كعادتهم مع اقتراب شهر رمضان، بدأ المضاربون أو ما يسمى ب»الوسطاء» في إشعال الأسواق، ما يؤشر على اشتداد حمى الأسعار في الفترة القليلة القادمة، في وقت يتساءل مراقبون عن تعاطي مصالح الرقابة مع إدارة منظومة أسعار المواد الواسعة الاستهلاك في شهر الصيام لهذا العام، ومدى نجاحها في إخضاع التعاملات التجارية بعقلانية لميزان العرض والطلب. استبد الغضب لدى قطاع غير قليل من الجزائريين خلال ال72 ساعة المنقضية، إثر معاودة أسعار المواد الأساسية للارتفاع، خلافا لتأكيدات دوائر «مصطفى بن بادة» بشأن ضبط الأسعار وتسقيفها، يخشى كثيرون اجترار سيناريوهات رمضانات السنوات المنصرمة هذا العام وعلى نحو أكثر سخونة. ورغم وفرة المنتوجات التي أبرزها «رشيد بن عيسى» وزير الفلاحة والتنمية الريفية، إلاّ أنّ الخضروات كما الفواكه واللحوم تواصل عزفها المتسارع على نجومية «القمة» رغم الكم الهائل من المنتجات الموسمية وتباهي السلطات بوجود فائض محترم من المواد المخزّنة. وفيما يتوجس عموم الموظفين المحدودي الدخل الأمرّين، من الاكتواء مجددا بأسعار متطلبات ضرورية، يهيب مستهلكون بوزارة التجارة للتدخل والضرب بيد من حديد، حتى لا يتمادى التجار والسماسرة في مضاربات ستحرق جيوب المستهلكين. وفي جولة قادت «السلام» عبر عدد من أسواق العاصمة، اتضح اشتعال بورصة أسعار الخضر والفواكه واللحوم بنوعيها، وكذّبت كل الوعود الفوقية المعسولة، حيث بلغ سعر الكيلوغرام الواحد من البطاطا 50 دينارا، بعدما كان يتراوح بين 25 و30 دينارا قبل أيام، كما قفز سعر الطماطم من 25 إلى 80 دينارا، فيما صار سعر الخس ب80 دينارا، تماما مثل الفلفل الحلو ب 100 دينار والفلفل الحار ب140 دينار. وبينما تبقى الرقابة حلقة مفقودة في الجزائر، لم يسلم الليمون من لعنة الزيادات، إذ أضحى الزبون مطالب بدفع ما لا يقلّ عن 250 دينار للظفر بكمية منه، ورغم حلول رمضان 2012 في أوج الفاكهة الموسمية، إلاّ أنّ ذلك لم يغيّر من موازين السوق شيئا، حيث وجدنا التجار بسوق ميسونييه وسط العاصمة يبيعون العنب ب130 دينار، والبطيخ بنوعيه ب55 دينارا للكيلوغرام، فيما استعرض الخوخ «عضلاته» ب150 دينار، ولم يكن حال التمور أفضل، إذ عُرضت لقاء 280 دينار للكيلوغرام. وإذا كانت الحكومة طمأنت المواطنين بوجود مخزون هائل من اللحوم بنوعيها وبسعر معقول، إلاّ أنّ التجار فرضوا معادلة مغايرة، إذ زاد سعر الكيلوغرام الواحد من الدجاج من 210 إلى 260 دينار، تماما مثل سعر الكيلوغرام الواحد من لحم الغنم الطازج الذي يقدّر ب 1200 دينار، أكثر قليلا مقارنة بلحم البقر الطازج الذي لامس ال 800 دينار، فيما لم يتزحزح اللحم المجمّد عن عارضة ال 500 دينار، رغم كثرة الأحاديث الرسمية عن «ترشيد» و»عقلنة» الأسعار. وفي رد فعل يراه مراقبون «شكليا» ويندرج في خانة «الاستعراض» ليس إلاّ، أعلن «عمارة بوسحابة» مدير تنظيم الأسواق والنشاطات التجارية والمهن المقننة على مستوى وزارة التجارة ، عن استنفار مديريات الأخيرة بغرض ضمان التموين العادي والمستمر بالمواد الغذائية الأساسية قبيل وخلال شهر رمضان الفضيل. يُشار إلى أنّ الترسانة القانونية للجزائر تدعمت منذ ماي 2010، بقانوني الممارسات التجارية والمنافسة، إلاّ أنّه رغم انقضاء 25 شهرا، بقيت دار لقمان على حالها، رغم إشادة المسؤولين بفضائل القانونين المذكورين ونجاعتهما على صعيد تنظيم أكبر للأسواق وفرض الرقابة، مع تفعيل مجلس المنافسة.