سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
القصة الكاملة لاختطاف الرّعايا الإسبان وكيف جنّبت سيارة مغربية حدوث مجزرة في حقهم ولد الشّافعي يكشف الجوانب الخفية لحياة عناصر "تنظيم السّلفية" بالسّاحل
كشف مصطفى ولد لمام الشّافعي الوسيط الذي قاد المفاوضات بين جماعة مختار بلمختار المدعو خالد أبو العباس بلعور" ، عن حقائق جديدة في حياة التّنظيم الإرهابي بمنطقة الساحل الصحراوي، موضحا عددا من الجوانب الخفية للمفاوضات التي قادها، والتي أسفرت في النّهاية عن إطلاق سراح الرعايا الإسبان سالمين. ويقول الشّافعي في ثاني لقاء إعلامي له مع صحيفة إسبانية "إلبريوديكو"، أنّه في بداية المفاوضات التي باشرها مع "بلعور" شخصيا، حدّد جملة من الشّروط من أجل عملية الإستئناف، كان أولها أن لا يتم قتل الرعايا الإسبان، ومنع إرسال أدلة على أنّهم أحياء إلى وسائل الإعلام، فضلا عن عدم إعلان أي إنذار يتعلّق بإنهاء حياتهم، مع تمكينهم بين الفينة والأخرى من الإتصال بذويهم، وهي الشّروط التي استجاب لها بلعور كاملة بل وأكثر من ذلك، فقد سمح بلمختار للوسيط بتحقيق رغبته في مقابلة الرهائن الثلاثة، آليسيا غاميس وآلبرت بيلالتا وروكي باسكوال، الذين خطفوا في 29 نوفمبر المنصرم في موريتانيا، بينما كانوا يشاركون في قافلة لمنظمة "برشلونة للعمل التضامني" غير الحكومية. "هي عملية كان من الممكن أن تنتهي بحمام دم.. كانت القافلة محظوظة بشكل لا يوصف، لأنّ "القاعدة" كانت تريد قتل جميع أفرادها تقريبا، كانت تريد اعتراض السيارة الأخيرة من القافلة، واحتجاز عدد غير محدد من الرهائن والتقدم إلى بقية القافلة، وإطلاق النار على راكبي السيارات الأخرى"، هكذا بدأت عملية الإختطاف، ويواصل الشافعي سرد الحادثة كاملة، وكيف جنّبت سيارة مغربية حدوث مجزرة في الرعايا الإسبان، "لحسن الحظ، حصلت مفاجأتان أحبطتا المخطط الكارثي، الأولى كانت ظهور شاحنة تحمل رقما مغربيا تسير في الإتجاه المعاكس، أما الثانية، والأهم، فكانت رد فعل آلبرت بيلالتا، حيث لم يشأ آلبرت النزول من السيارة كما أمروه، بل أخذ جهاز الإتصال وحاول إنذار القافلة ولهذا أطلقوا عليه النار فأصابوه في الكاحل والركبة والساق، وكان اتصاله حاسما في إجهاض حصول مجزرة، لأنه جعل الإرهابيين يخافون من ردة فعل بعض أفراد القافلة، وقرروا الهرب بسرعة بالرهائن". الإرهابيون يتزودون بالمؤونة من خلايا ونقاط مدفونة تحت الأرض قدر مصطفى ولد لمام الشافعي عدد الإرهابيين الذين شاركوا في عملية الإختطاف بين أربعة إلى خمسة عناصر، اثنان منهما موريتانيان إلى جانب مالي، ولم يواجه الخاطفون أية صعوبة في معرفة مسار القافلة، لأن ما يقارب 300 مواطن موريتاني مرتبطون بالتنظيم الإرهابي، يقول الوسيط، يتحركون بحرية ويراقبون الرعايا الغربيين، "وبعد نجاح الإختطاف، فر الإرهابيون نحو مالي، بمساعدة دليلهم عمر الصحراوي، كانوا يسيرون طوال اللّيل ويتزودون بالوقود والأغذية من خلال نقاط تابعة لخلايا القاعدة موزّعة على الطريق ومدفونة تحت الأرض، ومن ثم تم نقل المتطوعين إلى مخبأ في السّاحل، حيث قضوا الأشهر الأولى من فترة أسرهم الطويلة". بعد هجوم العناصر الإرهابية على القافلة الإنسانية، ولد الشافعي الذي تم اختياره من قبل الطّرفين المفاوضين؛ السلطات الإسبانية والجماعة الإرهابية التي يقودها بلمختار، بعد أن نجح في أفريل 2009، في تحرير الدبلوماسيين الكنديين اللذين كانا يحتجزهما بلمختار، في الحصول على معلومات حول الإختطاف، حيث يقول أنّه بعد يومين من العملية، حصل على معلومات تؤكد أنّ أحد الإسبان جريح، إذ التقى مبعوث السلطات الإسبانية الذي أوفدته مدريد لطلب المساعدة من دول منطقة الساحل، "وحين وصل مبعوثها الخاص إلى بوركينافاسو، اجتمعنا وشرحت له ما وصل إلى علمي، كان ذلك هو الوقت الذي أكدّوا لي فيه أنّ المسؤول هو بلمختار، ومن حينها نظمنا الرحلة الأولى إلى المعسكر". في المفاوضات مع التنظيم الإرهابي، يكون المتصل الأول والأخير دائما عناصر التّنظيم الإرهابي، ومن أرقام مختلفة وفي أوقات مختلفة، هي السياسة التي اتبعتها جماعة بلمختار مع الشّافعي، "كانوا هم من يتصل، عن طريق عناوين هاتفية مختلفة، ويعطون إحداثيات مكان الموعد الذي عادة ما يكون على الحدود بين بوركينافاسو ومالي، وحين نصل هناك، يتكفلون بالنقل حتى نقطة الإجتماع ببلمختار"، وقد مكنت الزيارات المتواصلة للتنظيم في الصحراء، من رصد عدد من خبايا هذا الأخير الذي يصور في الإنضمام إلى صفوفه جنة يجب بلوغها، حيث يقول الشافعي إن الإرهابيين ينامون نهارا تحت ظلال سياراتهم، أما في الليل "فيبيتون في فندق الألف نجمة" أي في الهواء الطلق. مدريد أرسلت طائرة محمّلة بالأدوية والمؤونة لمختطفيها لدى التّنظيم الإرهابي الحكومة الإسبانية لم تدخر أي جهد في تزويد رعايا والتنظيم الإرهابي في آن واحد، بالمؤونة والأدوية ولعلها الأسباب التي جعلت بلمختار يحتفظ بالمختطفين أطول مدة في تاريخ الإختطافات، حيث تجاوزت فترة احتجازهما تسعة أشهر كاملة، في الرحلة الأولى كان الشافعي يصطحب معه بعضا من العصائر والحلويات والكثير من الأدوية التي وفرتها الحكومة الإسبانية، حيث أرسلت مدريد طائرة تحمل الكثير من الأدوية، "بدون شك فقد كانت الحكومة الإسبانية هي الأفضل من حيث معاملة رهائنها الذين وفرت لهم منذ اليوم الأول كل أشكال الأدوية والألبسة والغذاء"، وساهمت الأدوية الأولى، من بين أمور أخرى، في تجنب أن تلتهب جراح بيلالتا، من جهتها أوصلت آليسيا غاميس المختطفة التي تم الإفراج عنها بداعي أنها أسلمت، إلى ولد الشافعي من الإرهابيين، ورقة تضم لائحة طلبات بمواد يحتاجها الرهائن لأجل نظافتهم الشخصية، ومع ذلك يقول الوسيط أن الرهائن كانوا يأكلون نفس غذاء خاطفيهم المكون أساسا من الأرز والعجائن والرغيف، وفي أحيان نادرة من اللحم، "هناك في الصحراء لا يوجد شيء، لا توجد حيوانات والإرهابيون ليسوا على اتصال بالسكان من أجل التزود، لديهم أكياس من الأرز والعجائن والطحين، وهذا هو ما يأكلونه، وفي حالات استثنائية قد يحصلون على خروف". وبعد مرور أكثر من شهر، تلقى ولد الشافعي نبأ يفيد بأن باسكوال يعاني من مشكلة في القلب، وأن حالته الصحية كانت سيئة، حيث أصرّ على مقابلة الرّهائن، وهو ما كان له في النّهاية.