في سابقة من نوعها وفي الوقت الذي سجل فيه عزوف بعض العائلات الجزائرية عن إقامة الشعائر الإسلامية سواء من باب ضعف القدرة الشرائية أو الاستغناء عن هذه السنن الحميدة، يحاول المجتمع الأصفر'' أو ما يعرف ''بالشناوة'' الاندماج في القارة السمراء إلى ابعد الحدود ومساراة أحكام الشريعة الإسلامية فضلا عن التأقلم مع طبيعة الفرد الجزائري و تقليد ابسط عادته، حيث أصبح الصينيين المتواجدون بالجزائر ينحرون الأضاحي شانهم في ذلك شان معظم الجزائريين وذلك رغم اختلاف الديانة. بعد أن حاول بعض ''الصينين'' ممن قصدوا الجزائر بدافع العمل، توطيد علاقاتهم بالمجتمع الجزائري من خلال السعي إلى الاقتران بفتيات جزائريات وتكوين اسر تسهل لهم الاستقرار في بلادنا، في الوقت الذي اخذ فيه البعض الأخر يندمج بسرعة مع تقاليد وعائدات العائلات الجزائرية و ما تمليه أحكام الشريعة الإسلامية، بما في ذلك إقامة الركن الثالث من فرائض الإسلام والمتمثل في صيام شهر رمضان، سجل في الآونة الأخيرة إقدام ''الشناوة'' على ذبح أضاحي بمناسبة عيد الأضحى المبارك، وهي الظاهرة التي وقفت عندها ''النهار '' في عدد من بلديات العاصمة على غرار القبة و بني مسوس، والتي لم تقتصر فقط على الشريحة الغنية من المجتمع الصيني بل طالت الطبقة الكادحة منها. فلم يعد مظهر الصينيين المستقرين في الجزائر، ينطوي في شكل عمال البنايات و المشاريع الضخمة، أو في صورة بائعي الملابس و الأغراض المستوردة من بلدهم، أو حتى بائعي ''حشيش مقطفة'' و لوازم تحضير الأطباق الجزائرية المحضة خلال الأعياد و المناسبات الدينية كشهر الصيام، بل تعدى ذلك ليجسد صورة كاملة عن عائلات قررت الانخراط في المجتمع الجزائري و أتباع تقاليده مع مشاركته أفراحه وأحزانه، كما هو الحال بالنسبة لعائلة صينية متكونة من أربعة أفراد تقطن بحي المنظر الجميل ببلدية القبة، والتي تعودت على تسجيل حضورها في جميع المناسبات التي مرت بها الجزائر خلال السنوات الأخيرة، بما فيها تأهل الفريق الوطني إلى نهائيات ماس العالم الفارط، حيث حرصت في كل مرة على تشجيع محاربي الصحراء والخروج إلى الشارع بجانب المناصرين الجزائريين للاحتفال بأي نتيجة يتم تحقيقها من قبل أبناء الشيخ سعدان، غير أن والد كل من ''يوليه'' و''جينون'' لم يكتفي بمشاركة الجزائريين أفراحهم بل عكف خلال السنتين الأخيرتين على مشاركتهم بعض الشعائر الدينية التي لطالما ارتبطت بالشريعة الإسلامية، فككل سنة، يقدم الوالد على غرار أي رب أسرة جزائرية، على شراء ''كبش العيد'' قبل بعضة أيام عن وقوف الحجاج بعرفة، و ذلك لإدخال الفرحة والبهجة في نفوس أبنائه الذين يقظون الأيام الأخيرة في اللعب مع ''الأضحية'' شانهم في ذلك شان جميع الأطفال، إلى أن يحل يوم العيد، حيث يلجؤون فيه إلى احد الجيران ممن يتقنون الذبح وفقا لأحكام الشريعة. الظاهرة لم نسجلها عند العائلات أو الأشخاص الميسورين فقط، بل شملت عمال ورشات البناء في عدد من البلديات الغربية للعاصمة، بحيث قام عدد من العمال الصينيين بورشة بناء 800 وحدة سكنية بمزرعة بن حدادي، بنحر أضحية العيد مثلهم مثل كل الجزائريين المسلمين، دون أن يعتنق هؤلاء العمال الصينيين دين الإسلام في محاولة منهم للاندماج وسط المجتمع الذي يعيشون فيه، فبعدما أتقن هؤلاء اللغة العربية وكذا تقاليد جزائرية أصبحوا كذلك يتقربون من الجزائريين بتقليدهم في سنة النحر التي لا تمت لصلة لهذا المجتمع الأصفر، وقد اجتمع عدد من العمال الصينيين صبيحة عيد الأضحى في ورشة البناء التي ينامون فيها لينحروا ضحية العيد وسط ذهول عدد كبير من الجزائريين الذين استغربوا هذه '' الخرجة الجديدة''.