السّلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته أما بعد: أنا سيدة مطلقة، أم لطفل يبلغ من العمر أربعة سنوات، مشكلتي تكمن في تدخل والدي في تربيتي له في كل شيء، في الأكل والشرب واللّباس، ممّا أحال حياتي إلى جحيم لا يطاق. أخاف أن تصيبني الأمراض النفسية، فهو لا يقبل أي مكالمة لي بالهاتف ولا يريدني أن أخرج لا لنزهة ولا لزيارة، يريدني سجينة، وهو من يسهر على شؤوني وشؤون ابني، أمام هذا الوضع ليس لي إلاّ أن أقبل بالواقع، حتى أنّي أصبحت في عزلة عن أهلي حبيسة في غرفة. لقد كرهت إخوتي بسبب سوء معاملتهم، والآن أفكّر في الهروب من البيت إلى مكان لا يعلم به إلا الله، لكني تراجعت خوفا من الفضيحة، وعدم درايتي بما سألاقيه في الخارج من أمور لا تحمد عقباها. أحيطك علما سيدة نور، أني لم أكمل دراستي الجامعية بسبب تلك الزيجة الفاشلة، وأكثر ما يصبرني على هذا الوضع وجود ابني معي، لأنه رزق من الله قد ينفعني في مستقبلي. حياة / أم البواقي الرد: الحياة جميلة ولا بد أن يكدر صفوها مكدرات ولا بد في الحياة من صعوبات ونحن لا نعلم حجم اللحظات المرة ومتى سيعقبها حلاوة أو سيعقبها ما هو أمَر. عزيزتي، أعجبني فيك وصفك لهذا الولد بالرزق أسأل الله أن يقر عينك به وأن يجعله ذخرا لك ما تحدثت به عن الأب وعن الأم والأسرة وطريقة تعاملهم معك، هو مظهر وشكل من أشكال ضعف الوعي بطريقة التعامل الصحيحة مع المرأة المطلقة، فالأسرة تتألم كثيرا من عودة الابنة لها مرة أخرى بلقب مطلقة، وأحيانا ينظرون للفتاة بنظرة الشك والريبة فيما يتعلق بالعرض فيفرضون من القيود عليها، بل ويعاقبونها على إخفاقها في الماضي بحياتها الزوجية. هذه الطّريقة قديمة ولم تعد ناجحة، وربما مثل ما ذكرت أن يكون ردها عكسيا، بحيث تفكّر في الهروب أو تفكّر في الخطأ رغبة في الإنتقام من الأسرة والمجتمع، فهؤلاء أهلك والدك ووالدتك يرغبون في مصلحتك، لكن لربما لا يعرفون الطّريقة ابدئي معهم من جديد بالإبتسامة، وبأهداف جديدة مثل مواصلة التعليم أو البحث عن وظيفة، حاولي تحقيق منجزات جديدة في حياتك. أشغلي نفسك بالأعمال المنزلية والمشاركة والإبتسامة والحديث الطّيب مع الجميع، حتّى لو أساؤوا لك، لا تسمعي كلمات الإساءة أصمّي أذنيك تماما عن كلمة سيئة أو غير مناسبة، تفهمي رغبة الأب وتدخلاته والطّريقة التي ينظر بها للموضوع، واستجيبي لرغباته وآرائه ولا تظهري أي رفض، بل دائما أشعريه بأهمية دوره وأثني على قراراته وادعي له أمامه وأخبريه وكرري عليه أهميته ومنزلته في حياتك، وأنّك الأمل بالنسبة له، حاوريه وكلميه باللّين وفكّري في الحياة دائما، بأن هناك فرصا وحياة سعيدة أمامك، فقط لا تستسلمي، فكّري في فرصة الزّواج مرّة أخرى وأبعدي الخواطر والأفكار الشيطانية الفاشلة مثل الهرب من المنزل. عزيزتي؛ أوصيك بالصّبر والتفاؤل والدّعاء، ابتسمي للحياة من جديد يا حياة، أستودعك الله وأدعو لك بالسعادة. ردت نور