يقوم وزير الخارجية الفرنسي «لوران فابيوس» شهر جويلية القادم بزيارة إلى الجزائر في أول زيارة لمسؤول رسمي بعد وصول «فرانسوا هولاند» للحكم مطلع ماي الماضي والذي تعهد بإعادة بعث العلاقات بين البلدين التي عرفت توترا في عهد سلفه ساركوزي. وأوضح المتحدث باسم الوزارة «برنار فاليرو» في مؤتمر صحافي، أن «وزير الخارجية ينوي بالتأكيد القيام قريبا بزيارة إلى الجزائر، في موعد يعلن بالتنسيق مع شركائنا الجزائريين». وذكر بأن الرئيسين الفرنسي فرنسوا هولاند والجزائري عبدالعزيز بوتفليقة قررا «إعطاء العلاقة الثنائية الفرنسية-الجزائرية دفعا جديدا». وأضاف المتحدث إن «هذه العلاقة استثنائية على صعد عدة. فهي تتميز بتاريخ مشترك وصلات انسانية عميقة جدا. والظرف مؤات جدا لهذا الدفع الجديد. ففرنساوالجزائر مصممتان على المضي في تطوير علاقاتهما الثنائية». وكان السفير الفرنسي الجديد بالجزائر «أندري باران» قد أعلن فور تسليم أوراق اعتماده لرئيس الجمهورية منذ يومين أن مهمته ستتركز على إعادة بعث مشروع الشراكة الاستثنائية بين البلدين الذي أطلقه الرئيسان بوتفليقة وشيراك عام 2003 لكن وصول ساركوزي إلى الحكم أدخله الثلاجة. وقال أن «الوقت قد حان لإعطاء العلاقات الجزائرية الفرنسية دفعا وطموحا جديدين وإيلائها الزخم وكذا الجدية والحركية التي تتطلبها». وكان الرئيس بوتفليقة قد أكد في برقية تهنئة وجهها لهولاند بعد انتخابه خليفة لساركوزي مطلع ماي الماضي استعداده «للعمل معكم من أجل تعاون جزائري - فرنسي يكون في مستوى إمكانيات البلدين ويتساوق مع ما علاقاتنا من بعد إنساني ومع الشراكة الإستثنائية التي نطمح إلى بنائها». وأعلن في فرنسا غداة الإنتخابات الرئاسية أن الرئيس الجديد فرانسوا هولاند سيقوم بزيارة على الجزائر خلال أسابيع بشكل يعطي الإنطباع بأن زيارة وزير الخارجية «لوران فابيوس» جاءت تمهيدا لذلك وعرفت العلاقات الجزائرية الفرنسية خلال فترة حكم ساركوزي عدة أزمات بسبب «قانون تمجيد الاستعمار» الذي وضعه البرلمان الفرنسي عام 2005 ورفض الحكومة الفرنسية الإعتراف بجرائم الاستعمار والذي تقول الجزائر أنه شرط لبناء علاقات طبيعية بين البلدين. من جهة أخرى نصح رئيس الحكومة الفرنسية الأسبق دومينيك دوفيلبان في مقال نشره موقع صحيفة لوموند أمس الرئيس فرانسوا هولاند بزيارة الجزائر وعقد مصالحة معها لانها مفتاح الدخول إلى المنطقة العربية حسبه في ظل التحولات الجديدة التي سجلت خلالها الدبلوماسية الفرنسية عثرات مقارنة بدول غربية أخرى. وقال دوفيلبان المقرب من الرئيس الفرنسي الأسبق جاك شيراك أن قناعة راسخة لديه بضرورة الذهاب إلى مصالحة تاريخية بين فرنساوالجزائر، مثلما فعلت باريس مع ألمانيا، لأن هذه العلاقة ستكون بمثابة المفتاح لرسم سياسة فرنسا المستقبلية تجاه العالم العربي، مضيفا أن رياح الربيع العربي لم تهب على الجزائر، التي تعاني من آثار الإحتلال الفرنسي، وسنوات التسعينيات الدامية، داعيا إلى الذهاب إلى مصالحة حقيقية بين البلدين. وأشار وزير الخارجية الفرنسي السابق، إن تطبيق هذه المصالحة على أرض الواقع يتطلب إشارات قوية بقيام الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند بزيارات إلى البلدان العربية «الشريكة» لباريس لإظهار أن فرنسا تقف إلى جانب الشعوب المتطلعة للتغيير والحرية، مذكرا بالاستقبال الجماهيري الكبير للرئيس الفرنسي الأسبق جاك شيراك لدى زيارته للجزائر.