تعرف السوق الجوارية “الشهيد مولود برينيس” بحي باش جراح بالعاصمة، إقبالا كثيفا سيما من طرف ذوي الدخل الضعيف، ويأخذ هذا الإقبال نسقا تصاعديا خلال شهر رمضان من كل عام، بشكل جعل السوق الشعبية المذكورة الوجهة الأولى بامتياز. وفي جولة ميدانية قادت “السلام” إلى السوق المذكورة، لاحظنا معقولية أسعار ما يُعرض هناك من ملابس وخضروات وفواكه ولحوم وسائر الأغراض، بيد أنّ اهتمام قاصدي السوق انصبّ على اقتناء المواد الواسعة الاستهلاك تزامنا مع شهر الصيام. وفي نسق لاقى استحسان سكان باش جراح والمناطق المجاورة، كانت البطاطا متاحة ب30 دينارا، مقارنة مع ما سجلته من غلاء في الشهور السابقة، كما لم تتجاوز معظم الخضر الموسمية سقف 40 دينارا، عدا القليل من الخضار كالقرعة التي اعتاد الجزائريون ثمنها الباهض في شهر الصيام.من جهة أخرى، شكّلت أسعار الملابس بسوق باش جراح متنفسا بالنسبة لمحدودي الدخل، سيما في ظل الالتهاب الراهن المتسارع والمستمر الذي تشهده السلع في الجزائر، وأجمع من استجوبتهم “السلام” على أنّ سوق باش جراح أضحى ملاذا في مقابل جحيم التهاب الأسعار الذي يتضاعف في شهر رمضان. وبحسب “ب. كريمة” وهي ربة بيت، فإنّ أسعار الخضر ملائمة للغاية، منوّهة بعدم تجاوز الطماطم والباذنجان ل 35 دينارا، وحتى أسعار البطاطا عرفت تراجعا، رغم ذلك نجد خضرا أخرى كالجزر والقرعة والخس بأسعار مرتفعة نسبيا، لكنها برأي المستهلكين معتدلة إذا ما قورنت بما تشهده أسواق أخرى من مضاربات. وبخصوص ارتفاع أسعار خضر معينة دون سواها، برّر التاجر محمد ذلك بارتفاع الأسعار على مستوى أسواق الجملة، نافيا أن يكون للأمر صلة باحتكار يمارسه تجار السوق.بجانب الخضروات، لاحظنا محافظة أسعار الفواكه على معدل معقول في متناول المواطنين البسطاء، إذ صرح نعيم وهو تاجر خضار بسوق باش جراح أنّ أسعار الفواكه لم تتأثر بقدوم الشهر الكريم خاصة الفواكه الموسمية، فالكيلوغرام الواحد من الدلاع لم يتجاوز 30 دج، وحتى التفاح والخوخ كانا متاحان في حدود 30 إلى 50 دج. أما أسعار الفواكه المجففة التي يستهلكها الجزائريون بكثرة خلال شهر رمضان، فتراوح سعر العينة المجففة بين 250 إلى 400 دج، والزبيب من 400 إلى 750 دينار حسب جودة السلعة، بالمقابل، كانت أسعار اللحوم سواء البيضاء أم الحمراء جد متقاربة مع نظيراتها المعروضة في الأسواق الجوارية الأخرى. ويرى لمين وهو من تجار السوق أنّ معقولية الأسعار بسوق باش جراح راجعة لكون تجار السوق يلجأون لاقتناء الخضر والفواكه من عند الفلاحين بصورة مباشرة، بشكل يقيهم شر مزايدات الوسطاء أو من يوصفون ب«المضاربين”، وما ينجر عن ذلك من احتكار وارتفاعات.كما شدّد معظم التجار في أحاديثهم ل«السلام” على أنهم يتفادون المغالاة في الربح مكتفين بهامش ربحي ضئيل، لكن يبقى مشكل فوضوية السوق مطروحا، طالما أنّ هذا الفضاء التجاري المزدحم على مدار أيام العام يفتقد إلى غطاء قانوني وينشط باعته خارج نطاق الجباية. وينتقد سكان الجوار السوق المذكورة، متهمين ناشطيها بعرقلة حركة السير، والتسبب في ازعاجات يعانيها سكان الحي باستمرار، خاصة مع تكرر مشاهد المشاجرات والمشادات الكلامية وما يصحبها من كلام نابي يخدش الحياء العام، كما يشهد السوق انعدام الأمن بدليل انتشار ظاهرة السرقة خاصة في شهر رمضان، وهذا ما أضحى يربك رواد السوق.