أسدل الستار أمس بمجلس قضاء البليدة على جلسات قضية الخليفة بعد 35 يوما من المحاكمة استعرضت خلاله هيئة محكمة الجنايات برئاسة القاضي عنتر منوّر قرار الإحالة والإستماع ل 75 متهما وأزيد من 100 شاهدا، إضافة إلى تقديم هيئة الدفاع لمرافعاتها فضلا على مرافعات الأطراف المدنية المتأسّسة في القضية على رأسها بنك الجزائر وبنك الخليفة في التصفية ممثل من قبل المصفي منصف بادسي، على أن تدخل هيئة المحكمة للمداولة انطلاقا من اليوم لتجيب على 14000 سؤال، بمعدل 924 سؤال لكل واحد من المتهمين، على أن ينطق بالأحكام في جلسة ال 23 من نفس الشهر. اختتمت الجلسة ال 35 بمرافعة المحامي لزعر نصر الدين في حق الخليفة الذي نقل القضية في جريمة الإفلاس إلى تفليس من قبل جهات معينة أعطت الضوء الأخضر لمتابعة الخليفة عوض إعطاء الأولوية لاستعادة الأموال. الخليفة سوّى التزاماته الضريبية وأكّد المحامي لزعر أن مجمع الخليفة كان ملتزما إزاء مصالح الضرائب سبق لمسؤول في الإدارة الجبائية أن صرّح بأن بنك الخليفة كان يسدد الضرائب وهذا دليل على صحتها المالية، وحاول المحامي لزعر نصر الدين إعطاء صفة قانونية للهدايا التي كان يقدمها الخليفة للموظفين العموميين على شاكلة ما يعرف في مصر ب "البقشيش"، يقول لزعر :"البقشيش هو عنصر من عناصر الثقافة المصرية وهي نوع من الهدايا التي تقدّم لموظف في مؤسسة عمومية للحصول على حق وقد يرتفع هذا المبلغ كلما كانت الخدمة معتبرة، وهو أمر صعب محاربته في مصر "،واعتبر تقديم الخليفة العمولات لمدراء وكالاته ب "القانوني"، مشيرا أن منافسة الخليفة للطيران للخطوط الجوية الجزائرية كان بصفة مشروعة بدليل عدم إيداع الأخيرة أي تقرير ضد الخليفة ايرويز . وفي نفس السياق، أضاف المحامي لزعر :" بطاقات التخفيض أمر غير ثابت في الملف، هناك إتفاقيات تخفيض لمؤسسات لم تودع أي سنتيم في البنك، وبالمقابل هناك إيداعات دون تخفيضات وتخفيضات دون إيداعات". وبخصوص الإنتقادات التي وجهت لسياسة التوظيف في مجمع الخليفة، أرجع ذات المحامي توظيف أبناء وأقارب مودعين من مدراء مؤسسات عمومية لعامل الصدفة، مشيرا أن الطيارين الموظفين في الخليفة ايرويز تلقوا تكوينا خاصا أهّلهم لذلك بعدما أمضت المؤسسة عقد تكوين مع أبرز الشركات في العالم. وحاول المحامي في مرافعته إبراز حسن نية موكله الذي دعّم مشاريع خيرية عددية وتحصل على برتوكول لتصنيع أدوية محاربة داء السيدا معتبرا أنه "من غير العدل " محاسبة عبد المؤمن خليفة على كل التجاوزات التي حدثت في كل القطاعات العمومية. وفي تبريره لطريقة توزيع القروض على موظفي بنك الخليفة، أفاد المحامي أن الفتى الذهبي كان يعطي الموافقة المبدئية على كل قرضعلى أن تتخذ باقي الإجراءات الإدارية من قبل الهيئات المختصة. وناقش المحامي أمس تهم الإفلاس بالتدليس الموجهة لمولكه وقال :" نحن لسنا أمام إفلاس وإنما أمام تفليس من جهات، في حالة الإفلاس العادي تؤدي إلى عقوبة ثماني سنوات قضاها المتهم، ونستحي عن المرافعة فيها، ولكنني أرافع الآن لذاكرة التاريخ ولتبرئة الذمم أمام الرأي والعام وأمام تاريخ الوطن". الخليفة .. قضية بنكية بسيطة وحاول لزعر بكل جرأة تبسيط التهم واعتبر قضية الخليفة "قضية بنكية بسيطة"، مشيرا إلى نوايا خفية في "إصطناع ملف جزائي"، وفي توضيحه للوضعية المالية لبنك الخليفة فأنكر وصوله إلى مرحلة التصفية وإنما حالة التوقف عن الدفع. وعاد في مرافعته إلى تقرير المتصرف الإداري محمد جلاب الذي جاء فيه "...أنه لو استمرت الوضعية لوصلنا قريبا إلى حالة التوقف عن الدفع" كما جاء في نفس التقرير :" اتخاذ تدابير معينة هي أولا تسريع المودعين الصغار وسحب المودعين الكبار وهذا محافظة على التوازن البنكي" وهو ما اعتبره محامي الخليفة دليلا على أن البنك لم يمتنع عن التسديد ، مستشفا ذلك أيضا من تصريحات أعضاء اللجنة المصرفية ، خلال مثولهم شهودا في القضية وأفادوا أن البنك لم يتوقف على الدفع، وإنما كان هناك إنعدام السيولة الكافية، في حالة عجز أي بنك على تسديد مبلغ في حالة معينة، يستطيع بنك الجزائر التدخل لإنقاذ الوضع، مستندا في ذلك إلى قرار سحب الإعتماد الذي لم يشر أصلا إلى توقف عن الدفع وإنما ذكر إحتمال وقوعه. وأكد المحامي لزعر نصر الدين أن هناك مخالفات وردت في الملف القضائي أنها لا ترقى إلى الوصف الجزائي، ويتعلق الأمر بمخالفة التجارة الخارجية وغيرها من عدم مراعاة قواعد الثقة والحذر، واعتبر سحب الإعتماد قرارا تأديبيا مبنيا على "كوارث مفترضة غير مجسدة على أرض الواقع". حملة اعلامية شرسة قضت على الخليفة ورأى المحامي من قرار هو سحب إعتماد التجارة الخارجية من وكالات بنك الخليفة، هو "بداية سياسة التعجيز" أو "خطة التفليس" على حد وصفه، تلتها حملة إعلامية تمثلت في تسريبات مبرمجة ومنظمة على أن الخليفة سحب منه الإعتماد، إضافة إلى تسريبات أخرى وسائل الإعلام ساهمت في تحطيم البنك، يقول محامي الخليفة :" لا يمكن لأي بنك مهما كان صلبا أن يصمد بقرارات مماثلة ،كان من الممكن أن يتحول الخليفة بنك إلى مجمع دولي نفتخر بها، اليوم نبكي على اطلاله" يضيف :" كان يمكن أن يعاد إنعاشه ونصل به إلى تسوية الأمور، وإعادة توزانه الإقتصادي والمالي". سحب الاعتماد مسّ بسمعة البنوك الجزائرية في الخارج وانقد لزعر موقف تواتي علي نائب محافظ بنك الجزائر الذي شكك في الخليفة منذ أن أعرب الأخير عن نيته في فتح وكالة بنكية بألمانيا واعتبر دفاع الخليفة توقيف نشاط البنك، بعد سحب الإعتماد منه " مساسا صريحا بسمعة الساحة البنكية الجزائرية في الداخل والخارج". واعتبر سحب الاعتماد غير قانوني بسبب عدم إنعقاد عدة جلسات قبل إتخاذ قرار حاسم، في غياب الخليفة عبد المؤمن وحضر دفاع قليمي الذي التمس تأجيل الجلسة لإستدعاء الخليفة، ولكنهم رفضوا ذلك، لتتسارع بذلك وتيرة التصفية الذي كان الغرض منها حسب محامي الخليفة توقيف السيولات ، مشيرا أن الخليفة بلغ بعد أربعة أشهر، وسجل طعنا ورفض، لكن القرار لم يبلغ حسب لزعر. وبخصوص شركة الخليفة ايرويز فهي -حسب المحامي- مؤسسة دفعت 40 بالمائة من رأس مالها وبقي عليها 60 بالمئة، وطرح المحامي لزعر في مرافعته عديد الأسئلة :" لماذا لم يتخذ السيد بادسي منصف مصفي بنك الخليفة الإجراءات المتمثلة في إستعادة أموال البنك ؟"، "لماذا تنازل السيد بادسي عن مبالغ محطات تصفية مياه البحر لشركة سعودية؟"، لاسباب قال المصفي أنه نتيجة تخوفات من مصاريف زائدة. واعتبرال 11إشعارا محررة بعد خروج الخليفة من أرض الوطن ولا يمكن أن تنسب إليه حسب دفاعه. الخليفة كبش فداء وأشار المحامي أن الخليفة هو ضحية عصابة قرصنة دولية استحوذت على أموال مجمع الخليفة من بينهم رجل الأعمال راغد الشماخ الذي له دور في كل العمليات المشكوك فيها، وتسائل :" لماذا يد العدالة الجزائرية لم تمتد إلى متابعة الأشخاص الذين ألحقوا أضرارا بمصالح الدولة الجزائرية ؟". يختم المحامي لزعر نصر الدين عثماني :"عايشنا هذه القضية منذ شهر و15يوما والتمسنا فيكم نية الوصول إلى الحقيقة وأتصور أننا قد ساعدناكم فيها بإفادتكم موكلي بالبراءة ستدخلون التاريخ من بابه الواسع وللأوسع وتمسحون الظلم على متهمين ظلموا وظلموا كثيرا ..". الكلمة الأخيرة للخليفة :" أنا بريء .." طالب الخليفة في أخر كلمة له قبل إصدار الأحكام بإفادته بحكم البراءة وأضاف :" لا أعلم من أين أبدأ كانت القضية طويلة الأمد، كان النائب العام يقول مجرد كلام وتحدث عن إلهامي للوعد الصادق، كيف يشبهني بالوعد الصدق ؟ الوعد الصادق لم أسمع به قبل أن تتحدث عنه النيابة العامة في جلسة محاكمتي، أنا كان لدي بنوك وكانت هناك أعمال وأموال تودع وتسحب، هذه القضية مبنية على مجرد كلام لا يوجد دليل مادي ضدي وألتمس البراءة ".