إن من نعم الله تعالى على عباده أن يوالي مواسم الخيرات عليهم ليوفيهم أجورهم، ويزيدهم من فضله، فما كاد ينقضي موسم الحج المبارك إلا وتبعه شهر الله المحرم وهو أول شهور السنّة الهجرية، ومن أعظم الشهور وأفضلها، وأحد الأشهر الحُرُم التي ذكرها الله عز وجل في كتابه. وقد ورد في شهر محرم نصوص تدل على فضله، وفضل الأعمال الصالحة فيه من صوم ونحوه. أحاديث واردة في فضله من النصوص الواردة في فضله قوله تعالى : {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ}، وفي هذه الآية بيان أن الله سبحانه وضع هذه الشهور، وسماها بأسمائها على هذا الترتيب المعروف يوم خلق السموات والأرض، وأن هذا هو الذي جاءت به الأنبياء، ونزلت به الكتب، وأنه لا اعتبار بما عند العجم، والروم، والقبط من الشهور التي يصطلحون عليها، ويجعلون بعضها ثلاثين يوماً، وبعضها أكثر، وبعضها أقلّ. ومن فضل شهر محرم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أضافه إلى الله - عز وجل - فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَرَّمُ، وَأَفْضَلُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ صَلَاةُ اللَّيْلِ)، و«هذا الحديث فيه تصريح بأنه أفضل الشهور للصوم”، وأن أفضل أوقات صوم التطوع بعد رمضان هي أيام شهر محرم الذي أضافه الله تعالى إليه تشريفاً وتعظيماً، وهذا ظاهر من حديث النبي - صلى الله عليه وسلم -، فإن الصيام من أفضل الأعمال عند الله تعالى. فضل العمل فيه مما ينبغي على العبد القيام به في هذا الشهر أمور منها: الصيام لحديث أَبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَرَّمُ)، تحري صيام التاسع والعاشر منه فعَنْ بْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (لَئِنْ بَقِيتُ إِلَى قَابِلٍ لَأَصُومَنَّ التَّاسِعَ)، وقال: (وَصِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ). كما أنه ينبغي الإكثار من الدعاء والتزود من الطاعات واستغلال هذا الموسم الرباني.