تقطن أكثر من 1000 عائلة ببيوت الصفيح بمزرعة "بن بولعيد"، الموجودة على مستوى بلدية "المقارية" في العاصمة، منذ ما يقارب 30 سنة تجرعت فيها مرارة المعيشة وقساوة الحياة، التي أقل ما يقال عنها إنها مأساوية في ظل تهميش السلطات والفقر المدقع والمساكن الهشة التي تنعدم فيها أدنى الشروط المواتية للعيش. السكن الفوضوي ضريبة يدفع ثمنها السكان السكان عبّروا ليومية "السلام اليوم" عن واقعهم المر والمحتَّم عليهم رغم رفضهم إياه؛ في بيوت لم ينعموا براحة البال فيها. وقفنا بهذه المزرعة على مشكل الاكتظاظ داخل المنازل؛ حيث يعيش تسعة أفراد في غرفتين، ويعيش آخرون ضمن عائلة ممتدة، وأجّل البعض الآخر فكرة الزواج وألغوها من قاموسهم، ظروفهم هذه كانت وراءها أزمة السكن بسبب المصاريف الباهظة التي تكبّدوها جراء سنوات من الكراء، والتي لم يتحملوها، لتكون بيوت الصفيح ملاذهم الوحيد. أما البعض الآخر فقصدوا ذات البيوت الهشة قادمين من ولايات مختلفة كسطيف وميلة هربا من ويلات العشرية السوداء، وآخرون توافدوا من بلديات مجاورة كبلكور والحراش والجزائر الوسطى بسبب ما وصفوه "بالضيق". المياه القذرة تهدد صحة قاطني ذات المزرعة مشكل الماء الشروب هو الآخر يتصدر مشاكل السكان باعتباره شريان الحياة، حيث إن الحي يفتقر للعدادات، والماء يعرف انقطاعات متكررة، يقول السكان إنها تقدَّر "بالأيام"، بالإضافة إلى أنه عكر ووسخ؛ جعلهم متخوفين من أن يكون سببا في إصابتهم بأمراض خطيرة تهدد سلامتهم الصحية، خاصة أن "الشهرية" لا تتحمل مصاريف اقتناء الماء المعدني. كما كشف أهالي المنطقة أن فصل الشتاء بات نقمة عليهم بدل أن يكون نعمة يستبشرون بها خيرا؛ بسبب عدم قدرة ذات البيوت على حمايتهم من قر هذا الفصل، حيث تتسرب المياه إلى داخل البيوت من الأسقف والجدران المصنوعة بما تَوفر لديهم من زنك و قصدير، فيما أكدت إحدى ربات البيوت أن أثاث المنزل يتلف، والأغطية والملابس تتبلل ليتداركوا الوضع بوضع إناء لامتصاص المياه المتراكمة؛ خوفا من تحوّل البيوت إلى بحيرات على حد تعبير أحد قاطني الحي. أما التنقل بمداخل ومخارج الحي فيكاد يستحيل، يقول أحد شبان الحي؛ "نكاد نستعمل قوارب للتنقل بين مسالك الحي". كما يضيف السكان أن الرطوبة أصبحت هاجسا لديهم يثير تخوفاتهم من تفاقم الوضع بعد إصابة العديد بأمراض تنفسية كالحساسية والربو. وصرح السكان خلال حديثهم إلينا، بعدم قدرتهم على الصبر أكثر، يقولون: "تَحملنا فوق طاقتنا وبات الفرج بعيد المنال" بهذا الحي المحاذي للجسر، والذي يبعد بضع أمتار عن الترامواي الموجود على مستوى حي البدر، والذي كانت أشغاله سببا في ترحيل العديد من العائلات يقطنون الحي منذ ما يقارب 40 سنة إلى شاليهات بالرغاية، وكان ذلك منذ ثلاث سنوات مضت، يقول السكان إن وجودهم كان عائقا أمام مشروع ضخم كالترامواي. وعود المسؤولين كثيرة والتطبيق ليس غدا من جهة أخرى، أبدى السكان استياءهم الشديد حيال عدم تمكّنهم من الحصول على "بطاقة الفوط"؛ بسبب تهميشهم من قبل السلطات المحلية التابعة للمنطقة ورفضها منحهم إياها؛ على اعتبار أنهم "يقيمون بحي فوضوي" رأوا فيه إجحافا في حقهم؛ ما زاد من معاناتهم وتحسّرهم على وضعيتهم المزرية، معتبرين عدم منحهم سكنات لائقة ترفع الغبن عنهم، "حرمانا من حقهم في السكن"؛ فرغم المراسلات والشكاوي التي تَقدموا بها إلى مصالح البلدية وكذا زيارتها لهم ووعودها لهم بالترحيل فإن مطلبهم بإدراجهم في برنامج الترحيل القادم، لم يجد صدى لدى ذات المصالح ولم يُحمل على محمل الجد إلى حد الساعة.