شراء الأماكن في طوابير ''أنساج'' ومستثمرون شباب يؤجرون خدمات غيرهم للمبيت بدلهم في ''لاشان'' أمام جدار طويل يصطف عشرات الشباب من فئات عمرية مختلفة، تقل في مجملها عن الثلاثين سنة، كلهم من نواحي العاصمة، بعضهم جاء باكرا وبعضهم الآخر قضى ليلته في الموقع للظفر بترتيب ضمن الأوائل في سلسلة ''لاشان'' لإيداع ملفه قبل غيره. هذا ليس مشهدا من مشاهد سفارة فرنسابالجزائر أو غيرها من السفارات الغربية، بل هو مشهد يتكرر يوميا منذ أسابيع، أمام مقر وكالة تشغيل الشباب ''أنساج'' وبأولاد فايت، أين تنقلت ''النهار'' لنقل الصورة كاملة عن الإقبال الذي تشهده وكالات ''أنساج'' بعد الإجراءات الأخيرة والتسهيلات المقررة من طرف الحكومة لفائدة الشباب البطال، حيث وبمجرد وصولنا إلى المكان حتى تجمهر حولنا جمع من الشباب الذي عبّر عن تذمره من طريقة الإستقبال والوثائق المطلوبة في ملف ''أنساج ''، وبالرغم من كل هذا عبّر الشباب عن فرحتهم بالإجراءات الجديدة التي أقرها رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، والتي من شأنها أن تبعث الأمل من جديد فيهم. لا رغبة لنا في العودة إلى ''حذار.. كيس مشبوه'' ولا حكم ''سعيد صامدي'' ''لا نرغب في العودة إلى سنوات الجمر ولا نرغب في العودة إلى ''حذار كيس مشبوه'' ولا نرغب في العودة أيضا إلى تفتيش بكل ناحية وضاحية، نرغب في الإستمرار وليس العودة إلى الإستدمار عن طريق تلاعبات ''سعيد صامدي'' ورغبته في غرس ثقافة الإستعمار''، هي تصريحات أدلى بها شباب يرغب في العيش حياة كريمة من خلال الإستفادة من قرارات جاء بها الرئيس، هي قرارات تشجع على الرغبة في العيش في سكينة وطمأنينة، العيش في عهدة يحكمها من أوقف نزيف دماء الجزائريين والجزائريات وليس من هرب في سنوات الجمر ورحل إلى بلاد كانت في ماضٍ ليس بالبعيد تنهب ثروات أرض الشهداء... شكرا للرئيس بوتفليقة على كل ما قدّمه لنا، شكرا له على كل القرارات التي اتخذها بما فيها العفو عن الخدمة الوطنية... لكن حذار من البيروقراطية وحذار من محاولات اللعب على أعصاب الشباب خاصة في هذا الوقت بالذات... ما عشناه بالأمس لا نريده أن يتكرر، وكل من يحاول تكرار سيناريو 5 أكتوبر 1988وما انجر عنه... فسنكون له بالمرصاد... هي تحذيرات ليست موجهة فقط لأصحاب الإدارة وإنما تعني أيضا الراغبين في اللعب على الأحبال السياسية بإيداع الشباب في فم المدفع لتحقيق منافع خاصة لا عامة...، تصريحات شبانية تعني الكثير وتؤكد على أن ضميرهم اليوم لا يمت صلة بضمير الأمس، ضمير يوحي على معاناتهم فيما مضى من المستحيل تكرارها اليوم، وعن طريق شيوخ استفادوا من الكثير من امتيازات الدولة ويحاولون اليوم الإنقلاب عنها باستعمال فئة تعتبر ركيزة الجزائر لم تشبع بعد من خيرات البلاد. 200 دينار من أجل التسجيل في القائمة ليلا لقد دفعت 200 دينار لأحد الشباب الذي كلّف بمهمة تسجيل الشباب ليلا وذلك حتى لا أقضي الليلة على الكرتون في الشارع، خاصة أن الليلة الماضية كانت ممطرة وباردة.. هي تصريحات ''م .ن'' شاب يبلغ من العمر 30 سنة بطال، ويريد أن يفتح قصابة ''جزار''، ليضيف أن كل الشباب يقضون الليلة في الشارع للحصول على وصل يحمل ترقيم الشخص في القائمة، ليتوقف '''محمد'' برهة ويؤكد أن المعاناة لا تتوقف عند هذا الحد، ليقول إن الشاب ملزم بالعودة بعد أسبوع إلى نفس الوكالة وفي ساعات مبكرة من أجل التسجيل، ليتم منح له وصل خاص يحمل اسمه ولقبه وكل المعلومات الخاصة به. إن لم تسمع اسمك فستقصى آليا من القائمة وأكد من جهة أخرى ''نورالدين.ر'' أنّ الكارثة الكبرى في حال عدم سماع اسمك خلال عملية المناداة التي يقوم بها إطارات الوكالة، فإنك تتعرض آليا لعملية الإقصاء، بالرغم من المعاناة والطوابير الطويلة والعريضة التي يقوم بها الشباب، ليصل لهذه المرحلة التي توصف بالحاسمة والمصيرية بالنسبة لهم، غير أنهم في آخر المطاف يصدمون بالإقصاء، وأبرز نور الدين أن العشرات من الشباب يتعرضون إلى مثل هذه الممارسات يوميا، الأمر الذي قد يترتب عليه ما لا يحمد عقباه، خاصة وأن أكثر من 001 شاب يحضرون إلى الوكالة يوميا ويتعرضون إلى نفس الضغوطات والممارسات. لونساج منهم وإليهم إللي عندو يجوز .. كوستيم ثلاثة بياست ولدي فلان يقاري واو يدي ..مي زاولي يعيش فقير ويموت فقير هي تصريحات شباب وجدتهم ''النهار'' في طوابير أنساج بالعديد من الوكالات التي توقفت بها ''النهار'' يوم أمس، خلال إعدادها لهذا الروبورتاج المصغر الذي يرصد يومياتهم، بعد الإعلان عن الإجراءات الجديدة التي أقرها بوتفليقة، حيث أدلى الشباب بشهادات حول شباب آخرين من نفس سنهم، غير أنهم ينتسبون إلى عائلات غنية، جاؤوا إلى لونساج من أجل الإستفادة من مشروع لونساج الموجه للفقراء. شكاوي بالجملة من الشباب المرابط أمام وكالات التشغيل أبدى الكثير من السكان المتاخمة منازلهم لبعض الوكالات المعنية، وعلى رأسها وكالة أولاد فايت، استياءهم من الأعداد الكبيرة من الشباب التي ترابط ولأكثر من أسبوع أمام منازلهم، ليل نهار، ففي النهار، تمتد الطوابير أمتارا طويلة، وفي الليل، يفضلون النوم أمام بوابة الوكالة، حتى يصطفوا باكرا مجددا في الطابور، ويتمكنوا من أخذ المراكز الأولى، ما يسمح لهم بالتسجيل بسرعة وسهولة. وفي هذا الصدد، أسر لنا بعض السكان بضرورة تدخل الجهات الوصية لإيجاد حل لهم، كونهم يعيقون الحركة في الحي ليلا، ويؤثرون على راحة السكان ليلا، بالنظر إلى الشجارات الكثيرة والمتكررة فيما بينهم، بالإضافة إلى الكلام البذيء الذي يصدر عن بعضهم، في حالات الغضب بمصطلحات نابية، فيما أضاف آخرون أن تواجد هؤلاء الشباب بهذه الكثرة أمام منازلهم، حرم نساءهم من الخروج للتبضع، أو حتى لنشر الغسيل، تجنبا للمعاكسات الصادرة عن البعض، مناشدين الوكالات المعنية إلى تغيير مقراتها ووضعها خارج حدود التجمعات السكنية، أو إيفاد رجال قوة عمومية للسهر على السير الحسن للعملية. دفعت مليوني سنتيم للحصول على شهادة العمل أفاد لنا بعض الشباب الذي صادفناه على مستوى وكالة دعم وتشغيل الشباب، أنه اضطر لدفع مبلغ مليوني سنتيم، مقابل حصوله على شهادة عمل، في الوقت الذي لم يشتغل في حياته، معبرين عن تذمرهم و قلقهم من كثرة الوثائق الموجودة في الملف الخاص بانساج، على غرار شهادة العمل والفواتير الشكلية و كذلك بطاقة الإعفاء من الضرائب والأكثر من ذلك بطاقة الإعفاء من الخدمة الوطنية التي تشكل أكبر مشكل لدى الشباب حسبهم، مطالبين بالتخفيف من الملف. وزير التشغيل ومدير ''أنساج': ''كل الملفات ستعالج في أقل من شهرين'' اعترف كل من وزير العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي ومدير عام الوكالة الوطنية لدعم تشغيل الشباب ''أنساج''، بوجود حالة من الضغط على مستوى الوكالات التي تستقبل حاليا ملفات الشباب الراغب في الاستثمار في مجال ''أنساج''. في إطار التدابير الجديدة التي جاء بها مجلس الوزراء في آخر جلسة له، وقالا المسؤولان بأن ذلك يعتبر حالة عابرة بسبب التوافد الكبير على الوكالات، ونعد هؤلاء الشباب بالتكفل بكافة انشغالاتهم وأنهم سيحصلون على الموافقة في الآجال المحددة قانونيا والتي لن تتجاوز مدة الشهرين كأقصى حد.