أثارت تصريحات كبار المسؤولين في كل من وزارتي الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات، والشؤون الدينية والأوقاف، مخاوف جل الوكالات السياحية والأسفار المتواجدة عبر كامل التراب الوطني، والمتمثلة في محاولة إبعاد الأطفال، المسنين والنساء الحوامل، والأشخاص المصابين بأمراض مزمنة من أداء مناسك العمرة، وهي إجراءات جديدة من شأنها حماية الحجاج والمعتمرين من خطر انتقال عدوى أنفلونزا ''أتش1أن''1 أو ''أ د1 ن,''1 حرصا على سلامتهم. وأبدى أصحاب الوكالات استياءهم من التهويل الذي تظهره مختلف وسائل الإعلام، الذي أدى إلى عزوف الحجاج والمعتمرين عن التسجيل لأداء مناسك الحج والعمرة، مما سيكبّد الشركات العاملة في هذا المجال خسائر مالية ضخمة. التهويل الإعلامي أدى إلى عزوف المواطنين عن أداء العمرة أكد عدد من أصحاب وكالات السياحة والأسفار التي التقت بهم ''الحوار''، أن أخبار الفزع والتهويل الإعلامي الضخم حول انتشار فيروس ''أتش1أن''1 أو كما هو معروف بأنفلونزا الخنازير، مسّ الوكالات السياحة بشكل مباشر، خاصة مع اقتراب موسمي الحج والعمرة، وهو ما سيؤدي إلى تراجع كبير في مداخيلها، في الوقت الذي تشكل فيه تنظيم الرحلات نحو البقاع المقدسة مصدر الدخل الأساسي لوكالات الأسفار الجزائرية. واتفق مدراء بعض الوكالات في حديثهم ل ''الحوار'' على هامش يوم إعلامي نظم مطلع الأسبوع الجاري حول آخر الترتيبات التي تم اتخاذها لمواجهة الوباء العالمي والتحسيس من أخطار انتشاره، اتفقوا بأن التهويلات الإعلامية هي التي أثّرت بشكل مباشر على تراجع نسبة إقبال المواطنين على الوكالات السياحية لإجراء حجوزات من أجل أداء مناسك العمرة، خاصة بعد صدور تعليمة نقلتها معظم الجرائد الوطنية بالبند العريض، تمنع فيها الأطفال، والمسنين والنساء الحوامل والمصابين بالأمراض المزمنة من التوجه إلى أداء مناسك الحج والعمرة، وهو ما أدى إلى تخوف العديد من المواطنين وتوجههم مباشرة إلى وكالات السفر للاستفسار عن مدى صحة المعلومة وخطورة هذا الوباء. تراجع الطلب على العمرة بحوالي 60 بالمئة وفي حديث ل ''الحوار''، أكد مدير وكالة السياحة ''روضة تور'' التي تنشط بالعاصمة، أن نسبة الحجز لأداء مناسك العمرة تراجعت بشكل محسوس خلال السنة الجارية تقارب 60 بالمئة بالمقارنة مع السنة الماضية، وهذا بسبب الإخبار التي تناقلتها مختلف وسائل الإعلام السمعية، البصرية والصحافة المكتوبة، وهو ما يبرز مدى تخوف المواطنين من هذا الوباء. كما انتقدت من جهتها السيدة حشماوي، مديرة وكالة السياحة والأسفار ''فؤاد أسفار'' الناشطة بوهران، بعض الأكاذيب التي تناقلتها وسائل الإعلام حول خطورة هذا الوباء الجديد وتأثيره على حياة البشرية، الشيء الذي دفعها للحضور شخصيا إلى هذا اللقاء المخصص للحديث عن الإجراءات الوقائية، قائلة: ''لا يمكنني أن انتظر سماع الأخبار من غيري، وأبقى في انتظار ما تتناقله بعض الوسائل التي تروج لأخبار تمسنا مباشرة ولن تكون في صالحنا''. وأضافت حشماوي في نفس الإطار أن السفر الاستجمام والراحة إلى البلدان الشقيقة كتونس والمغرب، فضلا عن مصر وتركيا لم تتأثر بهذه التهويلات على عكس سفر العبادة، وهو المنطق الذي لم تتفهمه على حد قولها، وأضافت مديرة وكالة ''فؤاد أسفار'' أنه إذا تم اتخاذ إجراءات وقائية نحو السعودية، فيجب فعل ذلك خلال التنقل إلى معظم دول العالم، بما أنه تم تسجيل حالات إصابة في تلك الدول. وأبدت السيدة رحاوي، مديرة وكالة ''سيفاكس للسفر'' القادمة من ولاية وهران موافقتها لرأي زميلتها، خاصة مع تراجع الطلب على العمرة، مؤكدة أن الوضع الحالي يهدد مداخيل الوكالات السياحية، التي تعتمد بشكل كبير على تنظيم رحلات العمرة خلال شهر رمضان المعظم. وقال صاحب الوكالة السياحية ''حمديس'' بالمدية ل ''الحوار''، إن تخوف المواطنين من وباء أنفلونزا الخنازير في ظل الضجة الإعلامية وتزامن الشهر الكريم مع فصل الصيف أين تكون درجة الحرارة مرتفعة بمكة المكرمة، أدى إلى تراجع قائمة الحجز لأداء العمرة، كاشفا أنه تعود خلال السنوات الماضية على تسجيل 150 معتمر، في حين لم تتعد حدود 70 معتمرا في الموسم الحالي. معاقبة الوكالات السياحية التي تخفي قوائم المعتمرين وفي إطار اليوم الإعلامي الموجه لمدراء الوكالات السياحية وإطارات الديوان الوطني للحج المنظم من طرف وزارتي الصحة والشؤون الدينية، استمع الحاضرون إلى توجيهات الديوان الوطني للحج والعمرة التي تهدف على المحافظة على سلامة المواطنين المتوجهين على البقاع المقدسة، حيث أجبر الديوان الوكالات السياحية بتقديم قوائم تكشف عن أسماء المعتمرين التي تقوم بنقلهم مع إدراج التفاصيل الكاملة عن الأشخاص والمتعلقة خاصة بحالتهم الصحية، وهذا من أجل تفادي انتقال عدوى إصابة أي معتمر جزائري بمرض أنفلونزا الخنازير ومنع نقل أي معتمر للعدوى إلى الجزائريين في حال إصابته بالفيروس، مع تهديدها باتخاذ إجراءات عقابية ضدها في حال إخلالها بالإجراءات الجديدة. من جهة أخرى، كشف الدكتور ضيف عضو البعثة الطبية الجزائرية للحج والعمرة خلال تدخله في اليوم الدراسي عن المخطط الوطني لحماية المعتمرين من فيروس ''أتش1أن,''1 مشيرا إلى أن وزارة الصحة وإصلاح المستشفيات أوفدت فريقا طبيا ملاحظا ومرافقا للمعتمرين، يقتصر دورهم على مراقبة المعتمرين في فترة إقامتهم بالبقاع المقدسة مع اتخاذ التدابير اللازمة وتوجيههم إلى أقرب مؤسسة استشفائية مرجعية بالمملكة العربية السعودية في حال ظهرت عليهم أعراض أنفلونزا الخنازير لمنع انتقال العدوى، كما يتوزع ثلاثة أطباء جزائريين بمكة المكرمة واثنين بالمدينة المنورة يشرفون على مراقبة المعتمرين أثناء تواجدهم بالفنادق، كما يخضع جميع المعتمرين للرقابة الطبية قبل ركوبهم طائرة العودة لإصدار تقارير مفصلة عن حالة كل معتمر. وأضاف ذات المتدخل أنه سيتم توفير عدد كاف من الأقنعة وتوزيعها على الوكالات السياحية، سيستفيد من خلالها كل معتمر من ثلاثة أقنعة صحية واقية يوميا، كما دعت ذات الوكالات إلى التعاون مع الفريق الطبي بتقديم المعلومات المتعلقة بعناوين الفنادق التي يقيم بها المعتمرون الجزائريون في البقاع المقدسة. وضع إستراتيجية وطنية متعددة القطاعات أكثر من ضرورية أعلن آيت أوملي، دكتور من وزارة الصحة وإصلاح المستشفيات، أن وضع إستراتيجية وطنية متعددة القطاعات للوقاية ومكافحة ومواجهة فيروس أنفلونزا الخنازير أكثر من ضرورية، وأوضح آيت اوملي ل ''الحوار'' أن مصالح الوزارة تعمل جاهدة على تحسيس المواطنين بخطر انتشار هذا الوباء، من خلال تنظيم لقاءات دورية بالتنسيق مع عديد القطاعات، أهمها وزارة الشؤون الدينية والأوقاف، التي تتكفل بتنقل عدد كبير من المواطنين إلى البقاع المقدسة والتي تعتبر من المناطق ذات الاختلاط الكثيف في العالم، فضلا عن تنظيم عدة لقاءات مع وزارة النقل، الأمن الوطني وغيرها. وفي مداختله في اليوم الدراسي المخصص لمسيري الوكالات السياحية، المخصص لمسيري الوكالات السياحية، ركز الدكتور من وزارة الصحة على ضرورة الاحترام الصارم لقواعد النظافة لتقليل انتشار الفيروس لتوفير الرعاية الصحية للمعتمرين، وهي غسل اليدين بالماء والصابون السائل، ومحاولة ترك مسافة بين الأشخاص أكثر من متر عند التكلم، واستخدام منديل وكمامة أحادية الاستعمال، فضلا عن النظافة التنفسية. الوكالات السياحية تتحدى أنفلونزا الخنازير وبعد سماعهم لمداخلات متعلقة بالإجراءات التي تمّ اتخاذها للحد من انتشار الوباء، وتقليلهم من خطورته، جزم معظم الحاضرين من المدراء، أنه لا يوجد تخوف من هذا الفيروس، ومن المفروض أنه لن يؤثر على نشاط وكالات السياحة والأسفار، كما سيعاود الجزائريون استدراك الوقت الذي ضاع منهم بعد سماعهم لأخبار الفزع، ولن يتراجعوا عن أداء مناسك العمرة وفريضة الحج، خاصة وأن الدولة لم تلجأ إلى قرار وقف الرحلات نحو البقاع المقدسة. وأكد في هذا الإطار مدير وكالة ''الشعائر السعادة''، داوود محمد حاج السعيد، في تدخل بدا وكأنه يتحدى الوباء، قائلا إنه قد دخل بالأمس أرض الوطن قادما من البقاع المقدسة، ولم ير كل هذا التهويل في السعودية، كما أشار إلى أن الإجراءات التي وضعتها السلطات الصحية السعودية في مطاراتها تمكن من مواجهة هذا الوباء دون إحداث هلع أو حالة استنفار في المطار. وهوّن ذات المتحدث من النصائح التي تقدمها وزارة الصحة والمتمثلة في غسل اليدين خاصة، قائلا بأن ديننا الحنيف يفرض علينا القيام بغسل اليدين في كل وضوء، وهي ليست إجراءات ضرورية نوصي بها المعتمر. من جهته، وافق مدير وكالة ''جميلة سفر'' المتحدث الأول، وأفاد أنه تنقل خلال شهر واحد إلى 4 دول ولم يشاهد حالات الترقب القصوى أو التخوف من فيروس ''أتش1أن,''1 وقال إن الأمور أكثر من عادية.