كرم أول أمس بدار الثقافة عبد القادر بتلمسان مرجع وعملاق من عمالقة الموسيقى الأندلسية بتلمسان الشيخ سيد أحمد سري، ويأتي هذا التكريم ضمن سلسة التكريمات وتذكر شيوخ الأندلس، التي يعمل عليها معرض النوبة من خلال تكريم أعمدة هذا النوع من الموسيقى العريقة. ويعتبر سيد أحمد سري أول فنان جزائري يتقلد وسام الاستحقاق الوطني وكان ذلك سنة 1992، كما أنه مناضل حقيقي في تبليغ وحفظ التراث الأندلسي بأسلوب» الصنعة» وحاضرا في جميع المعارك بواسطة التعليم والكتابة، بالإضافة إلى أنه مرجع وشاهد على البعد الموسيقي الأندلسي. هذا وولد سيد أحمد سري سنة 1926، ولقد كان عند هذا المغني والعواد والأستاذ شغف كبير بالموسيقى، ونمت هذه الموهبة لما انظم إلى جمعية »الجزائرية« ووجد أفضل الظروف لتعلم الموسيقى، ولما فتحت له استوديوهات الإذاعة والتلفزيون تمكن الجمهور من معرفته وترك بصمته الكبيرة في الموسيقى الأندلسية. وقام المعرض الكبير النوبة بتكريم الشيخ سيد أحمد سري عبر عرض مختلف مراحل حياته مع الموسيقى وعشقه وتفانيه في خدمة الفن الأندلسي، وحمايته من الزوال حيث ابتدأ حفل التكريم بتدخلات عديدة لتلامذة الشيخ، الذين عددوا مناقب الرجل ومعبرين عن سعادتهم البالغة بهذا التكريم الذي طال أستاذهم، معتبرين بأن هذه الخطوة هي اقل ما يمكن تقديمه لعملاق في الموسيقى الأندلسية وأحد الشيوخ والأساتذة الذين تركوا بصمة واضحة في سماء الموسيقى الأندلسية. كما أن بعض المتدخلين لم يستطيعوا التعبير عن هذا الموقف وغلبتهم الدموع من شدة تأثرهم بهذه اللحظة ومدى إجلالهم لشيخ الموسيقى الأندلسية سيد أحمد سري. وبعد هذه المداخلات تم عرض عملين أنشئا خصيصا لهذه المناسبة، والمتمثل في كتاب يشمل مختلف أعمال الشيخ والنوبات الموسيقية التي قام بكتابتها حيث اجتهدت مجموعة من المختصين في جمعها وترتيبها، لتشكيل كتاب يضم كل هذه الأعمال لتبقى راسخة ويتم الاعتماد عليها كمنهج في تدريس هذا النوع من الموسيقى، وبالإضافة إلى الكتاب قام المنشط فيصل قلفاط بعرض عمل آخر وهو عبارة عن مجموعة أقراص مضغوطة تحمل الأعمال الفنية لسيد أحمد سري والمتكونة من 24 أسطوانة من نوع سيدي. وفي ختام هذا الحفل تم تنظيم سهرة فنية للموسيقى الأندلسية من تأدية جمعية العنادل الشراڤة بالجزائر العاصمة، التي يشرف عليها يوسف الوزناجي وهو احد تلامذة الشيخ وقدمت هذه الجمعية نوبات موسيقية أندلسية بحضور الجمهور التلمساني الذواق لهذا النوع الموسيقى، والتي تعتبر عاصمة الزيانيين قلعة من قلاعه المحافظة على هذا التراث الموسيقي. هذا وعبر السيد سيد أحمد سري لجريدة »السلام« عن سعادته الكبيرة بهذا التكريم ولم يجد الكلمات المعبرة عن ذلك لدرجة أن الدموع غلبته كما نوه بهذه المبادرة التي ترعاها وزارة الثقافة والمتمثلة في تذكر شيوخ وأعلام الموسيقى الأندلسية الذين أفنوا حياتهم في خدمة هذا النوع الغنائي الذي يميز الثقافة الجزائرية، كما أشاد نفس المتحدث بالجيل الصاعد والجمعيات الموسيقية الأندلسية، خاصة وأن تلامذته واصلوا المسيرة التي كان قد بدأها موضحا بأنه اطمأن على مسار النوبات الأندلسية في ظل الاهتمام المتواصل بهذا النوع من الموسيقى. للتذكير تواصلت فعاليات هذا التكريم بعرض فني لجمعية الفن الأصيل بالقليعة مع قائد الجوق إبراهيم بن لجرب في حفل نشط أمس.