تشكل حملة جني التمور في ربوع الزيبان (ولاية بسكرة) التي تتزامن مع فصل الخريف حدثا في غاية الأهمية في الوسط الفلاحي للتحول المنطقة إلى شبه خلية نحل من خلال كثرة النشاط. فعلى عكس الفترة الصيفية التي تطبعها درجة حرارة شديدة وحالة ركود شبه تامة تعود الحركية و النشاط التجاري إلى الزيبان بحلول الخريف. ويرى في هذا الاتجاه رئيس جمعية منتجي التمور بالمنطقة السيد خالد لعجال أن مرحلة الجني تنفخ الروح في البساتين بحيث يرتادها الفلاحون بصفة مكثفة لجمع المحصول فضلا عن الديناميكية المضاعفة في الجانب التجاري من خلال تدفق التجار بمناسبة هذا الموعد. و أشار المتحدث إلى أن الكثير من بساتين النخيل المنتشرة بإقليم الولاية تأخذ صبغة ورشات متكاملة على اعتبار -مثلما أضاف- أن مختلف العمليات المتعلقة بمعالجة المنتوج كالجني والجمع والتوظيب والتعبئة تنجز بعين المكان. وفي مقابل ذلك يكتفي عدد من الفلاحين بالقيام بعمليات الجني والجمع بالبستان ثم يتم نقل المنتوج في شكل "مادة خام" نحو فضاءات معينة تكون في الغالب معامل ووحدات مصغرة بالنسيج العمراني لإتمام المراحل المتبقية. واستنادا للسيد لعجال فإن هذه الحالة تمليها في العادة الرغبة في التواجد بالقرب من الزبون المفترض فيما يلجأ بعض الفلاحين الذين ليست لديهم خبرة كافية في ميدان التسويق إلى توظيف خدمات شخص محترف في المجال يعرف محليا ب"الوكيل" بحيث يأخذ هذا الأخير على عاتقه متابعة مختلف العمليات من المهد إلى غاية تسويق المنتوج مقابل الحصول على مبلغ مالي متفق عليه سلفا بينما يعمد بعض الفلاحين ببساطة إلى بيع المنتوج بمجرد نضجه لكن قبل الجني إلى تجار مختصين في النشاط. وفضلا عن مهنة "الوكيل" الرائجة على مدار موسم الجني تطفو على السطح أيضا وظيفة الوساطة في تسويق المحصول إذ يكافح كل ممارس لهذه المهنة بأن يكون" وسيطا " في إبرام صفقات بين فلاحين وتجار مقابل الظفر بمكافأة مالية نظير أتعابه مسددة من الطرفين. وبغض النظر عن تلك الوظائف المعقدة التي تكاد تنحصر ممارستها لدى عدد ضئيل نسبيا من الأشخاص فإن موسم الجني إجمالا يميزه انتعاش سوق الشغل من خلال وفرة عروض العمل الناجمة عن الحاجة للاستعمال المكثف للأيدي العاملة الأمر الذي يساهم في امتصاص شبح البطالة. وتراهن مديرية المصالح الفلاحية وفقا للمعطيات المتاحة على أن القطاع الفلاحي الذي يلعب دورا رائدا في التنمية المحلية وإسناد وعاء عالم الشغل بالمنطقة بإمكانه ضخ ما يفوق 20 ألف فرصة عمل. ويدمج بموجب العروض المتدفقة من شتى أنحاء المنطقة كثير من العاطلين عن العمل في مناصب شغل مختلفة خاصة وأن الانخراط في عالم الشغل بالوسط الفلاحي عموما لا يحتاج إلى مهارات معينة باستثناء التمتع بالقوة العضلية. وتتوزع الوظائف بين النشاط بالبساتين على جمع ومعالجة المنتوج وكذا تنفيذ أعمال تكميلية على مستوى نقاط التخزين والتسويق وذلك بصرف النظر عن الخدمات المرافقة التي ينفذها أشخاص في حيازتهم قاعدة تجارية ووسائل معينة. وفي هذا الشأن أكد متعامل في المجال أن الخدمات متعددة على غرار النقل وتسخير غرف التبريد وجلب مواد التغليف والتعبئة وإيجار محلات التسويق وتوفير أماكن الإطعام والإيواء واستقبال وتوجيه التجار القادمين للولاية موضحا بأن عمليات النقل بواسطة العربات من مختلف الأوزان والأحجام تعرف حالة ازدهار ملموسة فضلا عن الحركية بالمطاعم الشعبية التي تكسب زبائن جدد غالبيتهم من العمال الموسميين دون إغفال تزايد الطلب على أماكن الإيواء لاسيما من العمال القادمين من خارج الولاية. وأوضح ذات المتحدث بأن انتشار نقاط بيع التمور عبر شبكة الطرق تبدو جلية في موسم الجني معتبرا أن هذه المسألة رغم أنها ظرفية ولصيقة بالمنتوج فهي ذات منافع اقتصادية واجتماعية كونها تدر بعض المال وتتيح مناصب شغل لشريحة من المواطنين. وفي خضم هذه الحركية الاقتصادية تتطلع الأسر البسكرية نحو دعم الميزانية العائلية وفي مقابل ذلك يرتقب أن تتألق مبادرات متعاملين اقتصاديين في اتجاه إقحام المنتوج بكثافة نحو الأسواق الدولية ضمن إستراتيجية تحفيز الصادرات خارج قطاع المحروقات.