الوقوف على الأطلال والتغني بأمجاد العرب وكيف كانوا وما فعلوا وما قاموا به من بطولات ،وأنهم زيادة على ذلك كانوا أسياد العالم وأنهم مضرب المثل في الشهامة والكرم وأنهم عندما يجد الجد لا يشق لهم غبار،والقيل والقال عندهم ينتهي كل هذا يمكن أن يقبل ويعد ممكنا في هذا الوجود الذي لم يعد فيه مكانا للضعيف الذي لا يضمن قوت يومه ،والتي كما نعرف أن العرب من أكبر مستوردي ما يأكلون وأيضا ما يلبسون ،فكيف نصدق أننا أمة حقا لهم باعها بين الأمم والشعوب الشرقية والغربية والتي بنت حضارتها ومدنيتها حجرا حجرا إلى غاية ما وصلت إليه من التقدم والرقي والاكتفاء الذاتي في ما هو أساسي وضروري ،من غير أن تمد يدها في ذل للغير سواء ساعدوها أو منعوا عنها ما طلبته وخاصة الغذاء والدواء..! فهل يحق من يمد يده سائلا أن يتغنى بماضيه شعرا ويتمايل طربا ،وكأنه يعيش أطوار ألف ليلة وليلة بعيدا عن واقعه المر الذي لا يحسد عليه ،أظن أن عاقلا يحترم نفسه ووضعه لا يقبل ذلك..؟ كل هذه النكسات الحضارية والتحديات التاريخية التي تواجه الأمة العربية من قبل الغرب وصنيعته إسرائيل ،ومازال هناك من يقبل بوضع "أعطه ألف دينار يا مسرور" جزاء وفاقا لما قاله في مدح الأمة و فلان أو علان ،وقد يكون العكس فيصبح مطاردا في كل مكان لا أحد يؤويه ،بعد أهدر دمه بين القبائل"أضرب عنقه يا مسرور"..! فمسرور هذا حاضر في كل مكان وزمان وله في عرس قرص وهو سيف الله المسلول الذي يقاتل به السلطان وبه يقاتل هؤلاء الشعراء الذي خدروا أمتهم بأحلامهم الوردية التي لا تحيي ولا تميت،وإنما هي أضغاث أحلام لا علاقة لها بحالة الشعوب العربية الاجتماعية والسياسية والتي في غالبها تعيشا أوضاعا مزرية من القرون الوسطى كان قد مرت بها القارة العجوز أوروبا..!؟