حوّل اقتناء الأسلحة الفردية بطرق غير شرعية أو عن طريق التهريب، الجزائر إلى "سوق" للاتجار بالأسلحة والذخيرة المهربة من ليبيا خصوصا، ما أدى إلى زيادة في تهريب هذه الأمور، من منافذ تهريب جديدة على الحدود الشرقية، وظهرت عصابات مختصة ليبية وجزائرية. اقتصر تهريب الأسلحة عبر الحدود بين الجزائر وليبيا على الإرهابيين في وقت مضى، وأضحى اليوم "موضة" قاتلة يهواها مهربون من نوع خاص يسوقون ما يهربون إلى جزائريين يحبون امتلاك قطعة سلاح ولو خارج القانون، من المسدس إلى البندقية. وعرفت هذه الظاهرة في السنوات الأخيرة ارتفاعا وتحولت "تجارة" على الحدود الجزائرية-الليبية، ينشطها مهربون ليبيون وجزائريون يزودون عصابات، وغيرها، خاصة بالولايات الجنوبية حيث لا يكتفي مهربو المخدرات بتهريب هذه السموم، بل يتجاوزونها للمتاجرة في الأسلحة العسكرية، مع ظهور "سوق مالي"، التي تعني فيما تعنيه "بيع أسلحة للفصائل المتناحرة هناك"، وعلى هذا الأساس يجري تهريب أسلحة من نوع كلاشنكوف وألعن منها، في حين يتجه مربو المواشي لشراء بندقية سيمونوف الروسية. وكان أحد أقارب القيادي في تنظيم القاعدة في بلاد المغرب، عبد الحميد أبوزيد، يستولي على سيارتي دفع رباعي من شركة تابعة لمجموعة سوناطراك قرب القاعدة النفطية "تيافتي" بين ولايتي اليزي وتمنراست، باستعمال رشاشات من نوع كلاشنكوف تم تهريبها من ليبيا. وأمر قاضي التحقيق لدى محكمة سوق أهراس أول أمس الخميس بإيداع 3 أشخاص تتراوح أعمارهم بين 38 سنة و40 سنة، ينحدرون من مدينة سوق أهراس رهن الحبس بتهمة المتاجرة في الأسلحة النارية من الصنف الخامس دون رخصة، وتهريب الأسلحة باستعمال وسيلة نقل وصناعة سلاح من الصنف الخامس بغرض الاستعمال الشخصي. وتحذر مصالح الأمن والجيش وحداتها العاملة قرب الحدود الليبية من ارتفاع حجم تهريب الأسلحة من ليبيا، وشهدت الأشهر ال10 الأولى من العام الحالي أعلى مستوى لحجز الأسلحة المهربة عبر الحدود الجنوبية في السنوات الأخيرة حيث تمكنت مصالح الأمن والدرك من ضبط 20 إصبع ديناميت و104 قطع سلاح في عمليات عديدة، فضلا عن إيقاف 14 شخصا خلال عملية تفكيك مجموعة تنشط في تهريب الأسلحة وبيعها امتد عبر عدة ولايات. ولعبت "بورصة" تهريب السلاح على الحدود الجزائرية-الليبية في استقطاب مزيد من عصابات التهريب وهواة بيع الأسلحة نحو مالي، إذ يتراوح ثمن رشاش من نوع كلاشنكوف في السوق السرية للسلاح بولاية اليزي بين ثمانين ألفا ومائة ألف دينار جزائري، أي ما يعادل 800 إلى 1000 دولار أمريكي، ويصل سعر المسدس برونينغ الأمريكي، أو بيريتا الإيطالي سبعون ألف دينار، أي قرابة 7000 دولار أمريكي. وأحصت مصالح الأمن في عمليات مسح مبدئية أكثر من 10 آلاف قطعة سلاح تمتلكها الأسر الجزائرية. وفي السياق ذاته أرجع قانونيون ومحامون ممن رافعوا في قضايا اتهم فيها أشخاص بتهريب أسلحة من ليبيا إلى الجزائر، أسباب ارتفاع وتيرة تهريب السلاح إلى الجزائر من ليبيا، إلى كون القانون الجزائري يمنع تجارة الأسلحة الفردية، ويحصرها في نطاق ضيق، كما انه لم يفتح الباب أمام تجارة شرعية للسلاح تخضع لرقابة الحكومة، في حين ربطها آخرون بحاجة الناس للحماية التي توفرها الأسلحة الفردية، خاصة في ظل منع القانون حمل السلاح الفردي إلا بوجود ترخيص يصدره وزير الداخلية، فيلجئون إلى شراءه بطرق غير شرعية.