يوما بعد يوم يعود المنتخب الوطني إلى دائرة الضوء، التي طرد منها بسبب رباعية مراكش التي جعلت الجميع ينفر من متابعة أخبار الخضر ولا يوليهم أي اهتمام، لكن ومع قدوم التقني البوسني وحيد حاليلوزيتش أعاد الخضر تقريبا إلى مكانتهم لكن هذه المرة عادوا والمدرب هو نجم الفريق الأول، عاد وشعبية المدرب هي الأقوى وهذا ما لم تتقبله بعض وسائل الإعلام. الشرعية الأم درمانية !!! هي الرتبة التي قدمت للاعبي المنتخب الوطني بعد التأهل للمونديال في ملحمة تاريخية بأم درمان، فقدمت لهم مزايا لم تكن لأي لاعب في المنتخب الوطني من قبل، فأصبحوا نجوم فوق العادة يتهافت عليهم الجميع، ومن جهة أخرى فقد ضمنوا مكانتهم الأساسية بغض النظر عن مستواهم وتحضيرهم البدني والذهني والنفسي، الأمر الذي عاد على الخضر بالمهازل وبالثلاثيات والرباعيات. أليس هذا الجيل الذي انتقده الجميع؟ غريب أمر الشارع الرياضي بشقيه الإعلامي والجماهيري، الذي ومن زمن قليل كان ينادي بحل منتخب المونديال وإسقاط الشرعية “الأم درمانية” مع إعادة اللاعبين إلى حجمهم الطبيعي بعد أن ضخموا أكثر من اللازم، أو كما صرح التقني البوسني أنهم قد لامسوا السماء، فحقيقة طريقة الاحتفال بالوصول إلى المونديال كانت جنونية وأدهشت العالم بأسره، كونها شبيهة باحتفالات الفوز بكأس العالم وليس مجرد التأهل إليه. ألم يكن بالأمس الكل ينادي إلى التشبيب؟ ألم يكن عبد الحق بن شيخة محل انتقاد؟ إنه حافظ على نفس التركيبة البشرية التي ورثها من سابقه سعدان ولم يغير أي شيء، التركيبة التي نالت من الانتقاد أضعاف ما نالته من مدح في أم درمان، المنتخب الذي ذُبح من بانغي أمام منتخب إفريقيا الوسطى وأمام المغرب في مراكش وطالب الجميع بمحاسبتهم وما بالك بإبعادهم من المنتخب. حاليلوزيتش يُحرِج الجميع بصراحته طريقة تعامل حاليلوزيتش مع الصحافة توحي أنه يمتلك نظرة سيئة على بعض الأسماء مسبقا وأنه حضر طريقة معينة للتعامل معها، فهو لحد الآن يتابع كل صغيرة وكبيرة ويقرأ كل ما يكتب يوميا، فلا تمر ندوة صحفية إلا ويتكلم عن أخطائها ويخوض في بعض العبارات والكلمات التي يرى أنها قاسية جدا على المنتخب في حال إعادة البناء، لكن ومع كل احترمنا لنظرة المدرب إلا أن للسلطة الرابعة الحق في الانتقاد وأن لا المنتخب ولا المدرب وحتى اللاعبين مقدسون ولا يخطئون، وأن الجميع يتابعه كما هو يتابع الجميع وأن عدم تفويته لأي غلطة سيترك الآخرين يبادلونه نفس الشعور ولن يُغفر لمدرب كوت ديفوار السابق أي زلة مهما كان صغرها. حاليلوزيش يسعى لبناء منتخب قوي يسعى الناخب الوطني إلى صناعة منتخب على طريقته الخاصة ووفق اختيارات معينة وتكوين مجموعة جديدة متماسكة، فهو لم يرد أن يرتكب خطأ عبد الحق بن شيخة بالاعتماد على وراثة منتخب مهلهل، فبناء بيت من الأساس أقوى وأمتن من “البريكولاج” على بيت قديم، وحيد الذي عرف أن قوة الخضر كانت في المجموعة فهو يحاول بناء مجموعة جديدة لم تطل بعد السماء، ولها من العزيمة ما يسهل له شحذ هممها قبل أي لقاء ولا ترى في الفرق المغمورة إفريقيا منافسين ضعاف، لا يمكن بأي حال من الأحوال إرضاء الجميع، فكل طرف ينادي بلاعب ويحاول فرض اسم أو نزع آخر من القائمة، المنتخب لا يتسع ل50 لاعبا حتى ينال الجميع فرصهم ومع ذلك فهو مكون من توليفة تعد الأحسن منذ سنوات، وحيد الذي سعى للتنويع مع التشبيب نجح في ذلك، حيث أصبح الخضر يضمون محترفين ذوي مستوى جيد وقدامى ذوي خبرة ولاعبين أمال تمت ترقيتهم في سابقة نادرة تحدث في المنتخب، كما أصبح المنتخب يضمن عددا معتبرا من اللاعبين المحليين المغضوب عليه في عهد المدربين السابقين، حيث ولأول مرة أضحى لهم تربص خاص بهم حتى يلحقوا بالمستوى العالي ويستطيعون المنافسة على أماكن أساسية خاصة بعد سقوط الشرعية الأم ردمانية. وحيد الذي خدمته اعتزالات بعض اللاعبين إن لم يكن قد سعى إليها هو نفسه، فلحد الأن لم يبق من المنتخب الذي شارك في التصفيات سوى لموشية البديل وجبور المبعد كل مرة، فالمنتخب أصبح بدماء جديدة 80% وهذا هو الهدف الأكبر. تربص بلاعبين؟ لقد أصبح تربص الخضر بلاعبين محل انتقاد من الجميع بل بنبرة تهكمية وصلت إلى درجة الاستهزاء، لكن هي نفس الأسماء التي هللت لتربص الخضر بلامونغا والذي ظهر أنه كان خارج نطاق الكرة الحديثة والمستوى العالي بل كلّف الخضر مهزلة تاريخية، نجاح تربصات الخضر وفلسفة حاليلوزيتش ليس مرتبط بالمنطق وإنما بالمستوى الذي سيظهر به محاربو الصحراء في الدورة المصغرة التي سيلعبونها في نهاية موسم شاق، هي الفاصل في عدة أمور وإن لغد لنظير قريب.