أكد المدير العام للديوان الوطني لمكافحة المخدرات و إدمانها السيد عبد المالك سايح اليوم أن الجزائر بدأت تشهد نقلة نوعية من زراعة محتشمة للقنب الهندي إلى محاولات لزراعة الأفيون، و أعرب السيد سايح في ندوة صحفية بمركز الشعب للدراسات و الإستراتيجية حول المخدرات في الجزائر و آثارها الجيوستراتيجية عن قلقه لكون الجزائر متجهة أكثر الى بلد مستهلك للمخدرات بحكم تواجدها كمنطقة عبور وأنها أصبحت تشهد نقلة نوعية من زراعة محتشمة للقنب الهندي إلى محاولات لزراعة الأفيون. وأعرب السيد سايح عن استيائه لهذا الوضع مضيفا أن ظاهرة المخدرات تعد خطر محدق يحل بالجزائر داعيا إلى ضرورة تضافر الجهود للتصدى لهذه الظاهرة والحد منها لكونها تضرب الشباب. وأبرز أن الوضع الحالي لظاهرة المخدرات في الجزائر أصبح خلال السنوات الأخيرة يشكل خطرا حقيقيا و يشهد تطورا سريعا مشيرا إلى أن الجزائر تعد فضاء واسعا مستهدفا من قبل شبكات التهريب في العالم لكونها بوابة إفريقيا نحو أوروبا. وأضاف أن كمية القنب الهندي المحجوزة بالجزائر سنة 2009 بلغت أزيد من 74 طنا في حين أن هذه الكمية من الحجز انخفضت الى 26 طنا سنة 2010 مرجعا سبب الإنخفاض في الكميات المحجوزة إلى الرقابة المشددة من طرف مصالح المكافحة. وأشار الى أن القنب الهندي يعد نوع المخدرات الأكثر إستهلاكا بالجزائر علما أن الجار المغربي يعد أكبر بلد منتج للقنب الهندي في العالم بنسبة 60 بالمائة بحيث يمر جزء من هذا الإنتاج عبر الجزائر باتجاه أوروبا. ومن هذا المنظور أوضح أن تفاقم ظاهرة الإدمان بالجزائر و تزايد عدد المدمنين ناتج عن انخفاض الطلب لهذه المادة في أوروبا و بالتالي تسعى شبكات مختصة لترويج القنب الهندي إلى نشرها في السوق الجزائرية. وأضاف ذات المسؤول أن الجزائر أصبحت تعرف أيضا رواجا محتشما للكوكايين و الهيرويين، و في هذا الصدد أكد السيد سايح على المجهودات الجبارة التى تبذلها الجزائر في مجال المكافحة من حيث توفير الإمكانيات الوقائية و الوسائل الطبية لعلاج المدمنين و كذا الإجراءات القانونية و الردعية لمحاربة آفة المخدرات. و في نفس السياق أكد أن الجزائر جندت أموالا معتبرة في مكافحة المخدرات وضحت ب 18 عنصر من رجال مصالح المكافحة على الأقل الذين توفوا أثناء أداء مهامهم في القضاء على ظاهرة المخدرات مذكرا أن الجزائر أمضت عدة اتفاقيات دولية في مجال المكافحة. ولدى تطرقه إلى النتائج التى توصل إليها التحقيق الوطني الوبائي الأخير حول المخدرات بالجزائر ذكر أن ما بين 250.000 و 300.000 شاب و شابة تتراوح أعمارهم ما بين 12 و 35 يستهلكون المخدرات منهم 5 بالمائة فتيات و95 بالمائة ذكور. ولدى تطرقه إلى المجهودات المبذولة في التكفل بالمدمنين أكد السيد سايح أن 42.000 مدمن تمت معالجتهم خلال السنوات الأخيرة بالمراكز المتخصصة التابعة لوزارة الصحة من بينهم 11.234 مدمن سنة 2010، و في هذا الإطار أعرب السيد سايح عن ارتياحه لما تم تحقيقه من برامج العلاج مؤكدا عن مشاريع إنجاز مراكز جديدة للعلاج و نزع السموم قريبا. وفيما يتعلق بالقضايا المتعلقة بالمخدرات التى قدمت أمام العدالة بالجزائر أوضح أن عدد الأشخاص المحكوم عليهم سنويا يفوق 20.000 شخص من بينهم 4.000 مروج وأزيد من 16.000 مستهلك داعيا إلى تشديد العقوبات على المروجين. ولمواجهة هذه الظاهرة الخطيرة أكد السيد سايح أن الديوان بصدد إعداد استراتيجية وطنية ثانية 2011-2015 لمكافحة المخدرات و الإدمان لتكون بمثابة ورقة الطريق حول الإجراءات الوقائية في مكافحة هذه الآفة. وتشمل هذه الإستراتيجية مختلف الدوائر الوزارية و القطاعات والأطراف والمصالح المعنية بمكافحة المخدرات بحيث سيكون برنامجها مرفوقا بتقارير سنوية حول الإنجازات المحققة في مجال المكافحة، وترتكز الإستراتيجية على وضع آليات إعلامية محكمة قائمة أساسا على إجراءات توعوية وتحسيسية حول ظاهرة المخدرات و آثارها السلبية على الفرد والمجتمع وذلك على مستويات. و من هذا المنظور دعا السيد سايح مختلف المساجد عبر التراب الوطني إلى تخصيص مواعض و دروس توعوية لفائدة المواطنين عموما والشباب على وجه الخصوص. و بما أن ترويج واستهلاك المخدرات في تطور مستمر بالجزائر أصبح من الضروري يقول السيد سايح تدخل المواطن في مكافحتها عن طريق التبليغ وإيصال المعلومات لمساعدة مصالح المكافحة. و لهذا الغرض أعلن السيد سايح عن مشروع إنشاء صندوق خاص بمكافئة المواطنين الذين يبلغون عن المروجين أوالمستهلكين في الأحياء بغية التمكن من الحد منها وحماية الشباب من مخاطرها. و على الصعيد الدولي أشار إلى أنه تم تسجيل 210 مليون مستهلك للمخدرات في العالم أي بنسبة 4 بالمائة من مجموع سكان المعمورة مدمنين على المخدرات من بينهم 34 مليون في إفريقيا وأن القنب الهندي هو المخدر الأكثر انتشارا تليه المؤثرات العقلية، وأشار السيد سايح إلى وجود ترابط تام بين الإتجار بالمخدرات و مختلف أشكال الجريمة المنظمة في العالم.