أكد "عبد الحكيم عويدات"، رئيس الفدرالية الوطنية للوكالات العقارية أن هذه الهيئة تحضر لقانون ينظم مهنة الوكيل العقاري، ويحدد حقوقه وواجباته، وذلك بهدف ضمان تسيير أحسن. في البداية، هل يمكنكم أن تقدموا لنا لمحة عن واقع سوق العقار في الجزائر؟ سوق العقار يعاني من مشاكل حدث ولا حرج عنها، وفي الحقيقة منذ الاستقلال إلى يومنا لم يكن هناك سوق، فقد كانت كل الأملاك تابعة للدولة، وفي الثمانينات وبداية التسعينات، كان نوع من السوق، فبعد صدور قانون سنة 1981 بدأت الناس تملك، وبعد ذلك التحرر القانوني أصبح بإمكانهم البيع،الشراء والإستئجار، وهنا بدأ يخلق السوق، ولكنه ليس سوقا بمفهومه الدقيق، لأن السوق له مفهوم واسع ولا بد أن تكون له ضوابط وأناس مختصون ينشطون في الميدان، كلها أمور لابد أن تكون حاضرة، لأننا انتقلنا من اقتصاد إلى آخر، ولكن في المرحلة الانتقالية لم يكن هناك تنظيم دقيق. السوق من المفروض أنه يضبط العرض والطلب، ولكن من الاستقلال إلى يومنا، هناك صعوبة في عملية ضبط العرض والطلب على السكنات، خاصة وأننا نعلم أنه وبعد خروج الاستعمار لم يترك حظيرة عقارية كبيرة، والدولة ومع إمكانياتها القليلة أنذاك لم تستطع مجابهة الزحف الذي كان من الأرياف إلى المدن الكبرى ومنه زاد الطلب وارتفع ليتضاعف بثلاثة أضعاف خلال العشرية السوداء، أين كان الناس يفرون إلى المدن. ما هي المعايير التي تتحكم في أسعار العقار؟ الأسعار تخضع دوما إلى طريقة البناء ومواده، المساحة وعدد الغرف، وجود الضوء، إضافة إلى باقي الامتيازات التقنية الأخرى. عادة ما يعلن الناس عن مبالغ غير التي يشترون أو يستأجرون بها، ما تعليقكم على هذا؟ الثمن الحقيقي يفوق ما بين 30 إلى 40 بالمئة من الثمن المصرح به، ولكن نحن كفدرالية في 2007 قدمنا اقتراحا كتابيا حتى يتمكن المواطن من التصريح بالمبلغ الحقيقي الذي اشترى أو باع به، وعليه قدمنا حلولا تتمثل في إرجاع النسب الحقيقية للعقار من خلال إلغاء الضرائب، وهذه المهمة تقع على الوكلاء العقاريين من أجل الرفع من الحظيرة العقارية، ومن هنا يصبح المواطن لا يستطيع أن يصرح إلا بالثمن الحقيقي للشقة. ما ردكم على أصابع الاتهام التي تتجه إلى وكالات عقارية بأنها السبب في ارتفاع أسعار العقار؟ في الحقيقة، هناك أناس لا علاقة لهم بالعقار، ولكنهم يتحكمون فيه، فأنا أتذكر عملية بيع تمت قبل أن يلتقي البائع بالمشتري، كان بينهما 17 وسيطا، وكلاهما يعتقدون أنهم وكلاء عقاريون، ولكن في الحقيقة، لا أحد منهم يملك سجلا تجاريا، فالملاحظ أن الناس لا تفرق بين مكاتب الأعمال، مكاتب الدراسات،الوكيل العقاري، والوسيط الحر، وعادة ما يتهمون الوكيل العقاري، ولكن أنا أقول أن النسبة الكبيرة منهم ليسوا وكلاء عقاريين ولا علاقة لهم بالمهنة. سبق لكم وصرحتم للصحافة أن العقار سيشهد انخفاضا، هل أنتم متمسكون بذلك؟ الأسعار تنخفض، ولكن الناس لا تشعر بذلك، لأن المواطن العادي لا يهتم بالشراء حتى وإن فرض الزبون سعرا مرتفعا، فمن صلاحيات الوكيل العقاري إقناع الزبون بالتخفيض، وفي حال غاب زبائن يشترون بالسعر الأول، سيجد نفسه مجبرا على خفض الثمن. أين هي الوكالات العقارية ودورها في عملية تنظيم السوق؟ مع العشرية ظهرت الوكالات العقارية كوسيط بين المشتري والبائع، ولكن وقع تذبذب في السوق بسبب وجود وكالات بدون تكوين وبدون رخصة حتى كما ظهر في السوق أناس دخلاء على العقار ولا علاقة لهم به، ومنهم السمسار الذي لا يريد سوى النهب. ما هو الدور الذي تلعبه الفدرالية الوطنية للوكالات العقارية؟ في بداية سنة 1998 نحن كوكلاء عقاريين كونا مجموعة تضم 63 عضوا مؤسسا من 15 ولاية، وأسسنا الاتحاد الوطني للوكالات العقارية الذي تحول فيما بعد إلى فدرالية، وكان من أهم أهدافها تهذيب المهنة وتقنينها وترسيخ الاختصاصية. الفدرالية كان لابد أن تحضر وتشارك في تحضير القانون، ومنذ 1998 ونحن نراسل وزارة السكن حتى نؤسس لإطار قانوني يعمل فيه الوكيل العقاري، فمن غير المعقول أن يحكم العقار كل من هب ودب، حيث كان ضروريا وجود أناس متمكنين وخريجي معاهد. ما مصير تلك المراسلات؟ بعد 11 سنة من العمل، خرج مرسوم تنفيذي قدمته الفدرالية في 2006 وأرسلناه إلى وزارة التجارة، لقد جاء المرسوم التنفيذي ليس كما طلبناه، ولكن سجلنا من خلاله تقدما ملحوظا، ومنه أنه لن يتم تقديم أي سجل تجاري لأي وكالة عقارية بدون توفرها على مجموعة من الشروط، وهذا يعتبر مكسبا أول. ما هو انعكاس المرسوم على الوكلاء الذين لا تتوفر فيهم الشروط؟ المرسوم ضر كثيرا الناس الموجودين في الميدان، لأن القوانين لم تطبق بأثر رجعي، الأمر الذي لم يخدم الوكلاء السابقين، حيث يوجد 3600 وكيل عقاري على المستوى الوطني لديهم خبرة دون اعتماد، ما أحدث مشاكل مع وزارة السكن إلى غاية أوت 2011، أين صدر مرسوم مكمل، وقال أن كل من لديه خمس سنوات من الخبرة يحصل على الاعتماد. هل سيتم إيقاف الوكالات غير الشرعية؟ لا يمكن إيقاف نشاط الوكالات العقارية التي تنشط بصورة عشوائية، لأن هناك العديد من المعاملات التي تتم خارج الوكالات العقارية بين الزبون والوسيط ولا يمكن منعها. ما هي الإنجازات التي حققتموها في مجال ضبط مهنة الوكيل العقاري؟ كانت لدينا مجموعة من الأهداف المتوسطة،ا لقريبة والبعيدة المدى، حيث قمنا بتسطير مخطط كبير للتكوينات، وقمنا بتكوين الأعوانو وذلك بالتنسيق مع وزارة التكوين المهني التي سطرنا معها برنامجا لتكوين تقنيين ساميين ووكلاء عقاريين، وهذا على المستوى البعيد، أما الفئات التي ليس لها شهادات عليا فقد رأينا أنها بحاجة إلى تكوين وتأطير حتى يكون لدينا وكيل عقاري متخصص وميداني، وحتى الوكالات التي كانت في حالة نشاط أخضعناها إلى برامج تكوينات من أجل رفع المستوى. الفدرالية الآن تقوم بالتحضير لقانون آخر أبعد مما سبق، وهو القانون الذي يحدد من هو الوكيل العقاري، وكيف يمكن أن يكون وكيلا عقاريا، والوثائق التي يتعامل بها، العلاقة بينه وبين الزبون، وذلك بالتنسيق مع مكاتب دراسات كبرى. ما هو الدور الحقيقي للوكيل العقاري انطلاقا من هذا القانون؟ الوكيل العقاري لابد أن يلعب دورا إيجابيا، خاصة في مجال تحديد الأسعار، ويكون ذلك للصالح العام مثل إقناع الزبون أن يكون ضمن لجنة الحي ونظافة وجمالية المحيط. ما هي الاقتراحات التي تقدمونها لضبط سوق العقار؟ على الدولة أن تتحكم في الوضع، ومن ذلك أن كل المعاملات يجب أن تمر عبر مكاتب الوكالات العقارية التي يجب أن تلعب دورها في ضبط الأسعار، وكذا في ضبط الإحصائيات التي يتم من خلالها تحديد الطلبات، وما توفره الدولة بالمقابل، وهذا ما يشكل سوق العقار، حيث لا توجد إحصائيات حول عدد المعاملات التجارية التي تتم، وتلك الإحصائيات تقدم للدولة، وبناء عليها يتم تسطير برنامج اسكاني، فلا يمكن أن نبني شققا بثلاث غرف مثلا في أماكن يتطلب سكانها شققا بأربع غرف. كما على الدولة أن تحرص على أن تكون العقارات ملك للجزائريين في تعاملات البيع والشراء، لأن هناك أجانب صاروا يملكون عقارات في الجزائر ويسمسرون فيها كما هو الحال في بعض المناطق، لذا لابد أن لا تخرج الأمور عن نطاق الجزائريين، وذلك يتحقق من خلال التكوين والتأطير الجيد.