خطفت الجمعية المسرحية "أشبال عين البنيان" أمس، كل الأضواء بمقاربة استثنائية اشتغل فيها الثنائي المرح "محمد إسلام عباس" و"منال تيلامين" على مقاربة السيكولوجيا الذهنية لجزائر 2010. توغل عباس وسيلامين إلى عمق الكينونة السوسيو نفسية للمنظومة الزوجية المشطورة في الجزائر. وفي عرض حداثي استمرّ ساعة من الزمن الركحي، استمتع الحضور بأحدث أعمال جمعية أشبال عين البنيان، حيث جرى ملامسة المشكلة الذهنية لدى كل من عيشوش وموموح، بما أدى إلى لا تفاعل فسّر عجز الزوجين عن الانجاب في عطب سيكولوجي أفرز كل التراكمات. إخراجيا، تمّ تكثيف هذه الإحالة إلى عدم تقاطع ذهني بين الطرفين، وإخراجها من حيز مشكلة ذاتوية شعبوية بين زوجين إلى مستوى اجتماعي إنساني نخبوي أوسع، فعدم تلاقح العلم والتجربة في الجزائر مثلا أدى إلى عبثية وتنافر، وعدم انفتاح هذا الجيل على الآخر أنتج احتباسا وشعورا بوهم العقم. وأتت النهاية مفتوحة ومكسوة بشعاع الأمل، بما جعل جعل موموح يسير إلى عيشوش والعكس صحيح، وحمل كليهما على اكتشاف روحه وأحلامه وآماله التي ظلّت مشطورة في الآخر، فالأساس في أي رحلة هو الصخب والثرثرة طوال الدرب، بينما الصمت المملوء بالأنفاس المتحجرة لن يمضي ولن يمضي... لذا المطلوب لحظة تفجر.. وغابات من الأسئلة تحتاج إلى حيوية وتخاطب وأخذ وردّ، فالأوكسجين جائع للرئة البشرية كي يهمس ويقول الكثير. يُشار إلى أنّ نص المسرحية كتبه "حسين طايلب"، أما موسيقاها فأبدع أنغامها، حسان لعمامرة، ساعد ومحمد إسلام عباس، في إخراجها ركحيا، سيد أحمد مداح، وباستشارة فنية لمصطفى علوان. وقال حسين طايلب: "هو الصراع الأزلي بين الجنسين، المرأة الباحثة عن الأمومة المفقودة، والرجل المستسلم للقدر المحتوم والفحولة الضائعة بالمنظور الاجتماعي السائد... وراهن الحياة بين زوجين اختصرا يومياتهما المثقلة بالصراع المحموم بين الرغبة في الاستمرار... وإعلان الهزيمة قبل الأوان". أما المخرج "محمد إسلام عباس" فعقب بالقول: "ألا تعرفون الخطيئة؟ المرأة لا تتعطّر إلا لتغوص في تفاصيل ذاتها أكثر، والرجل يذهب هباءً، وبين هذا وذاك ضاعت الكيمياء في عرس لا ينتهي من الألوان...". ليشرح مصطفى علوان، المستشار الفني ورئيس جمعية عين البنيان، وجهة نظره في كلمات قال فيها: "عقيدتي المقدسة هي الإخلاص للمسرح عامة، وللطفل خاصة، وبرصيد يربو عن الثلاثين سنة في مسرح الطفل، أخوض مستحييا تجربة مسرح الكبار، هو الحب ينهمر مع الكلمات إذا تدفقت .. ومتى تتدفق؟ هذا هو السؤال." للإشارة، أنتجت جمعية أشبال عبن البنيان مسرحية "هو وهي" بمساعدة من الصندوق الوطني لدعم الإبداع، ووزارة الثقافة، حيث تخطو بثبات عقدها الثالث، بعدما تأسست شهر أوت من العام 1991، وأنجزت عدة عروض مثل محفظة نجيب، روضة النور، صبيان... لكن، هاملت، أطفال وألوان الطبيعة، الفصول الأربعة، البسمة المحرومة، أولاد الحومة وأبواب المحروسة، حيث أحرزت جوائز عديدة في مختلف المهرجانات.