السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته أما بعد: إخواني القراء أنا فتاة نشأت في بيئة تمارس السحر والشعوذة، كانت والدتي رحمها الله تعتقد أيما اعتقاد في الخزعبلات والخرافات، وتذهب بصفة مستمرة إلى المعالجين، إذا ما وقعت في مشكلة ما، وكانت تصحبني معها إلى جلسات العلاج، وكثيرا ما كانت تسافر إلى المدن وتنفق الأموال لأجل هذا الغرض. كان ما أشاهده مخيفا، دخانا كثيفا وهمهمات مبهمة وصراخ والدتي، فلم أكن قد بلغت الثانية عشرة من عمري، حتى مررت بموقف لن أنساه في حياتي، استيقظت من النوم فزعة، ربما لأنني رأيت كابوسا أو ما شابه لا أتذكر، على الفور طارت بي والدتي إلى إحدى المدن لحضور إحدى جلسات العلاج التي تحضرها، وعرضتني على المعالج الذي أخذ يهزني بعنف ويتمتم بكلمات مبهمة لا أفهمها حتى سقطت على الأرض. منذ هذه اللحظة ترسخ في ذهني أنني ممسوسة، أصبحت أتردد مع والدتي على المعالجين دون تحسن في حالتي على حد اعتقادهم، وبقيت على هذه الحال حتى بلغت التاسعة عشرة من عمري توفيت والدتي بعدها. شكوت حالي لإحدى صديقاتي، فقالت لي: حالتك لم تتجاوز الهواجس النفسية من أثر الفزع والرعب الشديدين اللذين عايشتهما منذ طفولتك في ظل اصطحاب أمك لك إلى جلسات علاج الدجالين والمشعوذين. لا أخفي أنني كنت أريد استمرار العلاج لإنقاذي من براثن الهواجس المخيفة مع أولئك المشعوذين. فاقترحت علي عمتي السفر إلى مدينة بعيدة للعلاج عند رجل معروف بقدراته الخارقة لعلاج المرضى والممسوسين ومن يعانون من أمراض نفسية، وكان بداخلي ميل شديد لمعرفة قدرات ذلك المعالج ذائع الصيت وتصديق لما سيفعل. ذهبنا إلى هناك ورأيته بثيابه الناصعة البياض ووجهه المريح، قلت في نفسي: بالتأكيد إن هذا المعالج هو الذي سيكون على يديه شفائي، بمجرد أن تحدث معي وجدتني أروي له ما حدث لي وما يصيبني فإذا به يؤكد أنني ممسوسة من جان، وأمسك برأسي بقبضة يده وضغط بشدة. شعرت بالاختناق من الدخان الكثيف الذي ملأ المكان، ثم بدأ في القراءة بكلمات لا أفهمها شعرت بالدوران وعدم الاتزان من شدة قبضة يده على رأسي، وهكذا استمر المشعوذ في علاجي على مدى 5 سنوات كاملة دون أن أستطيع الفكاك منه، حتى عندما أشعر بأن حالتي في استقرار أجده أمامي في أحلامي، ليعيدني مرة أخرى إلى الهواجس، وعندما أتصل به يقول لي إن العلاج يحتاج إلى سنوات أخرى للشفاء التام وكنت أصدق لسذاجتي، وهكذا تم ابتزازي ماديا معنويا ونفسيا على يد هذا المعالج المزعوم، وللأسف كنت أعتبره ملاذي الوحيد للنجاة من حالتي، على الرغم من أن جلساته دائما ما كانت تنتهي بانهياري العصبي وسقوطي مغشيا عليّ. كانت فكرة المس الشيطاني تسيطر علي، لذلك لم أقتنع بالعلاج الذي قرّره لي أطباء الأمراض النفسية والعصبية، فازدادت حالتي سوءا، سافرت مع عمتي لاستكمال العلاج مع ذلك المعالج، لكن في هذه المرة قال لي: إن الجان مستقر في الرحم وبالتالي لن يخرج إلا بمعاشرتي أو منحه مبلغا كبيرا لشراء الأغراض الخاصة للجلسات القادمة حتى يتمكن من إخراج الجان من الرحم، بالطبع رفضت الأمرين وقررت الابتعاد عنه. لكنه نجح في إعادتي لحالة الفزع والرعب، تبدلت شخصيتي تماما وتعاملت مع كل من حولي بأسلوب متعجرف يخالف طبيعتي، فابتعد عني الجميع ولم يتفهم حالتي سوى عمتي وصديقتي وتفهمهما لمشاكلي خاصة بعدما أصبت بانهيار، عندما ساءت حالتي التقيت شيخا تقيا ورعا، فنصحني بالابتعاد عن طريق الدجالين والمشعوذين، ونصحني أيضا بقراءة القرآن والرقية الشرعية، ومن يومها قررت أن يكون القرآن الكريم ملاذي الوحيد، وأن أعتمد على نفسي وإرادتي وليس انتظار شخص يعيد لي الطمأنينة، كما عدت للعلاج النفسي بانتظام وبفضل الله تحسنت حالتي كثيرا. ياسمينة/ سطيف