حينما تقول نتائج دراسة علمية إن الأندية التي ترتدي اللون الأحمر أكثر قدرة على تحقيق الفوز، فالأمر يدعو إلى الدهشة ويستحق التوقف أمامه لمزيد من التحليل حول منطقية تلك النتائج، وقد يكون استعمال مصطلح "دراسة علمية" في هذا السياق مستفزًا لأنصار وعشاق الأندية التي لا ترتدي القميص الأحمر، ولكنه بالطبع سوف يكون مصدر سعادة لجماهير الأندية صاحبة الرداء الأحمر، هذا ما قالته دراسة "علمية" ونؤكد مرة أخرى أنها علمية بل وإحصائية أيضًا، وقامت بتلك الدراسة جامعتان لهما ثقل علمي كبير في بريطانيا، وهما جامعتا "دورهام" وبلايموث"، والأهم من ذلك أن نتائج الدراسة تم نشرها في مجلة علمية معترف بأبحاثها وهي مجلة "علوم الرياضة". وبالعودة إلى تفاصيل الدراسة، فقد قام فريق البحث برصد وتحليل نتائج أندية الدوري الإنجليزي لكرة القدم منذ ما يقارب ال 60 عامًا، وكانت المفاجأة أن الأندية التي ترتدي اللون الأحمر (وهو الاختيار الأول لها على ملعبها) تبين أن تلك الأندية كانت الأكثر تحقيقًا للفوز وبشكل ملحوظ عن بقية الأندية التي ترتدي ألوان أخرى، وجاءت الأندية صاحبة القمصان الصفراء والبرتقالية الأسوأ والأكثر تعرضًا للهزيمة، وربما نعتقد أن الأمر مرتبط بوجود مصادفة جعلت الأندية الأكثر قوة ترتدي اللون الأحمر، مثل مانشستر يونايتد والأرسنال وليفربول، وبالتالي جاءت الدراسة دون أساس أو سند علمي حيث أن الأندية التي ترتدي اللون الأحمر هي أندية قوية بطبيعتها. ولكن التحليل والتفسير العلمي الذي قدمته الدراسة ربما يجعلنا نعيد حساباتنا ونعترف بأفضلية اللون الأحمر، حيث قالت الدراسة إن سبب تفوق الأندية (الحمراء) يعود في المقام الأول إلى طبيعة اللون الأحمر الذي يحفز صاحبه على الحماس الذي يصل إلى حد العدوانية والعنف أحيانًا، مما يعني أن اللون الأحمر يلهب حماس الأندية التي ترتديه، و يؤدي إلى ارتفاع مستويات هرمون الذكورة المعروف باسم "التيستوستيرون"، وبشكل فطري كان الإنسان البدائي يقوم بطلاء وجهه باللون الأحمر لكي يخرج إلى الصيد أو الحرب وهو أكثر صرامة وأكثر قدرة على تحدي المخاطر وارهاب الأعداء. من جانبه قال البروفيسور "روبرت بارتون" المشرف على هذه الدراسة العلمية في جامعة "دورهام" إن هناك تفسيرات مقنعة لنتائج الدراسة وأول هذه التفسيرات أن الأندية التي ترتدي اللون الأحمر جذبت العديد من الجماهير وكونت لها قاعدة جماهيرية كبيرة بفضل جاذبية لونها قبل أدائها في بداية الأمر، وهو ما جعلها تحقق مكانة كبيرة في الوسط الكروي وبالتالي حققت تفوقها التاريخي بفضل هذه القاعدة الجماهيرية التي تشكلت بفضل عوامل عدة من بينها اللون الأحمر الجاذب للمشجعين. وثاني التفسيرات التي ساقها البروفيسور "بارتون" حول تفوق الأندية الحمراء أن هذا اللون "المشع" له تأثير نفسي كبير ويحفز اللاعبين على الأداء بكل قوة وباندفاع بدني كبير، وينشط الهرمون الذكوري وفي الوقت ذاته يثير الأندية واللاعبين المنافسين وقد يجعلهم يخرجون عن تركيزهم أو قد يكون سببًا في شعور بعضهم بشيء من الرهبة. وفي تفسير آخر، قالت الدراسة إن ما حدث لمانشستر يونايتد في عام 1996 على يد فريق "ساوثهامبتون"، حينما ارتدى فريق المان يونايتد اللون الرمادي هو خير دليل على تأثير اللون في أداء اللاعبين، فقد كان أداء مانشستر سيئًا للغاية خاصة في الشوط الأول، من حيث عدم دقة التمريرات، كما دخلت مرماه 3 أهداف، ولكن عقب تغيير القمصان بين شوطي المباراة عاد الشياطين الحمر إلى الانضباط في الأداء وانقلبت نتيجة اللقاء رأسًا على عقب، وهو الأمر الذي فسره السير "ألكس فيرغسون" بقوله إن اللون الرمادي كان السبب المباشر في عدم دقة التمريرات حيث لم يستطع كل لاعب رؤية زميلة بشكل يسير، ولم يتمكن من التمرير (بطرف العين) دون أن يركز النظر على هذا الزميل، حيث أن اللون الأحمر بإشعاعه وسطوعه يمكن اللاعب من التمرير الدقيق ورؤية الزميل بطرف عينه. من جانبه قال الدكتور "راسيل هيل" من جامعة "دورهان" والذي شارك في هذه الدراسة إن النتائج التي تم التوصل إليها لا تعني الأفضلية المطلقة لأصحاب الزي الأحمر دون النظر إلى ما يتمتعون به من قدرات وامكانات وعناصر جيدة على كافة المستويات إداريًا وفنيًا وماليًا، وخير دليل على ذلك أن نادي "تشلسي" صاحب القمصان الزرقاء وبقيادة رئيسه الملياردير الروسي "رومان أبراموفيتش" الذي وضع امكاناته المالية تحت تصرف "البلوز" ونجح في جلب عدد كبير من النجوم، تمكن من اختراق حاجز الكبار بل تفوق على القوى الكروية التقليدية الكروية المتمثلة في المان يونايتد والأرسنال وليفربول أصحاب الزي الأحمر.