الجزائري بطبعه يحب وطنه ويحب الاستقرار العائلي ولا يحب العمل لدى الغير من الأجانب وخاصة الفرنسيين، لكن الأحداث المأساوية التي مرت بها الجزائر بداية من مطلع التسعينيات غير العادة والمتعرف عليه و جعلت الكثير من إطاراتنا المقتدرة التي تخرجت من مدارسنا وجامعاتنا تفكر في الهجرة إلى خارج الوطن بحثا عن الأمن والاستقرار وأيضا عن المرتب والظروف الاجتماعية المريحة ، وقد كان هذا كله بداية هجرة منظمة شملت كل القطاعات دون استثناء ،بدء بالجامعة والإعلام وقطاع المحروقات وانتهاء بالرياضة والطب ،هذا الأخير الذي يعرف قطاعه استنزافا كبيرا وهجرة تكاد تكون غير شرعية خاصة إلى فرنسا بحكم عامل اللغة..؟ الجزائر اليوم هي في أمس الحاجة إلى هؤلاء الإطارات الطبية بمستشفياتنا المريضة بل والمشلولة، فكيف السبيل إلى إعادتهم إلى أرض الوطن ،وهذا حتى يردوا على الأقل الجميل لأبناء هذا الوطن الذين درسوا بأموالهم ،حيث صرفت الدولة الكثير عليهم ،وليستفاد منهم في آخر المطاف دولة أخرى لم يكن لها دورا في تعليمهم وتكوينهم ،وكأن جامعاتنا بات مختصة في التكوين للآخرين.. ! الدولة دفعت الكثير من أجل التكوين والتعليم في جميع مراحله ، ولكن الغريب أننا لا نستطيع الاحتفاظ بإطاراتنا ببلادنا ، قد يكون لذلك في نظري لعدة أسباب ، أهمها التهميش ،وعدم وجود بيئة للبحث العلمي ،وأيضا الأجرة الزهيدة التي يتقاضاها الإطار والأستاذ والباحث الجامعي الحقيقي . إلى جانب عدم إشراك الجامعة في قضايا البلد الاقتصادية والسياسية والاجتماعية ، مهما أوحى للجامعي وأنه مجرد رقم في سلسلة عمال مهنيين يتقاضون أجرة مقابل ساعات حراسة ودردشة في قاعات ومدرجات ملحقات تسمى للأسف بالجامعات..؟ لاشك أن الوضع العام والبيئة العلمية والثقافية والإعلامية والسياسية،في وضع لا يساعد على الإبداع أو العمل بقلب متفتح وعقل نشط ، لكن ذلك لا يعني أن نتخلى عن وطننا وهو في أشد الحاجة إلينا فلواجب يحتم علينا رد الجميل ..؟!