شرعت فعاليات كشفية بالعاصمة في حملة واسعة لتنظيف الشواطئ بالتزامن مع أوجّ موسم الاصطياف، وتعدّ الخطوة أكثر من حساسة في ظلّ التلوث الذي طال الشواطئ، على نحو جعل المحيط الساحلي في حالة بيئية مزرية اقتضت هذا الحراك . خلافا للمشهد الكلاسيكي المعتاد الذي يستسلم فيه المصطافون إلى حبات الرمل الناعمة ويستلقون تحت مظلاتهم الشمسية قبالة زرقة البحر، آثر فريق متفرّد من العاصميين مع إطلالة فترة العطل، التمرد على هذا التقليد، بحثا عن تحقيق مزايا كثيرة بيئيا وجماليا، وعلى هذا تتضافر حاليا جهود أكثر من ثلاثمائة شاب متطوع رفقة عدد من الأطفال المتمدرسين تتراوح أعمارهم ما بين 12 و16 سنة من الجنسين، إلى جانب نشطاء المنظمة الكشفية، انخرطوا جميعا ضمن طاقم واحد يتطلع من خلال فعل حضاري راقٍ لاستعادة بريق الشواطئ التي صارت في حالة يرثى لها. وببذلات رياضية صيفية بيضاء وروح حيوية مميّزة، يقوم المتطوعون برفع القمامات من على الشواطئ، ومختلف المخلفات الضارة التي لفظتها مياه البحر، ووضعها في أكياس بلاستيكية، بهذا الصدد، التقت «السلام» بفارس، جمال، رضوان وفتحي وغيرهم من هؤلاء الشبان الحديثي السن المتشبعين بعقيدة حماية الطبيعة والدفاع عن البيئة، للمضي قدما في سبيل تطويق مشكلة بيئية آخذة في التفاقم، وبرزت آثارها السلبية من خلال تسمم الكائنات البحرية وتشوّه الشواطىء. ويقول فارس (22 سنة) متحدثا باسم زملائه: «نحن هنا كل يوم من أولى ساعات الصباح إلى غاية آخر المساء، قررنا أن نبتعث شواطئنا بحلة أخرى»، بينما شرح لنا جمال (21 سنة) أنّهم يتسلحون بمئات الأكياس الخضراء لتنظيف أماكن الاصطياف في الجزائر العاصمة من القاذورات وتوابعها كبقايا المأكولات وقصاصات الأوراق والجرائد، ويفتخر رضوان (20 عاما)، أميرة (15 سنة)، وأمين (16 سنة) بكون البادرة استثارت عدوى إيجابية جعلت شبانا من الضواحي ينضمون إلى هؤلاء المتطوعين بشكل تلقائي، أعاد إلى الأذهان مشاهد التطوع الجماعي في حملات التنظيف التي كان يواظب عليها جزائريو الزمن الماضي. ويقول سليم فرطاس المتحدث باسم الجمعية التطوعية (تويزة) المشرفة على المبادرة ل«السلام»، إنّ هذه الحملة التنظيفية شملت في مرحلة أولى ضاحية الجزائرالشرقية، وتروم إعادة تهيئة السواحل، بعدما ظلت عشرات الشواطئ مصنفة في اللائحة السوداء، دفع لتركها موصدة في وجوه المصطافين خلال الموسم الصيفي المنقضي، غداة ارتفاع نسب المواد الزيتية الضارة على سطح البحر. وبحسب فرطاس، فإنّ أشغال التنظيف لا تكتفي بتهيئة السواحل فحسب، بل تمتد إلى المحيط العام المتصل بالمنتجعات، على غرار الغابة الخلابة بمنطقة قورصو، بعدما بقيت الأخيرة لسنوات عديدة عرضة للإهمال، لذا تخضع هي الأخرى لإزالة الشوائب وكافة الأوساخ، تماما مثل الأماكن المخصصة لراحة العوائل ولعب الأطفال وغيرها. وفيما تشهد عمليات التنظيف انتعاشا ملحوظا منذ سنوات، تدعو مراجع محلية إلى تثمينها من خلال إقدام السلطات على تشغيل مئات الشباب العاطل عن العامل، وإقحامهم في فرق مختصة تتولى ممارسة هذه الوظيفة بشكل دوري ومستدام بعيدا عن طابع الموسمية والمناسباتية المتكرس، علما أنّ الوكالة الحضرية لحماية وترقية الساحل، قامت قبل سنوات بتجربة فريدة من نوعها، حينما وظفت عددا من الشباب عبر بلدات ساحلية، وكانت النتائج ممتازة استنادا إلى منيرة بوقاسم مسؤولة الوكالة المذكورة. وتبقى التجربة بحاجة إلى تعميم على مستوى كل السواحل الجزائرية التي تعاني على مستوى جهات البلاد من تدهور ملحوظ، بفعل اتخاذها من طرف البعض كموقع مفضل لإلقاء المياه القذرة وسائر البقايا، وهو ما يتهدد أمن وسلامة الواجهة البحرية بالجزائر التي يتجاوز طولها 1200 كيلومتر. وٙg�� ���ب جلول (38 سنة) أحد محترفي متسلقي النخيل، أنّ هذه المهنة خطيرة، لكن السلطات لم تصنفها إلى غاية الآن ضمن حوادث العمل، فضلا عن كونها غير خاضعة لشروط التأمين كغيرها من باقي المهن الأخرى، ما يجعل غالبية متسلقي النخيل يعانون من سوء وضعهم المعيشي، ويطالبون بترقية مهنتهم إلى جانب استفادتهم من الرسكلة عبر التكوين المستمر وتعميم تقنيات زراعة النخيل، حتى يتم تفادي الحوادث التي قد يتعرض لها المتسلق.
وتبعا لتحولات اجتماعية - اقتصادية متسارعة، والمبالغ المتواضعة التي يتقاضاها ممارسو هذه المهنة، برزت حاليا مشكلة العثور على متسلقي النخيل وصارت تطرح بحدة في مواسم جني محاصيل التمور، التي عادة ما تنظم في فصل الخريف أي خلال الأشهر الأخيرة من كل سنة، حيث تحتاج هذه العملية إلى خبرة مهنية تضمن سلامة المحاصيل، كما يجنح أصحاب الاختصاص إلى ربط عرجون التمر قبل قطعه بواسطة حبل وإنزاله إلى الأرض بطريقة سلسة تضمن تماسكه، فيما يتم وضع قطعة كبيرة من القماش بحوض النخلة للحفاظ على حبات التمر المتساقطة. وفضلا عن مكانتها لدى الجزائريين في سائر الأيام، فإنّ التمور تحظى بشعبية أكبر على مائدة رمضان، ونادرا ما تخلو الأخيرة من التمور، حيث يقبل الصائمون على الإفطار بتناول التمر واللبن في أغلب الأحيان، قبل أداء صلاة المغرب، ويحرص أرباب البيوت على جلب كميات كبيرة من «دڤلة نور». إلى ذلك، يشير مهنيو التمور، إلى نقص الدعم اللوجستيكي، ضعف قدرات التخزين وعدم الترويج بالشكل المأمول، وهي اختلالات تنضاف إلى مشكلات أخرى كعدم تنظيم مهنة التصدير، غياب السرعة في ضمان نقل البضائع المنفردة بكونها سريعة التلف، وشبح المضاربين والوسطاء، يحدث هذا رغم إقدام الحكومة على تصنيف التمور ك«فرع استراتيجي» برسم المخطط الإنمائي (2010 2014). ويقول بكوش التيجاني مسيّر تعاونية لإنتاج التمور بمنطقة تقرت الجنوبية، إنّ النقائص الميدانية محسوسة ويجملها في محدودية ترسانة التغليف والتخزين التي تستخدم في جني التمور وتكفل حماية المنتوج، فضلا عن الأدوية المضادة لداء البوفروة الذي أضحى يهدّد النخيل بكثرة، تماما مثل مرض «البيوض» الذي يهدد التمر، بعد أن أتلف كثير من نخيل المغرب، وبات المزارعون في غرداية يشتكون من شبح البيوض وما يتسبب به الأخير من تآكل وخسائر. كما يُدرج التيجاني أيضا افتقاد القطاع إلى هامش مناسب من وسائط النقل، وما زاد الطين بلة بطء القروض المصرفية الممنوحة للمزارعين، وهو ما يحول بحسبه دون الارتفاع بإنتاج التمور إلى مستويات قياسية ترقى بالقطاع إلى مستوى مصدر حيوي لصادرات الجزائر خارج المحروقات. بدوره، يثير أحمد رويني مسؤول تعاونية للتمور بالمنطقة، مشكلة قلة الترويج، رغم امتلاك الجزائر لثروة هائلة من التمور تستحق التثمين وإعطائها المكانة اللائقة بها، وهو ما يؤيده نذير حليمي أحد المتعاملين الذي يستهجن عدم التعريف بالتمور، مثلما تفعل دول الجوار، ويجزم حليمي أنّ استفادة المنتوج المحلي من الإشهار اللازم، سيفتح له آفاقا واسعة إقليميا ودوليا. من جانبه، يقرّ سليم حدّود رئيس المجلس المهني المتعدد المهن، بمعاناة منتجي التمور من عوائق بالجملة مثل ما ينتاب قضية التأمينات، لا سيما مع هاجس الإصابات الذي يطارد القائمين على جني التمور مع تعاقب المواسم، والنقص المسجّل على صعيد الأغلفة البلاستيكية المخصصة للعراجين الشبكات الواقية للتمور من الحشرات، كما يضيف حدّود على إعاقة مشكلة النقل البحري لتسويق التمور خارجيا. ويشير كثير من المختصين والمزارعين، إلى خطر الطفيليات الذي بات يتهدد بشكل قوي نحو 1.8 مليون نخلة، ما يشكل تهديدا صريحا لثروة التمور في ظل شيوع أمراض «البيوض» و«البوفروة» و«سوسة التمر» وبعض الآفات الطفيلية والعنكبوتية وكذا الطيور المضرة بالتمور، وأبدى خبراء مخاوف متعاظمة إزاء ما قد يترتب عن زوال أكبر ثروة زراعية في غرداية، سيما مع ما تمثله من عنصر أساس في التنمية الاقتصادية والاجتماعية المحلية. يُشار إلى أنّ الجزائر تمتلك 4.7 مليون نخلة منتجة وتتموقع كثاني أكبر مصدّر للتمور عالميا بعد تونس، بمعدل إنتاج يفوق 550 ألف طن. وتتبوأ ولاية غرداية رفقة بسكرة الريادة لاحتوائهما أكبر وأجود منتجات التمر، سيما «دقلة النور» أفضل أنواع التمور عالميا التي تستورد معظمها دول أوروبية وتستفيد منه الجالية المسلمة، خاصة في شهر رمضان من كل عام.