نفت التحقيقات في قضية مقتل بوطرفة نبيل قاضي التحقيق بمحكمة أم البواقي فرضية العمل الإرهابي أو الإستيلاء على مستندات كانت بحوزته، فيما أكّدت عائلة القاضي أنه تعرّض لضغوطات مهنية كبيرة لم يفصح عنها لدرجة جعلته يفكر في تغيير مكان عمله أياما قبل مقتله، لتبقى الجريمة تحاط بغموض كبير من حيث دوافعها الحقيقية. صبيحة يوم الخميس المصادف للسابع من شهر ديسمبر، تلقت مصالح الدرك الوطني بعنابة إخطارا يفيد بالعثور على جثة بإحدى الأحراش الواقعة قرب قرية الصرول ببلدية الشرفة في ذات الولاية، ليتم التنقل فورا إلى عين المكان، أين تم العثور على جثة مقيدة اليدين مشوهة الوجه والرقبة وظهرت عليها أثر رصاصتين، ليتم تحويلها على مصلحة حفظ الجثث. وكانت مفاجأة مصالح الدرك كبيرة بعد عثورهم على حقيبة تحوي وثائق وملفات قضائية، هاتف نقال ومبلغ مالي، ما سهّل تحديد هوية الضحية إنه بوطرفة نبيل قاضي التحقيق بمحكمة أم البواقي وابن المحامي بوطرفة محمد مالك مكتب محاماة دائرة عزابة ولاية سكيكدة. التحقيق يشمل أزيد من 60 شخصا لم يكن التحري في ملابسات الجريمة وتوقيف مقترفيها شيئا سهلا فالفرضيات مفتوحة نظرا لمنصب الضحية، ما عزّز احتمال تصفية الحسابات أو عمل إرهابي، كما أن طريقة القتل أوحت للمحققين أن القاضي قتل لدوافع انتقامية ولكن تم استبعاد الجريمة بدافع السرقة. قطع التحقيق أشواطا كبيرة، حيث تمت مراجعة عشرات ملفات المتقاضين التي عالجها القاضي الضحية بمحكمتي أم البواقي ومليانة حيث تم توقيف واستجواب أكثر من 60 شخصا، أغلبهم على علاقة بجرائم وجنح تجارة بالمخدرات وتهريب السلع. تكفل وكيل الجمهورية لدى محكمة الحجار شخصيا بمتابعة التحريات وبالاعتماد على كشف الاتصالات لشريحة الهاتف النقال المملوك للضحية، وبتمديد اختصاص التحقيق لولايتي أم البواقي والمسيلة، تم توقيف المدعو "ن.س" بصفته آخر من تحدث مع القاضي قبل مقتله. ابن مسؤول المقاولين بعنابة أول المشتبه فيهم وتمّت إحالته على التحقيق أين تبيّن أنه ابن مسؤول فرقة المقاولين بعنابة، لكنه أنكر ضلوعه في الجرم، ولكنه وبعد إصرار المحققين على سماع الحقيقة منه، اعترف بقتل الضحية رفقة شخص آخر وروى تفاصيل الجريمة، التي تمت عندما خرج مع القاضي بسيارته وبوصولهما إلى الطريق الوطني رقم 44، وتحديدا إلى منطقة خرازة طلب من القاضي إيقاف السيارة أمام أحد المساكن، قبل أن يفاجئه بضربة على الرأس مستعملا قطعة خشبية، هناك كان في انتظار شخص آخر ساعده على قتل الضحية بعدما فقد وعيه، حيث انهالا عليه بحجر كبير على مستوى الرأس، وانتزعا منه سلاحه الذي استعملاه في توجيه ضربة أخرى إلى رأس القاضي، وبعد تأكدهما من أن الضحية فقد وعيه تماما قاما بتقييده ونقله إلى بلدية الشرفة، أين أطلقا عليه النار من مسدسه وألقيا به في الأحراش ثم عادا إلى وادي النيل وعمدا إلى غسل سيارة الضحية من آثار الدماء التي كانت فيها. اتفقا على بيع سيارة وسلاح القاضي وفي اليوم الموالي التقى الجاني وشريكه أربعة أشخاص، ثلاثة منهم ينحدرون من ولاية عنابة وآخر من ولاية خنشلة واتفقوا معه على بيع السيارة وسلاح الضحية. ليتم توقيف باقي المتهمين تباعا واعترفوا بالجرم المنسوب إليهم، ومواصلة للتحريات أصدر وكيل الجمهورية أمرا بتفتيش مسكن أحد المشتبه بهم، أين عثر على سلاح القاضي المسروق والقطعة الخشبية التي قُتل بها.
بعد استكمال إجراءات التحقيق، أحالت غرفة الاتهام بمجلس قضاء أم البواقي بتهمة القتل العمدي مع سبق الإصرار والترصد، تزوير الوثائق، الحيازة والمتاجرة بسلاح ناري، التعذيب والخطف والقتل العمدي، أين صدر في حق الجاني وشريكه الرئيسي عقوبة الإعدام.