يعود الأمين العام للمنظمة الوطنية لتواصل الأجيال عبد الحفيظ لحول، في شهادته اليوم، إلى بدايات حياته في بلدية نقاوس، ويتذكر ظروف معيشته القاسية في غياب والده المجاهد ثم الشهيد، ويروي ظروف التحاقه أوائل سنوات الاستقلال بمراكز التكوين العسكري ابتداء بنقاوس مرورا بالمعذر والقليعة وانتهاء بالحراش، وما واكب هذه المسيرة من أحداث وما تخللها من مهمات. كيف كانت ظروف التحاقك بالمدرسة الوطنية للعتاد الحربي بالحراش التي كان يديرها النقيب محمد العماري؟ أنا من أبناء الجزائر العميقة وبالتحديد من بلدية نقاوس، هذه البلدة المجاهدة التي كانت مركز عبور، وهمزة وصل بين الولاية الأولى والولاية الثانية التاريخيتين، في هذه البلدة ولد أبي وكل أجدادي، كان جدي يملك زاوية لتعليم القرآن الكريم، واحتضان عابر السبيل، وكان جدي لأمي الحاج محمد هوادف من معمري هذا البلد، بل ويمكن القول أنه من معمري إفريقيا كلها، إذ توفي، وأقول هذا تكريما له، في الفاتح من نوفمبر عام 1971، وكان عمره حسب الشهادات الرسمية من تسجيلات ووثائق متحصل عليها، يفوق 175 سنة، وهو الذي احتضنني بعد التحاق الوالد رحمه الله بالثورة التحريرية من بداياتها، وكان حسب ما روته الوالدة رحمها الله، قد غاب عن البيت ستة أشهر تقريبا قبل انطلاق الثورة التحريرية، ورفقة الشهيد مصطفى بن بولعيد، والمجاهد بن شايب الذي ما زال على قيد الحياة، غيابه عن البيت قبل انطلاق الثورة جعل السلطات الفرنسية، وبالأخص الجندارما، تأتي ولتسأل عنه يوميا تقريبا، بينما كان هو بجبال “كيمل”، وتقول روايات أصدقائه الذين عاش معهم وما زالوا على قيد الحياة، أنه كان يتنقل بين جبال “كيمل”، و«بوحمامة”، لأنه كان، رحمه الله، متخصصا في نوعية الأسلحة التي تأتي من الخارج بحكم تجربة مشاركته في الحرب العالمية الثانية كما كان متخصصا في صنع المتفجرات. مباشرة بعد إعلان الاستقلال أو لنقل بعد توقيف القتال وفق اتفاقيات إيفيان، بدأت الاتصالات بأسر الشهداء وأراملهم. وأنا أتذكر أن رؤساء المناطق كانوا يدفعون للوالدة دينارين شهريا، وكانت ظروف معيشتنا قاسية جدا إذ كانت لا تأتينا المؤونة من مقر ولاية باتنة إلا مرة واحدة في الشهر عن طريق المناضلين، وكانت عبارة عن قليل من القهوة والسكر والزيت وبعض المواد الغذائية الأخرى. كنا نقتات لأن الوالد لم يترك لنا شيئا. وحتى القطعة الأرضية التي تركها أهملت لأن الوالدة لم تقو علىspan style