تعرف ظاهرة زواج المسنين بمنطقة القبائل تزايدا ملحوظا خلال السنوات الأخيرة، حيث سجلت مصالح الحالة المدنية بالبلديات المئات من الحالات سنويا، دون أن يعرف السبب الذي جعل هؤلاء يقبلون على الزواج مع فتيات في عمر الزهور وجامعيات وحتى إطارات سامية في مختلف أجهزة الدولة. يرجع أحد مشايخ عاصمة الحماديين أسباب لجوء المسنين إلى الزواج لحالاتهم الصحية التي تستدعي البحث عن شريك بقية العمر يقوم برعايتهم، لكن الغريب في الأمر أن بعض هؤلاء يختارون زوجات لا تتعدى أعمارهن ال 25 سنة وأغلبهن عازبات، كما إن بعض ضحايا هذه الظاهرة المتفشية خاصة بالمناطق الريفية لمنطقة القبائل تم تزويجهن دون استشارتهن عملا بالعادات والتقاليد التي ما تزال سائدة في المناطق النائية، فقرار الوالد القاضي بتزويج ابنته مع شيخ غزا الشيب شعر رأسه يعود بالدرجة الأولى إلى الطمع، حيث أن أغلب أبطال هذه الظاهرة متقاعدون ويملكون ثروات كبيرة تقاس بعدد شجيرات الزيتون ستتحول بعد مماتهم إلى إرث للزوجة الجديدة. الأورو يسيل اللعاب أما المعنيات بمثل هذا الزواج الصفقة فقد عبرن عكس ذلك، منهن “س” التي لا يفوق سنها ال 24 سنة زوجوها رغم أنفها بهرم يتعدى سنه ال 60، تقول هذه الضحية اليافعة، ذات العينين الخضراوين أنها مطلقة، ولكون العادات المتجذرة التي لا تعترف بحقوق المطلقات اللائي يعتبرن منبوذات ويحرمن من كافة حقوقهن حتى مجرد حضور وليمة عرس أو زيارة الأهل والخلان، فإنهن يضطررن إلى قبول عرض أول طارق للباب ولو كان كهلا في التسعين سنة ومصاب بعاهة مستديمة ليس طمعا في أمواله كما يشاع، لكن هروبا من الواقع المر ومن الألسنة الطويلة التي تلاحقهن. زوج هذه الضحية كان مغتربا بباريس بلاد الجن والملائكة، أصيب بمرض خطير وأجرى 03 عمليات جراحية على قلبه، ويتقاضى منحا تقاعدية بالعملة الصعبة، كما يملك بإحدى البلديات الشرقيةلبجاية 12 هكتارا من الأراضي الفلاحية وهو حاليا ينتظر مولودا جديدا من زوجته الثانية الحامل في شهرها السابع، مؤكدة بأنها ستواجه مصاعب عديدة إذ كلما أغشى على زوجها الهرم تثور الحرب الباردة بين الأبناء والأحفاد من أجل تقاسم التركة. زوجة أخرى التقيناها عن طريق الصدفة ونحن بصدد التفكير في إنجاز هذا الموضوع قالت أنها تزوجت للمرة الأولى مع رجل متقاعد وهي الآن أم لطفلة بهية الطلعة، وتؤكد بأن سبب موافقتها على عرض الشيخ في عمر جدها هي إعاقتها التي جعلت الشباب ينفر منها، وأوضحت لنا أنها تعيش مع زوجها حياة عادية تسودها المحبة والاستقرار برغم أن هذا الأخير مازال محتفظا بزوجته الأولى التي له معه 04 أبناء، وتتوقع محدثتنا بروز مشاكل بعد وفاة زوجها بسبب العدد الكبير للورثة. المسنون والحكمة الميكيافلية عمي قدور في ال 65 سنة من عمره، متقاعد هو الآخر قضى حياته في ديار الغربة وأب ل 09 أولاد، عاد إلى أرض الوطن قبل سنوات، ليقرر مباشرة الزواج بصغيرة بابيشة على حد تعبيره بسبب عجز زوجته الأولى عن تلبية رغباته الجنسية، إضافة إلى أنها لا تتقن فنون الطبخ كما يريدها هو، وبعد أسبوعين فقط من رحلة البحث عن الشريكة المحظوظة عثر على فتاة جامعية تدرس بكلية القانون لا يتعدى سنها ال 25 سنة، وتم هذا الزواج بسرعة لتوفر المال الذي مكن صاحبة الحظ من تجهيز نفسها من سوق دبي بمدينة العلمة بولاية سطيف في وقت قياسي، بعدها فضل العريس المتجدد في أبهى حلة وأحسن هندام قضاء شهر العسل بمدينة تيشي الساحلية 17 كلم شرق عاصمة الولاية بجاية، حيث استمتع بشيخوخته كما يحلو له متنقلا من ملهى إلى آخر على مقاس: ألا ليت الشباب يعود يوما فاحكي له ما فعل المشيب بعمي قدور.. عن زواجه هذا يقول صاحبنا، بأنه من جهة وجد من ترضيه لكنه أصبح بعيدا عن أهله ومعزولا عن عائلته، ويؤكد أنه تأقلم بصعوبة مع زوجته الثانية خريجة كلية الحقوق التي تدافع عن المرأة وحقها في النفقة، كونها صغيرة في السن وتعامله على أساس أنه شاب يافع، فقد أرغمته على دخول الملاهي والرقص على إيقاع الموسيقى الهابطة. حالات كثيرة من هذه الظاهرة المتفشية بمنطقة القبائل لا يسعنا الخوض في أسبابها وتداعياتها، لكن الواقع يقول أن غلاء المهور وعدم قدرة الشباب على مواجهة متطلبات الزواج الحديث الذي يشترط إقامة العرس في القاعات وتجهيز العروس من وراء البحر، وهو ما جعل الأولياء خائفين من مصير بناتهم وبالتالي يرغمون رغم أنفهم على قبول عروض هذا الصنف من البشر.