كشف بشير جريبي رئيس النقابة الوطنية للوكالات السياحية، أن المؤشرات الراهنة في إطار التحضير لرحلات الاحتفال بمناسبة رأس السنة، تنبئ بنهاية كارثية لم يعرف لها مثيل سابقا، بسبب الأوضاع التي أملتها مجموعة من الظروف، ميزتها تراجع القدرة الشرائية للمواطن من جهة وتوتر الأوضاع الأمنية في عدد من الوجهات المقصودة بكثرة من قبل الجزائريين، فضلا عن تورط بعض ''البزناسية'' في خلق نوع من المضاربة في أسعار تذاكر الرحلات الجوية. الأمر الذي بدا يمهد و يواجه أصحاب الوكالات السياحية هذه السنة، حسب جريبي، صعوبة في تسويق المنتوج الذي يلبي احتياجات الزبون الجزائري بمناسبة احتفالات رأس السنة، سواء من حيث التكلفة أو تأمين سلامته، موضحا في اتصال مع ''النهار'' أمس؛ أنّ الوضعية الحالية لازالت تشوبها الكثير من الشوائب وليست واضحة بعد، نظرا إلى تقلص عدد الوجهات الأجنبية التي يمكن أن يقصدها المواطن الجزائري على عكس السنوات الماضية، حيث كانت العروض متنوعة بين تونس، المغرب وتركيا. وأرجع رئيس النقابة الوطنية للوكالات السياحية مرد هذا الانسداد، إلى توتر الأوضاع الأمنية في عدد من دول الجوار، على غرار تونس التي تبقى الوجهة الأولى لآلاف الجزائريين خلال هذه الفترة، نظرا إلى الأسعار التنافسية التي تقترحها، فضلا عن إمكانية التوجه إليها برا وباستعمال السيارات الخاصّة، ممّا يخفض التكلفة الإجمالية للسفر ويفتح الباب واسعا أمام الشريحة البسيطة أو ''القليل'' من الاستفادة بهذه العروض، وهو الأمر الذي لا يمكن ضمانه هذه السنة يضيف -جريبي- بعد الأحداث التي شهدتها تونس مطلع السنة الجارية فضلا عن توتر الأوضاع حاليا بليبيا، عقب تصفية الزعيم الليبي معمر القذافي، ممّا يجعل من السفر عن طريق البر أمرا لا يخلو من المخاطر. وإذا كان العامل الأمني أكبر عائق يرهق أصحاب الوكالات السياحية في تسويق الوجهة التونسية، فإن الأمر يختلف على حد رأي جريبي بالنسبة لكل من المغرب و تركيا، بحيث يتغلب العامل المالي والقدرة الشرائية هذه المرة على باقي العراقيل، خاصة أن التنقل إلى هذه البلدان لا يكون إلا عن طريق الرحلات الجوية، مما يضاعف تكلفة السفر والتي تبقى بعيدا عن مستطاع القدرة الشرائية للمواطن الجزائري، فعلى سبيل المثال يتراوح سعر تذكرة السفر نحو المغرب في حدود 4 ملايين سنتيم دون احتساب قيمة الحجز التي لا تقل هي الأخرى عن 4 ملايين أخرى لأقل من أسبوع، الأمر الذي يقلص من شريحة الأشخاص الذين يمكنهم تحمل هذه المصاريف، والتي تضيق نسبتها أكثر يضيف جريبي عندما يتعلق الحديث بتركيا، والتي أكد بشأنها أن معظم تذاكر الرحلات قد نفذت قبل أزيد من شهر عن تاريخ الاحتفال، متهما في هذا السياق من وصفهم ب ''البزناسية'' الذين سارعوا إلى احتكار ما توفر في السوق من تذاكر، لخلق نوع من المضاربة، ورفع الأسعار التي لن يقل سعرها عن 8 ملايين سنتيم ونصف. في اجتماع مع إطارات إدارة الديوان الوطني الجزائري للسياحة ''السياحة الإستقبالية'' رهان الجزائر تحضيرا لاحتفالات رأس السنة تزامنا و''الثورات العربية'' علمت ''النهار'' من مصادر مطلعة، أن وزير السياحة والصناعات التقليدية إسماعيل ميميون، اجتمع نهاية الأسبوع بإطارات إدارة الديوان الوطني الجزائري للسياحة، لإعادة ضبط الخطوط العرضية لورقة طريق المجمّع خلال الأيام القادمة، اعتمادا على إعادة بعث نشاط السياحة الاستقبالية وإحياء الوجهة الجزائرية، تزامنا مع التحضير لإحياء احتفالات عطلة نهاية السنة الميلادية، حيث ينتظر استقبال عدد هام من السياح، في ظل التوترات التي تمر بها الدول المجاورة في إطار أحداث الربيع العربي. وأكدت مصادر مطلعة من مبنى الوزارة، أنّ المسؤول الأول عن القطاع، عقد يوم الخميس المنصرم، لقاء مطولا جمعه بإطارات إدارة مجمّع الديوان الوطني الجزائري للسياحة ''لونات''، بعدما تم استرجاع الوصاية على هذا الأخير مطلع أواخر سبتمبر المنصرم، خصه لتسيير عملية إعادة هيكلة وتأهيل الديوان، بعدما استفاد هذا الأخير من غلاف مالي يقدر بملياري دينار في إطار عملية إعادة التأهيل والعصرنة للمنتجعات السياحية العمومية التي باشرتها الحكومة الصائفة الماضية، حيث سيوجه هذا المبلغ لترقية المرافق والهياكل القاعدية للديوان، على غرار الفنادق والمنتجعات وحتى مراكز الراحة والاستجمام التابعة له، فضلا عن تجديد حظيرة المركبات التي تضم الحافلات والسيارات المستعملة في إطار الرحلات السياحية المنظمة والموجهة للتأجير والكراء. وتناول جدول أعمال الاجتماع -حسب نفس المصدر- وضع الخطوط العريضة لتوظيف هذه المبالغ وكيفية استغلالها في سياق بعث ''السياحة الاستقبالية'' من جديد، على ضوء العراقيل والصعاب التي تواجه الديوان الوطني للسياحة بسبب الوضعية الكارثية التي ورثها في السنوات الأخيرة والتي ميزها ركود شبه تام والاقتصار على تنظيم رحلات الحج والعمرة دون السعي إلى ترويج الوجهة الجزائرية أو التعريف بالمناطق السياحية الوطنية، حيث أمر إسماعيل ميمون في هذا السياق، بتوجيه كامل جهود ''لونات'' نحو تسويق المنتوج الوطني والعمل على استقطاب الرعايا الأجناب وتحفيزهم على زيارة البلاد، عوض الاكتفاء بتنظيم شعائر العمرة والركن الخامس من فرائض الإسلام، مشددا في نفس الوقت على إعادة إحياء المهام الرئيسية التي أنشئ من أجلها الديوان الوطني للسياحة، نظرا إلى دوره الاستراتيجي في تطوير ديناميكية الساحة الوطنية والدولية باعتباره المشرف على تصميم مجموعة واسعة من المنتوجات التي يتم تقديمها لجولات السياح الأجانب والمحليين في جميع أنحاء البلاد، من فروعه ال 31 وأسطول حظيرته.