خلية التنسيق بين الأجهزة الأمنية نجحت في إحباط مخططات "القاعدة" أفضت التدابير الأمنية التي اتخذتها أجهزة الأمن بعد الاعتداءات الدامية التي هزت مبنى هيئة الأممالمتحدة بحيدرة ومقر المجلس الدستوري في بن عكنون في 11 ديسمبر الماضي إلى وضع آليات جديدة تضمن السيطرة الكاملة لأجهزة الأمن على مصادر التهديدات الإرهابية في العاصمة الجزائر بعد حالة التراخي التي عرفتها الجزائر بداية العام الماضي والتي سمحت لعناصر تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" من التسلل إلى العاصمة عدة مرات وتنفيذ الاعتداء الدامي الذي استهدف قصر الحكومة. ولحد الساعة ترفض المصالح المعنية الكشف عن نوعية التدابير التي وضعت ولكن مصدرا تحدث ل "النهار" أوضح بأن الأمر يتعلق أساسا "بمنهجية عمل" و"نشر متوازن لقوات الأمن في الميدان" و"تعزيز تواجد أجهزة الأمن في كل المحاور والطرقات" إضافة إلى استغلال أفضل للمعلومات المتوفرة عن تحركات الإرهابيين. وقد أثبتت سلسلة التوقيفات التي قامت بها أجهزة الأمن في غضون الأيام الماضية فعالية آلية التنسيق التي استحدثت مؤخرا والتي أفضت إلى توقيف عنصر هام في تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" المدعو "أبو أسامة" المعروف أيضا باسم "صحراوي" المكلف بالإعلام في "كتيبة النور" التي تنشط بمدينة تيزي وزو بمنطقة الوسط. وقد تم توقيف هذا العنصر المسلح المهم في المخطط الإرهابي المتعلق بالعمليات الانتحارية خلال تنقله بين أحياء الجزائر العاصمة ضمن هذا المسعى الإرهابي يوم الثلاثاء 8 أفريل الجاري وبعد ثلاثة أيام وفي ساعة متأخرة من مساء الجمعة تمكنت أجهزة الأمن بعد بحث مكثف من توقيف المدعو "مصعب أبو شهادة" من "سرية الأرقم" وهذا خلال تجواله بالعاصمة ضمن مهمة لتنفيذ اعتداء انتحاري وقد أوقف في عملية استعراضية كبيرة شنتها أجهزة الأمن وفي توقيت مدروس لتجنب إثارة الرعب في أوساط السكان. وجاءت هذه التوقيفات الناجحة لأجهزة الأمن بالتزامن مع تراجع قياسي لعدد المجندين ضمن صفوف "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" منذ بداية العام الجاري بسبب نجاح أجهزة الاستعلامات بما في ذلك مصالح الاستعلامات العامة التابعة لمصالح أمن ولاية الجزائر في رصد جيوب التجنيد في الأحياء الشعبية للعاصمة. كما حققت مصالح الأمن العمومي سيما فرق وسرايا الطرقات للشرطة والدرك الوطني تقدما محسوسا في التعامل مع البلاغات التي تصدرها أجهزة الأمن بشأن السيارات المشبوهة حيث أصبح بالمقدور الآن توقيف السيارات المشبوهة في زمن قياسي على الأقل ضمن نطاق العاصمة الجزائر وهو ما لم يكن متوفر سابقا. وأفضى التنسيق المشترك للشرطة والدرك الوطني تحت مظلة جهاز الأمن إلى مراجعة شاملة لمناهج العمل بشكل عزز القناعة في صفوف ناشطي تنظيم "القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي" من أن الذي يرسل في مهمة إلى العاصمة ولو بقصد الاستطلاع فإنه يقوم بمهمة انتحارية لأن توقيفه سيكون في غضون ساعات قليلة حسب ما أفاد به "تائب" لأجهزة الأمن. كما سجلت المصالح المعنية بتلقي المكالمات الخاصة بالتبليغ عن الأشياء المشبوهة، "الرقم الأخضر الخاص بمكافحة الإرهاب"، تحسن نوعية المكالمات وتوفير معلومات دقيقة حتى عن الأشياء المشبوهة كما تراجعت نسبة المكالمات "المزعجة" الصادرة عن الأطفال وهو مؤشر لافت على رغبة سكان العاصمة في المساهمة في شل كل العمليات التي تهدف إلى إراقة دماء الأبرياء. وتتزامن هذه التطورات التي توصف ب "الهامة" و"المشجعة" مع تصاعد الشعور بالذنب لدى قيادات التنظيم المسلح الذين ركن الكثير منهم إلى الصفوف الخلفية بسبب رفضهم تزكية القتل العشوائي للأبرياء في الساحات العامة. وبسبب هذه المخاوف لجأ التنظيم المسلح في أخر إصداراته "ظلال السيوف" إلى بث مشاهد لبعض الاعتداءات الإرهابية التي تستهدف مراكز الأمن والشرطة وفي كل مرة يعمد التنظيم المسلح إلى التأكيد بأن الهدف ليس قتل الأبرياء وهو ما يؤكد شهادات "التائبين" بشأن التأثير الكبير لمرجعيات التنظيم المسلح على أمير التنظيم أبو مصعب عبد الودود بشأن رفض منهج القتل العشوائي والذي يتبناه حاليا بعض قدماء "الجماعة الإسلامية المسلحة" الجيا الذين عينوا في مراكز القرار ضمن التنظيم المسلح بعد ترجيح خيار القتل الجماعي في الساحات العامة وهو الخيار الذي كان ل "الجيا" السبق إليه منتصف التسعينات رغم رفض علماء التيار السلفي لهذا المنهج المعتمد من طرف الخوارج عبر تاريخ الإسلام.