المواطن بوطيشة نور الدين البالغ من العمر 38 سنة يعتبر تحديا ومثالا صريحا على رفع كل العقبات خاصة أمام فئة ذوي الاحتياجات الخاصة فرغم الإعاقة التي أصابت الشخص المعني إلا أنه يمتاز بأشياء عجيبة وغريبة في آن واحد تدعو بما لا يدع مجالا للشك أن تقف أمامها في تبصر وحكمة إلاهية تعد سابقة من نوعها على المستوى الوطني فحفظه للقرآن تعدى خمسة أحزاب بالسماع والترديد فقط وحتى النشرات فزيارتنا للمعني في بيته الكائن بمشتة القرنية في بلدية تسالة لمطاعي بولاية ميلة والذي يبعد عن وسط المدينة بحوالي أربع كيلومترات قضينا رفقة دليلنا مراد حوالي كيلومترين مشيا على الأقدام وسط منحدرات جبلية صعبة ومياه جارية وأشجار كثيفة وحجارة مترامية بكل مكان مما يعرقل حركة الراجلين لقضاء حاجياتهم خاصة بالنسبة لسكان هاته المشتة فنور الدين يقطن بأحد الأكواخ رفقة والديه وسبعة بنات بمجموع عشرة أشخاص بغرفتين فقط جد ضيقتين مما صعب كثيرا المعيشة اليومية لهم فالوالد يبلغ من العمر 75 سنة يعاني لغاية اليوم من غياب الآذان الصاغية لتمكينه كبقية المجاهدين من المنحة المخصصة لهاته الفئة رغم استلامه لقرار العضوية تحت رقم ملف 412675 الصادرة في 26 أكتوبر 1998 ويعيل العائلة المتكونه من الأفراد العشرة بإيمان وتأكيد دائم على مساندة المجاهد الرئيس مهما كان الثمن. رغم الإعاقة يسير وسط الجبال وصولنا المباشر جعلنا للتأكد من المعني أن نطلب منه الجلوس بأمام المنزل ومنه إحضار الكراسي فتم ذلك بدون أن يستعمل نور الدين البالغ من العمر 38 سنة أية عصا أو دليل للمشي رغم أنه مكفوف مائة بالمائة وبعد جلوسنا لجانبه قصد الإستماع لما يدور بمخيلته أوضح في إجابته عن أسئلتنا بأنه بدأ يتحرك بعد أربع سنوات من مولده عقب تلقيه بعض المداومة الطبية والفحوصات العديدة خاصة وأنه لم يخلق للوجود إلا بعد إحدى عشر شهرا وبأنه يعيش في وسط اجتماعي متفاهم رغم أنه لم يتلقى أية منحة قارة منذ ولادته معتبرا بأنه أصبح عالة على العائلة سيما مع الظروف الإجتماعية القاسية للعائلة رغم النداءات الموجهة للسلطات المحلية بحجة أن عضويته ضمن الشبكة الإجتماعية هي ذاتها منحة المكفوف . مؤكدا بأنه قاوم التهميش سيما وأن أفراد المجتمع لم يتقبلوا إعاقته وباتت نظرتهم في الغالبية المطلقة احتقارية قاومها بكل شجاعة نتيجة الأحلام والطموحات الكبيرة التي يحلم بتحقيقها ومما يثير العجب أمام هذا الإنسان المعجزة أنه لم يدرس ولو ليوم واحد سواء بمدرسة عادية أو مخصصة لفئة مكفوفين ومع ذلك يتحدث باللغة العربية القحة وهو ما تفاجأنا به وبقينا مذهولين تماما . يحفظ كل شئ يسمعه ويعيده حرفيا لإجراء اختبار أولي على ذهنيته طلبنا منه شئ يمكننا من التأكد مما يقوله فأرجعنا لسنة 1991 أثناء تعرض العراق للعدوان الأمريكي مؤكدا بأنه حز في نفسه كثيرا والغريب أنه يحفظ ن ظهر قلب أول نشرة إخبارية بالإذاعة الوطنية نقلت خبر بداية العدوان آنذاك وكانت كما رددها: * سيداتي ... تعرضت الاصمة بغداد في حدود الساعة الصفر ليلا إلى هجوم أمريكي خطير استهدف في البداية المنشآت الحيوية كشبكة الكهرباء والمياه والإتصالات ما جعل العاصمة العراقية تغرق في ظلام دامس وكانت من تقديم يقول نور الدين من قبل الصحفية حسيبة حسين والغريب أنه في حديثه عن الحرقة يقول بالكلمة الواحدة :{ أدعو الشباب للتحلي بضبط النفس والتعقل بحكمة و التصرف في مبادئ الشريعة الإسلامية مضيفا قول المولى: { لن ترضى عليك اليهود والنصارى حتى تتبع ملتهم} معتبرا بأن الحرقة ظاهرة غريبة عن الدين الإسلامي مثنيا على سياسة الأمن والمصالحة التي اتبعها رئيس الجمهورية مما لفت انتباهنا أكثر أن المعني ورغم مكفوفيته وإعاقته إلا أنه بدى متطلعا على كل ما يحدث وتحدث عن الأسعار والزيادة في الأجور وحتى السياسة بمنطلق { أنا مع إعطاء الحكم للأغلبية واحترام رأي الأقلية } ويعرف حتى عدد بلديات الجزائر وطنيا ربما أنها تغيب عن أذهان أغلب المسؤولين 1541 بلدية كما فتح النار على الأحزاب مؤكدا على غياب النضج السياسي رغم أن الأعراف الممارستية تصر على أنها مدارس لتلقين الديمقراطية والحريات ودعى الدولة للإستثمار في أفكاره وأشار لأنه يملك العديد من البرامج لفائدة الإعلاميين وتحسين الخطاب الصحفي والغريب أكثر في هذا الشخص أنه يحفظ حرفيا سواء نشرة إخبارية أو غيرها ويعيدها مباشرة بعد انتهائها بكل التفاصيل الثانوية موجها نداءه للمنظمات قائلا : ابن الجزائر ينتظركم على الرقم 0775365271ومستعد للاستشارة معبرا عن رغبته في إنشاء جمعية للمعاقين والمساعدة الاجتماعية ودعم سكان منطقته .