أحدثت موجة الحر الشديد التي تجتاح خلال هذه الأيام معظم مناطق جنوب البلاد ما يشبه حالة الطوارئ في أوساط سكان هذه المناطق وهم في رحلة البحث عن الأجواء المنعشة هروبا من هذه الأجواء الثقيلة. وقد فرضت هذه الموجة من الحر الشديد التي يجمع الكثير من سكان الجنوب أنها حلت في وقت مبكر إلى حد ما طقوسا هي في الحقيقة ليست غريبة على السكان والتي عادة ما يلجئون إلى ممارستها في مثل هذه الظروف المناخية القاسية . و يتقاسم سكان الجنوب العديد من العادات المألوفة التي يستعينون بها من أجل تجنب مضايقات الحر الشديد الذي يلاحقهم من جهة إلى أخرى . ومن المشاهد اليومية لسكان ورقلة عندما يحل عليهم هذا الضيف الثقيل تسابق التجار و الباعة في الأسواق و المواطنين العاديين لاقتناء المظلات و القبعات لوقاية رؤوسهم من لفحات الحر. كما يفضل أغلبهم تقليص نشاطهم اليومي و العودة مبكرا إلى البيت اتقاء لضربات الشمس في حين دفعت هذه الأجواء المناخية القاسية البعض الآخر للتوجه إلى واحات النخيل و البساتين الخضراء بحثا عن الأجواء اللطيفة والتي يمكن للشباب الحصول عليها بالغطس في الأحواض المائية التي تستعمل من طرف الفلاحين لسقي أشجار النخيل. و تفضل العديد من العائلات بالجنوب في مثل هذا الطقس الحار الخروج بعد غروب الشمس إلى الفضاءات الواقعة خارج النسيج العمراني و الكثبان الرملية التي أصبحت ملاذا حقيقيا لا بديل عنه لسكان الجنوب كلما حل فصل الحر. البكالوريا والحر الشديد ....... معادلة يصعب تجاوزها وتوصف العلاقة بين البكالوريا والحر الشديد بتلك المعادلة التي يصعب تجاوزها ذلك أن تأثير هذه الأجواء المناخية القاسية يمتد إلى أوساط التلاميذ خصوصا منهم الذين يجتازون في مثل هذه الظروف المناخية القاسية امتحانات هذه الشهادة حيث أبدى البعض منهم تخوفه من أن يؤدي ذلك إلى التأثير السلبي على قوة التركيز لديهم ومنها النتائج المحصل عليها في نهاية المطاف لكن البعض الآخر منهم غير مكترث بهذا الوضع. و يشارك أولياء التلاميذ أبنائهم في هذا الإنشغال من بينهم الولي عمي السعيد الذي اقترح في هذا الصدد "ضرورة مراجعة تاريخ إجراء هذه الإمتحانات بالنسبة للمناطق الجنوبية بالوطن و أن تكون في شهر ماي الذي عادة ما يتميز بدرجات حرارة أقل ارتفاعا مقارنة بشهر جوان و الأشهر الثلاثة الأخرى التي تليه". وهو ما ذهب إليه أيضا الولي السيد الحاج يحي من ورقلة الذي يرى من جهته "أن الأجواء المناخية الصعبة يكون تأثيرها بشكل أكبر على التلاميذ القاطنين بالمناطق النائية الذين تضطرهم الظروف إلى المكوث بالقرب من مراكز إجراء الامتحانات و ذلك عكس زملائهم الآخرين الذين يكون بمقدورهم التوجه إلى بيوتهم و التمتع بقسط من الراحة". وعلى الرغم من هذه الظروف المناخية الصعبة فان التلاميذ الذين يجتازون هذا الإمتحان المصيري في مشوارهم الدراسي على مستوى مختلف مناطق الجنوب فان معنوياتهم تبقى عالية حسب بعض الإنطباعات التي رصدتها "وأج" بعدد من مراكز الامتحانات في كل من ولايات أدرار و إيليزي و ورقلة على سبيل المثال لا الحصر. ولكن قد اختلفت مشاعر بعض الممتحنين على مستوى بعض مراكز إجراء الامتحانات بولاية غرداية الذين عبروا عن "امتعاضهم" لعدم توفير وسائل التكييف بالأقسام. وقد سجلت من جهتها مصالح الحماية المدنية بالولاية نحو أربعة حالات إغماء في أوساط المترشحين لشهادة البكالوريا غير أن تواجد طواقم طبية عبر جميع مراكز الإمتحانات قد سمح بالتكفل بمثل هذه الحالات. موجة الحر تنعش نشاط بيع المثلجات والفواكه وفي مثل هذه الأجواء المناخية تنتعش تجارة بيع المثلجات وبعض أنواع الفواكه حيث تعج المحلات المنتشرة بمختلف أسواق وأحياء مدن الجنوب بالزبائن وخصوصا العائلات حيث يقتنص أصحاب هذه المحلات الفرصة لعرض خدماتهم وبضائعهم على الزبائن. و تتحول هذه المحلات مع غروب الشمس من كل يوم إلى فضاءات سيما بالنسبة للعائلات الميسورة الحال قد تنسيهم ولو للحظات هاجس الحر الشديد الذي لازمهم طيلة اليوم. كما تنتعش أيضا تجارة بعض أنواع الفواكه الفصلية ومن بينها فاكهة "البطيخ الأحمر" المعروف ب" الدلاع" الذي ازدهرت زراعته في السنوات الأخيرة ببعض مناطق الجنوب ومن بينها منطقة الطيبات (ولاية ورقلة). ويشاع في أوساط سكان الجنوب أن هذا النوع من الفواكه التي تغزو وبشكل لافت في مثل هذا الوقت محلات بيع الخضر والفواكه والأسواق المحلية يساهم في التخفيف من الظمأ ويساعد المستهلك على التقليل من شرب الماء. ويقول في هذا الصدد أحد البائعين المتجولين للبطيخ الأحمر بمدينة ورقلة "بأن إقبالا واسعا من قبل المستهلكين يسجل هذه الأيام على هذه الفاكهة حيث أن الكميات التي يشحنها كل يوم ويتجول بها عبر الأحياء الحضرية تنفذ في ظرف وجيز سيما وأن سعرها في متناول الجميع" على حد قوله. مصالح الصحة والحماية المدنية... نصائح للمرضى وقد جندت مصالح الصحة والحماية المدنية على مستوى ولايات الجنوب كل إمكانياتها لمواجهة الحالات الطارئة في مثل هذه الأجواء المناخية القاسية . وتعمل هذه المصالح على إعطاء كل النصائح والإرشادات الطبية اللازمة للمرضى خاصة منهم فئة المصابين بالأمراض المزمنة للتقليص من التنقلات وتفادي أشعة الشمس. وتظل طاقة الكهرباء التي عادة ما ترتفع نسب استهلاكها في مثل هذا الحر الشديد الملاذ الذي يحمي هذه الفئة من المضاعفات وكذا الأطفال الصغار والمسنين حيث يبقى الأمل في استقرار التموين بهذه الطاقة الحيوية وعدم حدوث الإنقطاعات المتكررة القاسم المشترك ليس لهؤلاء المرضى فحسب بل لشرائح واسعة من الزبائن