تلاعب، تحايل، فوضى ومعاناة عبارات لا توفي المشهد حقه وكلمات قليلة لمعاناة كبيرة يعيشها يوميا أبناء جزائر العزة والكرامة في البقاع المقدسة. يعيش المئات من المعتمرين الجزائريين المتواجدين بمكةالمكرمة لآداء عمرة رمضان أوضاعا مأساوية بسبب إخلال بعض الوكالات السياحية بالتزاماتها تجاههم. ويشهد مقر بعثة الديوان الوطني للحج والعمرة بشارع الغزة بمكةالمكرمة توافد العشرات منهم لتقديم الشكاوى بأصحابها بسبب الإهمال، الضياع وسوء الإسكان. وكالات غير معتمدة تتاجر بالجزائريين وكالات عديدة غير معتمدة من قبل الديوان تتاجر بالمعتمرين الجزائريين وتأتي بهم عبر مطارات أجنبية في رحلات برية شاقة وعند وصولهم إلى البقاع المقدسة تتركهم عرضة للتشرد ولا توفر لهم حتى أماكن لائقة لإيوائهم ولا هم لأصحابها سوى جمع مزيد من الأموال. جئنا لنعتمر ونهلل فوجدنا أنفسنا في جحيم نتألم ''النهار'' اتصلت هاتفيا بالعديد من المعتمرين وكانت انطباعاتهم متباينة، حيث أكد أغلبيتهم بأنهم يعيشون في جحيم وأن الوكالات التي نقلتهم وضعتهم في محتشدات بلا خدمات في غياب تام لمسؤوليها. وكالة ''نجم الشمال الإفريقي للسياحة والأسفار ومقرها بوسماعيل بولاية تيبازة وغير المعتمدة من قبل الديوان الوطني للحج والعمرة لتنظيم رحلات العمرة وغير المرخص لها قانونا، نقل مكتبها بوادي سوف 300 معتمر حسب أحد المنتسبين إليها ''ب. يوسف'' في حديثه أمام الشيخ بربارة مدير عام الديوان الوطني للحج والعمرة وتقاضوا مبلغ 15 مليون عن كل مسافر ونقلوهم عبر مطار تونس رغم منع السلطات الجزائرية الوكالات من استعمال مطارات أجنبية. مشاكل زبائنها بدأت في مكة، حيث تذمر الكثير منهم من مكان الإيواء وهو عبارة عن مرقد من الصنف ''ب'' في حي المسفلة الشعبي تحيط به الأوساخ من كل جهة، عكس الوكالات الأخرى التي استأجرت فنادق مقبولة. مرقد قديما غرفه صغيرة وضيقة، تنعدم فيه وسائل الراحة مراحيض مختلطة بين الرجال والنساء وبعيد عن الحرم المكي عكس ما قيل لهم في الوادي بأن الإسكان سيكون في فندق محترم وقريب من الكعبة وأنه هناك خدمات خاصة للمسنين ولكن عند وصولهم لا خدمات ولا مرشدين ولا فنادق، بُعد المسافة أجبر العديد منهم على المكوث في المراقد. مسنات في مكة عجزن عن زيارة الحرم مسنات يتواجدن في مكة ولا يستطعن زيارة الكعبة يندبن حظهن ويستعجلن العودة وبعض الشيوخ سئموا من تواجدهم بالغرف طوال اليوم ولم يجدوا الوسيلة للصلاة في المسجد الحرام لبعده عن مقر إقامتهم. أحد المعتمرين تقدم بشكوى إلى مدير عام ديوان الحج والعمرة والمتواجد هذه الأيام في مكةالمكرمة وحين مواجهة المسؤول عن الرحلة والمكلف بالعلاقات الخارجية لوكالة ''نجم الشمال الإفريقي'' السيد ''ب. سعد'' من قبل الشيخ بربارة عن انعدام الترخيص وعن شرعية ما يدعيه المشتكي، أنكر مسؤول الرحلة معرفته بالمعتمر رغم أن هذا الأخير يحمل شارة وكالته ومكتوب عليها رقم نقال ابنه ''ب. نصر الدين'' كمرشد للمجموعة والذي تنقل معهم من الوادي إلى تونس برا ومنها جوا إلى جدة. أما المعتمر ''زكري عبد الباسط'' من الوادي فإنه يعاني مع والدته في مكة، وأضاف ''كانوا يقولون لنا سنوفر لكم الراحة والتعبد ولما جئنا إلى هنا وجدنا التعب والمشاكل، والدتي تعبت من كثرة المشي وكل يوم أقوم بدهن رجليها بالمرهم للتقليل من أوجاعها. لقد أتت بالكسكس والتشيشة ولكنها لم تجد مطبخا تستعمله، هذا ليس بفندق وعند عودتي سأرفع دعوى قضائية ضد أصحاب الوكالة''. أما الحاجة ''زوبيدة'' معتمرة فلم تتوقف عن ترديد ''حرام عليهم'' قائلة ''لم تعجبن هذه الرحلة لأنني لم أتمكن من استغلال تواجدي بمكة للصلاة في الحرم الشريف والاستمتاع برؤية الكعبة لأن الفندق بعيد جدا وعكس ما قيل لنا في الجزائر بأنه على بعد أمتار قليلة، والله حرام أن يتركوا العجائز والشيوخ يقضون أيامهم في غرف المراقد كالمساجين، لا مرشدات و لا أحد يسأل عنا''. كذلك الحال بالنسبة للمعتمر ''غندير مبروك عبد الله'' الذي صرح بأنهم يبيعون الأوهام، مضيفا ''نحن الشباب ربما نستطيع التغلب على المشاكل لكن من يأخذ بيد الكبار، أين هي خدمة المسنين الموجودة في مطوياتهم الإشهارية وأين هو صدق وعودهم، قالوا لنا بأننا سنقيم في فندق بحي الغزة القريب من الحرم وحينما وصلنا إلى مكة وجدنا أنفسنا في مرقد قديم بعيد عن الحرم، لا مرشدين ولا زيارات ولا أحد يسأل عن أحوالنا، لقد خدعونا وضحكوا علينا، همهم جمع الأموال، لن نذهب معهم مستقبلا ولن نتوقف عن فضحهم في كل مناسبة''. أما المعتمر ''عبد المجيد قيطوبي'' فأكد بأن الفنادق الفخمة والقريبة من الحرم الموعودة تحولت إلى مراقد سيئة وبعيدة في المدينةالمنورة ''الإقامة كانت حسنة أما في مكة كانت الكارثة. سبق لي وأن أتيت إلى هنا مع وكالات عديدة، لكنني لم أعش ظروفا مزرية مماثلة، والدتي لا تقوى على الذهاب إلى الحرم المكي بسبب البعد كذلك غرف لشخصين يقطن فيها أربعة، هذا المرقد به مراحيض مشتركة نستحيي من دخولها عند رؤيتنا للنساء''. هذه الإنشغالات لم يعرها ''الحاج سعد. ب'' المكلف بالعلاقات الخارجية بوكالة ''نجم الشمال الإفريقي'' ومسؤول الرحلة أدنى اهتمام، حيث أكد في تصريح مسجل تحوز ''النهار'' على نسخة منه بأن كل الأمور على ما يرام.وتبقى معاناة العديد من المعتمرين الجزائريين متواصلة مع بعض الوكالات. بربارة يعاين المعتمرين ويعد بتقرير مفصل مدير الديوان الوطني للحج والعمرة الشيخ ''بربارة'' وقف عند شكاوي ومعاناة الكثير منهم ووعدهم برفع تقارير رسمية للسلطات الوصية واتخاذ إجراءات ردعية في حق كل الوكالات المتخاذلة حال عودته إلى الجزائر، كما قال وللإنصاف هناك وكالات سياحية محترفة قامت بواجبها وشرفت الجزائر. أسئلة كثيرة تطرح، كيف يسمح لوكالات سياحية غير معتمدة رسميا من قبل الديوان الوطني للحج والعمرة بنقل آلاف المعتمرين وتركهم عرضة للتشرد والضياع بالبقاع المقدسة؟ من يتابع هذه الوكالات؟ ومن يضمن للمعتمر عدم السقوط في مصيدة المتحايلين باسم القانون والذين يعملون جهارا نهارا وبوثائق رسمية؟ فوضى العمرة وصور تشرد الجزائريينبمكة تعطي حتما صورا سلبية إضافية عن عجز حكومتنا عن تحرير المعتمرين من أباطرة وسماسرة المتاجرة بالشعائر الروحية وبمقدساتنا الدينية.