عرف قصر "عزيزة" المتواجد بتراب بلدية بني تامو في ولاية البليدة حالة متقدمة من الاهتراء والتآكل بعدما غيرت العائلات المقيمة به منذ الاستقلال العديد من ملامحه في غياب إرادة لاسترجاعه وجعله متحفا للأجيال الصاعدة. يعد قصر "عزيزة" من المعالم الأثرية ذات الأهمية التاريخية البالغة بالولاية، حيث يعد المعلم الوحيد والقديم الذي صمد بعد زلزال 1825 الذي ضرب الولاية وهدم كل ما عليها من بنايات باستثناء هذا المعلم الذي شيده الأتراك وفق نظام مضاد للزلازل يشبه إلى حد بعيد ذلك المعمول به حاليا، ويرجع تاريخ تشييده إلى فترة التواجد العثماني بالمنطقة وتحديدا إلى بداية القرن الثامن عشر، حيث شيده آنذاك الحاكم العثماني مصطفى باشا، لابنته عزيزة، غير أنه وبعد الاستقلال احتلته عائلات لتجعل منه سكنا يؤويها.. مُحدثة العديد من التغييرات شوّهت كثيرا معالم القصر الذي أضحت جدرانه متآكلة وأسقفه مهددة بالسقوط. ويلاحظ الزائر لهذا القصر كيف أن هذه العائلات تسببت في إحداث عدة تغييرات بمعالم القصر الذي يتربع على مساحة 560 م2 كإنجاز سور بوسط رواق الطابق الأول، ما شوّه كليا صورة هذا المعلم إلى جانب استحداث سلالم لم يكن لها أي وجود بباحة القصر وغلق أبواب مقوسة أخرى لفصل عائلة عن أخرى تضيف، إحدى المقيمات. كما تعرف بوابته العملاقة بارتفاع 3.25م وعرض 2.90م المصنوعة من خشب الأرز تآكلا في وضعيتها، شأنها شأن النوافذ والأسوار الحجرية العريضة والدعامات الكبيرة التي تحمل البناية، وكان هذا الصرح الذي يشبه إلى حد كبير قصر "عزيزة" بالقصبة بالعاصمة - حيث اعتمد في بنائه على أسلوب معماري مميز- بمثابة منتجع سياحي لعائلة الداي وفضاء طبيعي رحب وسط بساتين البرتقال وأشجار النارنج ويتوفر على كل وسائل الراحة من خدم وملاحق ملحقة بالقصر. وتناشد هذه العائلات ال14 المقيمة بقصر عزيزة وهي - حسبها - "مكونة من أبناء الشهداء وقدامى المجاهدين"، السلطات المحلية ترحيلها إلى سكنات لائقة لاسيما وأنها تقطن بهذا المعلم التاريخي والأثري منذ الاستقلال في حالة يرثى لها بعد أن تآكلت أسقف هذا الأخير "مهددة حياتهم بالموت في أي لحظة"، وأكدت هذه العائلات أنها تلقت العديد من الوعود من المسؤولين الذين تعاقبوا على الولاية بترحيلها إلى سكنات لائقة غير أن ذلك لم يتم بالرغم من خطورة وضعيتها. مواطنو البلدية يفتخرون بعزيزة ويخلدون اسمها وتعدّ المراجع التي تتحدث عن قصر عزيزة بالبليدة قليلة جدا إن لم تكن منعدمة، بسبب انعدام الأبحاث والدراسات حول هذا المعلم التاريخي غير أن أبناء المنطقة لا يزالون يتداولون قصة "عزيزة وكيف أنها عشقت المكان إلى أن توفيت به"، حسب رواياتهم، ويتجلى ذلك عبر العديد من المظاهر والسلوكات التي لا يزال السكان المحليون يتشبثون بها، على غرار إطلاق اسم عزيزة على بناتهم أو على محلاتهم، على غرار ما قام به مؤخرا صاحب مطعم الذي وضع لافتة "مطعم قصر عزيزة" على محله "تبركا بها" حسب أحد عمال المطعم، غير أن ما يحزّ في أنفسهم هو كيف أن هذا المعلم الذي لطالما افتخرت به بلدية بني تامو التي فضلتها عزيزة على العديد من مناطق الوطن يبقى يصارع الإهمال.