هذا هو السؤال الذي يكون قد تبادر إلى ذهن كل جزائري، تابع على مدار الأشهر الماضية، ''الكلون'' السياسي الذي يمارسه زعيم ''الأرسيدي'' بدون حسيب أو رقيب، في وقت يطبق القانون بحذافيره على كل من يرتكب جزء بسيطا مما فعله سعدي بالجملة والتجزئة. عندما قام مناضلون من ''الأرسيدي''، قبل أشهر، تحت أنظار زعيمه بتهديم مسجد في مسقط رأس سعيد سعدي قرية أغريب بتيزي وزو، لم تحرك السلطات ساكنا، وبقي الجميع يتفرج، أحزابا ومنظمات وجمعيات، وسط صمت كلي للسلطات العمومية، مما شجع سعدي وأتباعه على التمادي في الانزلاق بالبلاد نحو المجهول. وفي يوم السبت الماضي، اعتدى سعدي على شرطية كما أنه لكم شرطيا وحاول نزع القبعات عن أعوان أمن، خلال المسيرة غير القانونية التي دعا إليها ''الأرسيدي'' ومن معه، في وقت قامت مصالح الأمن بتوقيف علي بن حاج الذي كان وسط المتجمعين والمستجيبين للمسيرة، وجرى التحقيق معه، غير أن نفس الإجراء لم يلقه سعدي رغم ارتكابه لما هو أكبر وأفظع. وبالعودة إلى تاريخ زعيم ''الأرسيدي''، نجد أنه كان حافلا بالممارسات الشاذة، التي حاول فيها التميز واستقطاب الأضواء، متعديا بذلك على كل الأعراف والقوانين، ومتحديا في نفس الوقت إرادة الجزائريين ومعارضا لآرائهم.فعندما هبّ الجزائريون لنصرة الفلسطينيين خلال العدوان على غزة، علّق سعيد سعدي بتصريحات مستفزة، وحاول تسفيه تجاوب الجزائريين لنداءات النصرة، معتبرا أن السبب فيما وقع من عدوان هو حركة حماس التي يعتبرها ''إرهابية''، كونها تستهدف الإسرائيليين والصهاينة من أصدقاء سعدي وشلته.وقد نجم عن تصريحات سعدي تلك، انسحاب جماعي لستة منتخبين من ''الأرسيدي'' بولاية الشلف. وفيما يتعلق بالقضية الفلسطينية دائما، فإن سعدي عبّر بصراحة عن وقوفه إلى جانب الحصار الذي فرضته القوى الغربية وعلى رأسها فرنسا والولايات المتحدةالأمريكية على قطاع غزة، وأبدى تعاطفا مع السلطة الوطنية الفلسطينية، لا لسبب إلا لمجرد موالاة الغرب ومعارضة حركة حماس الفلسطينية.وكان آخر ما اطلع عليه الجزائريون من فضائح سعدي، وعلى المباشر، هو ما نقلته تسريبات ''ويكيليكس'' التي كشفت عن أن زعيم ''الأرسيدي'' كان يزود مصالح السفارة الأمريكيةبالجزائر بكل صغيرة وكبيرة حول الوضع الداخلي للبلاد، لدرجة أن كثيرا من المراقبين للشأن السياسي في الجزائر وصفوا الرجل بأنه ''عميل متحكم فيه عن بُعد''، فيما وصفته نعوت أخرى بأنه يتحرك على طريقة ''أوامر حتى إشعار آخر'' AGENT DU NOUVEL ORDRE. وبالنسبة لرجل سياسة يعتدي على القانون ورجاله، ويزدري الإسلام ويهدم المساجد، ويسخر من رغبات الشعب وطموحاته، ويمارس العمالة للأجانب جهارا نهارا، وسط صمت السلطات، لم يعد الواجب اليوم هو محاسبة الرجل وإخضاعه لسلطة القانون مثله مثل جميع الجزائريين، بل إن المطلوب هو معرفة من يقف وراءه ويحميه، ومحاسبته هو الآخر أيضا.