سيدتي نور، إخواني القراء، قصتي من القصص النادرة، ولكم الحق أن تحكموا عليّ بما يناسبني. نشأت في أسرة محافظة وميسورة الحال، الكل يشهد على أخلاقنا الطيبة وسيرتنا الحسنة، فوالدي و أخي كانا من رواد المسجد لا يفوتهما فرض الصلاة مع الجماعة، وهكذا نشأت في بيت متدين يعرف حق الله وشرعه. عندما بلغت الخامسة والعشرين تزوجت أحد أقاربي، وكان الشاب فرحا بي لجمالي وطيب أخلاقي، حيث أقام لي حفل زفاف رائعا بكل المقاييس أشاد به الجميع، وكانت أجمل ليلة من ليالي العمر. بدأت حياتنا فكانت سعيدة وجميلة، رزقنا الله بطفلين كانا زهرة حياتنا، خمس سنوات أمضيناها معا في سعادة وهناء، لكن القدر أبى أن تستمر حياتنا هكذا، فقرر أن يقضي على سعادتنا ويصيبنا في مقتل أو ابتلاء، ليختبر المولى عز وجل مدى صدق إيماننا وصبرنا، وفي كل الحالات إن الأقدار لا يستطيع أحد أن يعترض طريقها. لقد أصيب زوجي بمرض خبيث، وشعر بأعراضه وآلامه، ولكم أن تتصوروا وقع هذا الخبر عليّ، لا أستطيع وصفه بالقلم، لقد عشنا أياما عصيبة أثناء رحلة العلاج، وكان حزني أشد من حزنه على نفسه، لأنه حبيبي وسندي ولم أعرف حبيبا غيره، ولم أشعر بالأمان إلا معه. المهم أنه قرر الذهاب للخارج طلبا للعلاج بعد أن ودّعنا وسافر، في الوقت الذي كنت أبكي في المطار بحرارة خوفا ألا أراه مرة أخرى أو أنه يأتي إلي وهو في تابوت، يا له من تصور مؤلم وقاتل! رجعت بعد أن لملمت نفسي، وقررت الصبر على قضاء الله، وهكذا مرت ستة أشهر وأنا وحيدة، بعدها تعرفت على شاب أولاني الكثير من الاهتمام وهكذا مرت الأيام، ولعبت دورها في نسج خيوط الشيطان، فتعلقت به وتعلق بي، بل أحببته حبا جعلني أضحي بكل شيء من أجله، وهو الأمر الذي جعلني أهمل تربية أولادي الصغار، حيث لم أستطع التوفيق بينهم وبين هذا الحب الجديد، كما أن هناك عقبة أخرى لا تقل أهمية عما سواها، وهي أنني مازالت على ذمة رجل، فكيف يتسنى لي أن أتخطى كل هذه العقبات وأنا ابنة العائلة المحافظة وعليّ أن أحافظ على سمعتي وسمعة عائلتي ولا ألحق بأهلي العار والفضيحة، فماذا لو علم أهلي بأمري وبأني على علاقة برجل آخر غير زوجي حتما سيقتلونني. عقبات كثيرة تعترض طريقي وتقف أمامي وأمام هذا الرجل الذي أحببته، بحت بما يجول في نفسي له، طرح عليّ فكرة الهرب إلى مكان آخر لنتزوج هناك فاستحسنت الفكرة، لكن العقبة الوحيدة أمامي هي أنني لازلت على ذمة زوجي، فلم يكن أمامي سوى الطلاق منه، وهذا ما حصل فعلا بعد عناء شديد من رفض أهلي وأهل زوجي ولومهم وإسماعي كلاما جارحا. حصلت على الطلاق، أو بمعنى أدق خلعت نفسي من زوجي المريض والذي لا حول له ولا قوة وهو يعالج في الخارج، لكن لا أحد يعلم السبب الحقيقي لطلب الانفصال من زوجي، وكانوا يظنون فقط أنني ناكرة للجميل. عندما زالت هذه العقبة من طريقي وأصبحت مطلقة وحرة نفسي هربت مع من أحب، تاركة ورائي أولادي، تاركة كل شيء وراء ظهري، فانتشر خبري وخبره بين الأهل، فسافر والدي وأخي تداركا للفضيحة للبحث عني كما سمعت من صديقة مقربة لي، فلم يجدوني ولم يعرفوا مكاني أو يستدلوا على عنواني، فحبيبي أمن لنا مكانا لا أحد يعرفنا فيه. بالطبع كانت الصدمة قوية لم يتحملها والدي، حيث آلمه كثيرا هذا الموقف مني، وأمي أصابها الحزن الشديد، فانغلقت على نفسها واعتزلت الناس، وكانت صديقتي المقربة تأتيني بالأخبار أولا بأول، كانت الوحيدة التي تعرف كل شيء عني، فمن الصعب عليها أن تخبر أهلي عن مكاني وتواجدي لأنني أخذت عليها عهدا أن يظل الأمر بيننا سرا، وكان الهاتف هو وسيلة الاتصال بيننا لمعرفة آخر الأخبار. مضت سنة كاملة وإذا بزوجي المريض يعود من رحلة العلاج معافى، فلم يجد الأهل مناصا من إخباره بالحقيقة كاملة، فتحمّل الصدمة وإن كانت شديدة عليه أول الأمر، إلا أنه قرر المضي في حياته وتربية الصغار من دون الالتفات إلى الوراء. مرت الأيام وإذا بي أعود بعد أربع سنوات، حيث تركني من أحببته وضحيت بكل شيء من أجله وطلقني وطردني من بيته، حيث كانت الخلافات بيننا مستمرة. ذهبت إلى بيت أهلي، فطردني والدي وأخي شر طردة، وأنا الآن أنزل ضيفة عند صديقتي، لا أدري ماذا سيكون مصيري غدا سواء مع أهلي أو زوجي السابق أو أولادي بالمستقبل؟ لكني لا ألوم إلا نفسي. حفرت بيدي حفرة عميقة فوقعت فيها، هل سأخرج منها؟ لا أدري، لا يعلم الغيب إلا الله، لكن ما أعلمه وأدركه أن كل إنسان يدفع ثمن أخطائه، وها أنا اليوم سأدفع الثمن مدى الحياة. الهاربة من النعيم إلى جهنم! هذه قصة إنسانة انساقت وراء نزواتها ومغامراتها وخانت الزوج والأهل وتركت الأخلاق وراء ظهرها، وهربت من كل شيء بحثا عن السراب فلم تجد شيئا، فرجعت نادمة خائبة لكم المشاركة في الرد عليها من خلال ركن تفاعلات.