تنطلق غدا على خشبة المسرح الوطني الجزائري فعاليات المهرجان الوطني السادس للمسرح المحترف بعد حفل الافتتاح الرسمي المنتظر في أمسية اليوم. سيعود شرف انطلاق المنافسات الرسمية في الطبعة الحالية من هذه التظاهرة السنوية إلى ''ليالي الموت'' للمسرح الجهوي لسيدي بلعباس الفائزة بجائزة أفضل عرض مسرحي في المهرجان الجهوي الأخير بمدينة بلعباس علما أن لقاء بلعباس لا يعتبر أبدا شوطا في التصفيات للمشاركة في المهرجان الوطني. لقد جرى التقليد على افتتاح المهرجان الوطني بالعمل الحائز على صفة أفضل عرض في آخر مهرجان. وكان آخر هذه المهرجانات على المستوى الوطني هو مهرجان سيدي بلعباس. هذا التقليد يتبعه منظمو المهرجان أيضا مع فوق الهواة حيث ستنظم إلى المشاركة في المسابقة الرسمية تعاونية ''الدرب الأصيل'' لمدينة الأغواط بمسرحيتها ''الحائط'' الفائزة بالمرتبة الأولى في مهرجان المسرح الجهوي الأخير بعنابة. وتحتضن الجزائر على مدار السنة عددا من المهرجانات المخصصة للفن الرابع سواء تعلق الأمر بالمسرح المحترف أو مسرح الشباب. وقد انضم إلى هذه المهرجانات لقاءان جديدان مخصصان للمسرح بالأمازيغية ''أمزغون'' في كل من باتنة وتيزي وزو. ''ليالي الموت'' ستجد منافسة جدية من عمل مسرحي آخر يحمل كلمة الليل في عنوانه هو ''ليلة الليالي'' للمسرح الجهوي لقسنطينة الذي يطمح إلى استعادة أمجاده بفضلها وبفضل إنجازات أخرى قيد الاستكمال كما صرح بذلك مديره العام مؤخرا. المفاجأة السارة ربما تكمن في إعلان المدير الجديد للمسرح الجهوي لتيزي وزو المشاركة بعد أن كان هناك شك كبير في حضوره على خلفية مشاكل داخلية انتهت باستقالة مديرته السابقة. ''بزنس إيز بزنس'' لمسرح تيزي وزو إذن ستدخل المنافسة إلى جانب 14 عملا آخر من إنجاز المسارح الجهوية. لذا فإن الأمر سيكون صعبا بالنسبة لمسرح سيدي بلعباس لكي يعيد انتصار السنة الماضية حين فاز بجائزة أفضل عرض عن مسرحيته ''مغري النجوم''. الجهور والنقاد ينتظرون بفارغ الصبر المسرح الجهوي الجديد لسكيكدة ولهم في ذلك حجة مقنعة هي أن هذا العمل وعنوانه ''عام الحبل'' هو من إخراج الممثلة المعروفة صونيا التي فازت السنة الماضية بجائزة أحسن إخراج. وللتذكير فقد تدعمت المسارح الجهوية في السنتين الأخيرتين بفتح مسارح أخرى في قالمة وسكيكدة وأم البواقي ومعسكر. وربما وجب التوضيح هنا أن تعبير ''المسارح الجهوية'' هو من قبيل الاصطلاح فقط إذ لا توجد فروق عملية على أي صعيد بينها وبين المسرح الموسوم بالوطني. وحسب أمحمد بن قطاف مدير ''المسرح الوطني'' فإنه يعمل جهده للتشجيع على إنشاء مؤسسة مسرحية جديدة ذات طابع وطني تكون لها أهداف ووسائل عمل غير تلك التي تتوفر عليها المسارح الجهوية ومن ضمنها ''المسرح الوطني'' الحالي الذي سيتحول عندها إلى مسرح جهوي لمدينة الجزائر. ينتظر الجمهور والنقاد بكثير من الفضول أعمال المسارح الجهوية الجديدة الأخرى مثل ''كاف النمر'' لأم البواقي و''العقد'' لقالمة و''الحومة المسكونة'' لمعسكر. ومن المنتظر أن تكو المنافسة حارة بين الفرق ال 14 المشاركة للفوز بإحدى جوائز المهرجان ال 10 أو أكثر التي ستوزع في سهرة الاختتام المقررة في 7 جوان القادم. ولعل المشاركين في الطبعة السابقة لا يزالون يتذكرون الجدل الذي أعقب الإعلان عن جوائز السنة الماضية. البرنامج خارج المنافسة يضم مشاركة 9 فرق جزائرية و10 فرق أجنبية منها 8 فرق عربية وفرقة من إفريقيا الوسطى وأخرى فرنسية علما أن البرنامج خارج المنافسة سينشط فضاءات أخرى في الجزائر العاصمة ( قاعة حاج عمر قاعة الموقار قصر الثقافة مفدي زكريا) وكذا بعض الولايات القريبة بينما تكون خشبة المسرح الوطني مخصصة للأعمال المتنافسة. مصر ستكون حاضرة هذه السنة ب ''البروفة الأخيرة'' لفرقة ''البيت الفني للمسرح'' وتونس ب''زريعة إبليس'' لفرقة ''فن الضفتين''. وبالنظر لثورتي ''الياسمين'' و ''ميدان التحرير'' فإن هذين العملين سيكونان محل تعاطف أكيد. هناك أيضا فرق قادمة من المغرب العراق الأردن سورية وفلسطين. ويتضمن برنامج المهرجان تنظيم ملتقى حول النقد المسرحي من 28 إلى 30 ماي وكذا 11 ورشة حول فن المسرح بالإضافة إلى فتح فضاء حول الفنون التشكيلية وفضاء لتوقيعات الكتاب وآخر لفن الكلام هناك طبعا سلسلة الاحتفاءات التقليدية لتكريم وجوه مسرحية مخضرمة جزائرية وعربية. الجديد هذه السنة هو تنظيم تظاهرة إبداعية تحمل عنوان " الشعر في ضيافة المسرح" حيث سينشط ليالي الشعر الثلاث المهداة إلى روح كل من أبي القاسم الشابي عبد الله الركيبي وعبد الله بن كريو العديد من الأسماء الجزائرية والعربية منهم أزراج عمر الطيب لسلوس(الجزائر) هيام يارد (لبنان) إدريس علوش (المغرب) وغيرهم. المهرجان الوطني للمسرح المحترف تأسس سنة 2005 بقرار من وزارة الثقافة وحددت له مهام تتمثل في تشجيع وتطوير فنون المسرح الوطني من مختلف الجوانب الإبداعية تشجيع التجارب الرائدة والأبحاث في مجال المسرح تنظيم لقاءات في مختلف مجالات المسرح وتطوير المنافسة المبدعة بين رجالات المسرح حسبما نصت عليه وثيقة التأسيس. وعهد بتنظيمه إلى محافظة دائمة يقودها مدير المسرح الوطني ويتوفر على هيكل إداري مستقل وعلى ميزانية ثابتة من وزارة الثقافة. وقد لعب هذا المهرجان إلى جانب المهرجانات الأخرى الوطنية والجهوية في ميادين الفنون والإبداع دورا حاسما في عودة الثقافة إلى الانتشار بعدما تغيبت طوال العشرية الأخيرة من القرن الماضي.