غاب عنصر المفاجأة في انتخابات الخميس الماضي؛ لما عرفه هذا الحدث السياسي من سيرورة لم تختلف عن الانتخابات التشريعية السابقة في تاريخ الجزائر، سواء من حيث سير الاقتراع على أرض الواقع أو من حيث النتائج التي أسفرت عنها النتائج الرسمية الأولية المعلَنة من طرف وزارة الداخلية. فكما كان متوقعا كانت نسبة المقاطعين للانتخابات أكبر من نسبة المشاركة رغم دخول السباق ضِعف عدد الأحزاب التي نشّطت انتخابات سنة 2007، بزيادة 21 تشكيلة سياسية جديدة وعشرات القوائم الحرة، والتحاق أكثر أحزاب المعارضة راديكالية صفّ المشاركة، ولو أن البعض كان يتوقع نسبة مشاركة أقل مما أعلن عنه رسميا؛ ببلوغ نسبة مشاركة وطنية ناهزت 42,9 بالمائة. ولم تأت انتخابات تجديد البرلمان بما يمكن وصفه بأنه تغيير جوهري في بنية الغرفة السفلى للبرلمان، فقد بقي حزب جبهة التحرير الوطني القوة النيابية والسياسية الأولى في البلاد رغم ما لحق به من تصدعات وانشقاقات، كادت أن تعصف بقيادته في غمرة الحملة الانتخابية. وبقي اللافت في هذه الانتخابات تقهقر الأرندي، الذي خسر مكانته كقوة سياسية ثانية، فبقدر ما كانت النتيجة متوقَّعة؛ بالنظر إلى التذمر الشعبي من أداء الحكومة، بقدر ما شكّل هذا المعطى الحدث الأبرز في تشريعيات 2012، وهو الأمر الذي ستكون له تداعيات في مستقبل الممارسة السياسية والحزبية المفتوحة على احتمالين؛ فإما استمرار ظهور تكتلات وكيانات حزبية مغايرة لما كان عليه أمر البرلمان السابق، وإما بقاء تراجع تجمّع أويحيى بعيدا عن التأثير في مجريات الأمور، سيما إذا حصل تحالف بين الحزبين المتحالفين أصلا، والتحاق تشكيلات أخرى من شأنها ترجيح الكفة لصالح «الأفلان»، وتمكينه من قيادة أكبر تحالف ممكن التئامه تحت القبة البرلمانية بعد تنصيب تشكيلتها الجديدة. والسؤال المطروح: من سيمثل الأغلبية الشعبية الصامتة؟ وأي مستقبل للبرلمان وللحياة السياسية في ظل استمرار عزوف الشعب عن الانتخاب ومن سيؤطر التيار الشعبي الرافض للألوان و الأطياف الحزبية الموجودة، ومن الجهة القادرة على تحريك هذه الكتلة الشعبية الثقيلة نحو المشاركة في الفعل السياسي بالبلاد وتحقيق إسهاماتها في عملية التغيير المحتشم الذي تشهده البلاد.