يعتبر تلوث البيئة من أهم المشاكل التي يعاني منها العالم بأسره، حيث أصبح التطور الصناعي ضريبة يدفعها أغلب الدول، وما زاد طين بلة هي تلك السلوكات السلبية لبعض المواطنين ممن لا يجدون أنفسهم مسؤولين على نظافة المحيط رغم تحذيرات الأطباء وحتى الخبراء في مجال حماية البيئة من مختلف نتائج ذلك التلوث. سلوكات كثيرة تلك التي نرصدها خلال حياتنا اليومية ولابد أن نقف عندها لنقيّم واجبنا تجاه محيطنا، سيما مع تعرض البيئة لمختلف أشكال الإساءة التي تضر بصحة الإنسان بالدرجة الأولى، فبالإضافة إلى مختلف الغازات والأبخرة الناجمة عن المصانع ووسائل النقل والتوسّع الإسمنتي على حساب المساحات الخضراء وما يقابله من اعتداء على الغطاء النباتي مثل حرق الغابات. وصار تكدس القمامات المشهد الطاغي في الكثير من الأحياء، وما يندى له الجبين لما نرى أفراد يلقون بأكياس النفايات من أعلى الطوابق بعدما تقاعسوا في إنزالها وآخرون يتبولون أو حتى يتبرّزون في مختلف الأماكن. إن حماية البيئة هو سلوك لا يمكن تحقيقه إلا عن طريق التربية السليمة للفرد، حيث يجب أن يعرف الطفل منذ صغره علاقته بالبيئة ومختلف السلوكات التي تؤثر سلبا على المحيط من أجل أن يتجنبها.. هذا ما أكدته حميدة عشي أستاذة علم الاجتماع بجامعة الجزائر، حيث أوضحت في السياق ذاته أنّ حسن التعامل مع البيئة سلوك لابد من انتهاجه، وذلك لن يكون سانحا إلا من خلال التنشئة الاجتماعية التي تجعل الفرد يتعلم منذ الصغر مختلف القوانين الخاصة بحماية البيئة وكيف يتعامل معها، وذلك بمشاركة مختلف المؤسسات الاجتماعية من الأسرة، جماعة الأصدقاء والمدرسة من أجل بيئة نظيفة وخالية من التلوث ومنه حياة صحية خالية من الأمراض. هذا واقترحت أخصائية علم الاجتماع ضرورة توظيف الخطاب الديني من أجل المحافظة على البيئة وحث الفرد انطلاقا من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، معتبرة من خلال سياق حديثها أن التحسيس عن طريق استعمال الدين، من شأنه أن يحدث نتائج ايجابية تفوق أي قوانين أخرى أين يصبح الحفاظ على البيئة واجب شرعي يفرضه الدين بالدرجة الأولى، وذلك من أجل تحقيق ما فيه صالح للعباد من خلال إبعاد مختلف أشكال الفساد بما فيها تلويث البيئة. كما حثت المتحدثة على اعتماد أسلوب التوعية والتحسيس ومحاولة الإقناع بضرورة حماية المحيط، داعية أيضا إلى تجنيد الجمعيات العاملة في مجال حماية المحيط البيئي من أجل تسطير برامج على المدى البعيد من شأنها غرس ثقافة الحفاظ على البيئة، والتي تتم -حسب الأخصائية- من خلال الحفاظ على أهم عناصرها وهما الماء والهواء، لأنّ تلوثهما هو إضرار فعلي بالحياة. إن علاقة الإنسان بالبيئة تستمد من التربية الأخلاقية، وقد وردت مختلف الآيات وحتى الأحاديث النبوية التي تحرم تلوث البيئة كنوع من الأذى والفساد في الأرض وما يتبع ذلك من إضرار بالإنسان والحيوان، هذا ما توضحه بوخمخم أستاذة في التربية الإسلامية، مؤكدة أنّ الله نهى عن كل ما يفسد الأرض، كما يرفض ديننا الحنيف كل السلوكات التي تشكل إزعاجا مثل الضوضاء، كما حثّت على إماطة الأذى من الطريق وإعطاء هذا الأخير حقه.