اعتبر الخبير الاقتصادي عبد الرحمان مبتول، أن الفارق الكبير بين الضرائب المحصلة من الجباية العادية على الأجور والضرائب على الدخل العام للموظفين، الذي يقترب من 8 ملايير دولار، في مقابل 6 ملايير دولار بالنسبة للضرائب على المؤسسات.. يظهر مدى هشاشة الاقتصاد الوطني وعدم سيطرة الحكومة عليه. ونبّه عبد الرحمان مبتول، إلى أن هذا الفارق -ورغم أسبابه التي تتلخص في الزيادة المعتبرة لأجور ما يقارب من 2 مليون موظف بالقطاع العام- لا يجب أن يغطي على حقيقة التهرب والغش الضريبي المفضوح الذي تمارسه المؤسسات والشركات الاقتصادية والتجارية الناشطة في الجزائر، وهذا ما يتنافى مع أسس ومعايير الاقتصاديات العالمية التي تساهم فيها الشركات الاقتصادية بنسب كبيرة من الضرائب، وأكبر من الاقتطاعات من أجور العمال. وأمام تأكيدات وزير المالية الأخيرة، أن قانون المالية 2014 لا يحمل أي زيادة في الضرائب مهما كان نوعها، مما سيطيل حتما في قوة مساهمة الضريبة على الدخل العام المحصلة من أجور العمال (التي تكلف حسب كريم جودي 32 مليار دولار من ميزانية الدولة السنوية)، وهي الضريبة الغير قابلة للتهرب المقتطعة سنويا من أجور الموظفين، وهذا في مقابل تسهيلات ضريبية كبرى على المؤسسات الاقتصادية التي تستفيد من آليات تشجيع الاستثمار دون أن تحقق النتائج المرجوة من هذه التسهيلات والامتيازات. وتوقعت الميزانية المخصصة لسنة 2014 أن تحافظ الجباية العادية في 2014 على نسقها التصاعدي، حيث من المتوقع أن تصل إلى 2.352.5 مليار دج مقابل 1.577.7 مليار دج للجباية البترولية، علما أن الخزينة العمومية حصلت أكثر من 274 مليار دج (حوالي 4 ملايير دولار) بفضل الضريبة على الدخل الإجمالي خلال السداسي الأول للسنة الجارية 2013 حسب وثيقة لوزارة المالية، ما يرشحها أن تصل إلى رقم 8 ملايير دولار في نهاية السنة، في انتظار احتساب الزيادات المقررة لأجور عمال بعض القطاعات وعلاقتها الايجابية في نمو المحصلات الجبائية على الدخل السنوي للموظفين، حيث حققت الضريبة على الدخل الإجمالي المفروضة على الأجور وحدها 235 مليار دج (3 ملايير دولار)، في حين بلغت الضريبة على الدخل الإجمالي المفروضة على باقي المداخيل 39.2 مليار دج. وأشار الخبير الاقتصادي عبد الرحمان مبتول، إلى أن معظم الشركات التجارية في الجزائر تنشط في السوق الموازية التي قدر قيمة تهربها الضريبي بحوالي 3ملايير دولار سنويا، وهذا رغم الحديث المتكرر لمديرية الضرائب عن تعزيزها لآليات مكافحة التهرب الضريبي وتكثيف دوريات الرقابة على عمل المؤسسات والشركات المتحايلة على القانون. من جانب آخر تظهر هذه الأرقام، أن الزيادات التي تقرها الحكومة وتصبها في أجور العمال تعود إليها بطريقة غير مباشرة عبر الضريبة العادية والسنوية على الدخل، في انتظار الإعلان عن مؤشرات التضخم ونسبته السنوية وتأثير ذلك على القدرة الشرائية للجزائريين، ومدى التحكم في الأسعار.