السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد: سيدتي الفاضلة لعلك تستغربين كتابتي لك، نعم فأنا ولله الحمد ليست لدي مشكلة في حياتي، بل أشعر أنّي أسعد إنسان على وجه الأرض، ولكنّي أكتب إليك وأسرد عليك قصتي، لعله تكون فيها عبرة. نشأت في بيت ملتزم وتخرجت من الجامعة تخصص علوم شرعية، وكان المفترض أن أسير على طول خط الإلتزام والدين ولكن. شرعت في البحث عن فتاة أحلامي، حتى أوهمت نفسي بفتاة لم تكن في يوم من الأيام تحبني فامتدت علاقتي بها لخمس سنوات، كانت أحلى أيام عمري. أفقت من تلك الغفلة وابتلاني الله بالأنترنت، والذي عن طريقه حاولت تعويض ما فاتني من أمر تلك الفتاة، فأنا مليء بالعواطف التي عششت في قلبي وأرت إفراغها، وفي اليوم الذي كانت تزف فيه تلك الفتاة إلى زوجها، كنت أتعرف على فتاة أخرى في العالم الوهمي، وبدأ الحديث بالساعات وطوال الليل على الأنترنت، وتعمقت العلاقة ووصل الأمر إلى أنني كنت متيما بذاك الشبح المجهول الذي أحادثه عن طريق الأسلاك، ولم أر وجهه قط، فكان طبيعيا أن أخدع من امرأة تخطى عمرها الأربعين ومتزوجة مرتين، ومع ذلك صوتها الرخيم كان خير دليل على ما زعمت أن سنها لم يتخطى الرابعة والعشرين. انتهت العلاقة وبالطبع ليس عن طريقي، فأنا المتيم العاطفي الموهوم، قابع تحت سلطان امرأة صاحبة التجارب والخبيرة بشؤون الحياة، فكانت تسخر منّي بقولها أنني أريد العيش في جو أغاني العشق، انقطعت عنّي بدون سابق إنذار بلا مقدمات انقطع سلك الأنترنت الذي كان الواسطة بيني وبينها والعجب العجاب أنّي اكتشفت أنّها فعلت نفس الفعل مع شاب آخر والله أعلم كم مرة أقدمت على الفعل نفسه. آه وآه تبا لي من مغفل، علقت نفسي ومشاعري ووقتي وعمري بالأنترنت، قررت بعدها أن أسلك الطريق الصحيح لإفراغ هذه العواطف النفسية والجسدية في آن واحد، عن طريق الزواج المعهود لا الزواج الوهمي، وسألت الله بأن يرزقني الزوجة الصالحة، وبدأت بالبحث وأنا لا أملك المال، ولكن كانت ثقتي في الله كبيرة، مع أخذي بأسباب العمل وطلب الرزق، وفي يوم من الأيام طرق بابي صاحب لي من أيام الدراسة الثانوية، عارضا علي فتاة للزواج - والله شهيد على كلامي - من أجمل وأرق وأنبل وأتقى وأغنى الفتيات، تقدمت ورأيتها واستخرت الله وتوكلت عليه وساعدني والدها في تكاليف الزواج، لانتمائي لعائلة معروفة بالتقوى ودراستي الدينية، وهى الآن أم ابني، زوجتي الحبيبة المخلصة الطيبة التي تحبني وتحترمني وتقدرني، وتحرق نفسها من أجلي وأنا أفديها بروحي وكل ما أملك، تلك هي قصتي وهذه هي زوجتي، لعلي قد أطلت بل حقا أطلت، ولكن كتبت هذه الرسالة وأريد نشرها لأسباب أهمها: -إعلام المتشائمين والقانطين من رحمة الله أن في الحياة أمل، وأن في الدنيا زوجات مخلصات فالخير مازال وفيرا. -إدخال السرور على قلبك أخي القارئ والترويح عنك بذكر رجل سعيد مع زوجته، إلى أقصى أنواع السعادة، بعد أن كاد قلبك أن ينفطر من كثرة ما سمعته من قصص التعاسة والخيانة الخ. -لعل في هذه القصة فوائد في التحذير وخاصة الشباب، من اللهث وراء أفعال المراهقة من الحب وخلافه الخارج عن الإطار الشرعي وهو الزواج. -التحذير من الفتنة الكبرى في هذا العصر، وهي فتنة الأنترنت، وأقصد بالطبع الجانب السيئ فيه وإلاّ ففيه جوانب إيجابية كثيرة، لعل أفضلها هو الحديث إلى أناس أمثالكم. وأخيرا- الدعاء لي بالبركة في المال والزوجة والولد، وأن يتم علي نعمته وعافيته وستره في الدنيا والآخرة والسلام. محمد الصالح قسنطينة الرد: سيدي الفاضل، لقد نويت وعزمت فيسر لك الله طريقك، ومع توبتك عن الذنوب واتصالك بالله وتقربك إليه بالصلوات منّ عليك بالزوجة الصالحة ورزقك بالخير والصلاح، رسالتك تعيد إلينا ضرورة التمسك بالدين والعودة إلى جذوره، وتؤكد على قيمة الإجتهاد ومغالبة النّفس ودفعها عن أهوائها ووضعها على الطريق السليم، طريق الله لأنّه هو السّند والمعين، فقد صدقت مع نفسك ومع ربك، فأكرمك بالزوجة الصّالحة والذّرية التي ستكون إن شاء الله صالحة، ورزقك من حيث لا تدري. وهذا درس لكل الشباب بل وللناس جميعا، نتعلم منه أنّ الخير كله بيد الله، وأنّنا عباد له في أرضه وتحت سمائه ومهما عصفت بنا الدنيا، وغلبتنا تيارات شياطين الإنس والجن، فمآلنا في النهاية إليه، وهو معيننا ورفيقنا، وليس لنا من سبيل إلا هو، ولا من طريق في الحياة بدون الإستعانة به أو التوكل عليه أو الدعاء الخالص له أن يوفقنا ويسترنا ويتوب علينا. إن ما أنت فيه الآن، هو خير الجزاء الذي يوافيه الله للمتقين، وجوائز كثيرة من جوائز السماء التي تنهال على المؤمنين المتقين، فأبشر سيدي الفاضل، واعلم أن هذه لن تكون نهاية الجوائز، فأول القطر غيث ثم ينهمر، تفاءل واعلم أنك طالما اعتصمت بالله فقد نلت خير الدنيا والآخرة، أسأل الله أن نكون والقراء جميعا منهم، ودعائي لك ولكل الشباب بالصحة والبركة في الرزق والمال والولد، وأسأل الجميع الدّعاء لك بمزيد من التوفيق والنجاح إن شاء الله. ردت نور