه، عن أي نوع من اللباس سيرتدي خلال رحلته هذه، فأجاب بلهجة تكاد تكون جازمة: البزة العسكرية كضابط وجنتلمان بريطاني، يامستر فيلبي، ومع حاشية من الخيالة الهندية. فأجبته" إذن فإنني أعتقد أنك سوف لاتصل صنعاء مطلقا"، فاستهزأ بمثل هذا الرأي، غير أنهلم يصل إلى هناك بتاتا. حيث أن قبيلة قهرة وقفت في طريقه في باجل، وبعد حصار غير مريح دام عدة أسابيع، سمح له بالعودة إلى الحديدة. ولم أصل الرياض أنا أيضا، لكن ذلك كان لسبب آخر غير هذا، لأن الباخرة عندما وصلت جدة، أخبرت أن الشريف الحسين، الذي استعاد روعه بعد الرعب الذي أصابه على اثر الحادث، أمر بكل عجرفة بمنعي من النزول إلى البر، وقد أقضيت ثلاثة أيام في مفاوضات غير مجدية في هذا الشأن، كان يقوم بها سي. أي. ويلسن بصورة تكاد تكون فاترة. وعلى اثر ذلك ؛ صدرت إلي التعليمات بالعودة إلى مصر فلندن. وبهذا انتهت تلك المغامرة، رغم أنني كنت مغتبطا، لعلمي أن إبن سعود قد ربح الجولة الأولى في طريقه إلى زعامة الجزيرة العربية. مع الأمير فيصل بن الحسين في لندن وكان فيصل بن الحسين، في الوقت نفسه، قد نودي به ملكا على سورية من قبل الجموع المحتشدة في الشام، كما رشّح أخوه عبد الله ملكا مقبلا للعراق، فأزعج ذلك الشريف الحسين وأ. تي ويلسن أشد الإزعاج. لأن الشريف الحسين؛ وجد أن سلطته أخذت تتقلص بازدياد عن طريق أعدائه وأبنائه الطامحين أيضا، وبالنظر للتطورات الأخيرة حورت أزماعي على العودة إلى الهند، وفي تشرين الأول طلبت إلي الحكومة أن أتولي شؤون البعثة التي طلبت إبن سعود إرسالها إلى انكلترة برئاسة ولده الأصغر فيصل، وكان الغرض منها إسميا، أن تقوم بتقديم التهاني للحكومة البريطانية بالنصر الذي أحرزه الحلفاء في الحرب، لكن الغرض الحقيقي منها، كان استئناف المفاوضات حول وضعه المقبل وحول الحدود، فانشغلت بذلك مدة ثلاثة أشهر حتى حل عيد الميلاد، كما تجولت من أجل هذا في طول البلاد وعرضها، بما في ذلك بلاد الغال وإيرلندة وفي القارة الأوروبية، حيثزرنا جميع ميادين القتال. فزرنا بيرز وتجولنا بالسيارة، فوصلنا إلى "شمن ديي دام" و "فردون"، ومن هناك عبرنا إلى ستراسبورغ وكولوني، ثمانتهينا بباريس. وكان فيصل بن الحسين هناك، لكنه رفض جازما ملاقاة من كان معي، ثم تركت البعثة باريس في آخر الأمر إلى مارسيليا، في طريقها إلى الجزيرة العربية، فعدت أنا إلى الوطن لقضاء عطلة عيد الميلاد مع أسرتي. وفي أثناء اجتماع عقد في وزارة الهند برآسة أدوين مونتيغيو، للبحث في شؤون أواسط الجزيرة العربية، ذكر أحد موظفي الخزينة الكبار، على سبيل عرض الحقائق، أن منحة إبن سعود المالية، كانت قد قطعت عنه بأمر من الحكومة منذ شهر أيار الماض. فتحديت تصريحه هذا معلنا أنه برغمالأوامر التي صدرت من لندن بهذا المآل في أيار، فإن المنحة استمر دفعها شهرا بشهر منذ ذلك التاريخ، فكان وقع ذلك شديدا على اللجنة، لكن القضية بقيت معلقة لانتظار إجراء التحقيقات فيها، وتسلمت في اليوم التالي كتابا من غاربيت، يطلب إلي فيه بيان الأسس التي استندت عليها في تحديتصريح الخزينة في هذا الشأن.