أوقفت مصالح الأمن الوطني بمطار هواري بومدين في العاصمة شابا في العقد الثاني من العمر ويتعلق الأمر بالمدعو "ب.مروان" قادما من تركيا بمساعدة القنصلية الجزائرية بعدما قرّر الفرار من معتقلات التنظيم الإرهابي المعروف بالدولة الإسلامية في الشام والعراق "داعش". فتحت فرقة البحث والتحري لأمن ولاية الجزائر تحقيقا مع المشتبه فيه وتبيّن من مجرياته وجود قرائن قوية ومتماسكة تؤكد تورّطه في الانتماء إلى جماعة إرهابية تنشط في الخارج بعدما قرّر مغادرة ألمانيا إلى تركيا على أساس الالتحاق بجمعيات خيرية غير حكومية ليدخل التراب السوري وينشط ضمن ما يعرف بجماعة النصرة قبل إلتحاقه بالتنظيم الإرهابي "داعش". ويذكر أن المتهم تم سماعه من قبل قاضي التحقيق لدى محكمة الحراش قبل إرسال مستندات القضية إلى النائب العام بمجلس قضاء الجزائر ليحال على محكمة الجنايات للمحاكمة بجناية الإنتماء إلى جماعة إرهابية تنشط بالخارج. ألماني من أصول أفغانية يجنّد الطالب الجزائري وروى مروان خلال مثوله للمحاكمة تفاصيل انتقاله من ألمانيا، التي سافر إليها بتاريخ 26 ديسمبر 2011 لإكمال دراسته في تخصّص اللغة العربية بعدما اجتاز مسابقة في المغرب، إلى تركيا للنشاط ضمن جمعيات خيرية غير حكومية على حّد قوله، وهي الفكرة التي أقنعه بها أحد معارفه وزميله في العمل في شركة ألمانية ويتعلق الأمر بشخص ألماني من أصول أفغانية. سافر "ش.مروان" إلى تركيا بتاريخ 25 جانفي 2014، وهناك تعرّف على شاب سوري ينحدر من مدينة حلب والبالغ من العمر 17 سنة، أين ساعده في الوصول إلى أعضاء آخرين لتكوين الجمعية الخيرية التي تقدم مساعدات على الحدود التركية السورية. تنقل الشاب الجزائري رفقة عدد من المواطنين الأتراك وآخر من جنسية فرنسية إلى الشريط الحدودي السوري أين مكث معهم في فيلا خاصة،وهناك كانوا يستقبلون حاويات مملوءة بالمواد الغذائية ومختلف المساعدات ليتم تقسيمها على القفف استعدادا لتوزيعها، على حدّ ما جاء على لسان المتهم. اختراق الحدود التركية السورية باسم جمعية خيرية كان أعضاء الجمعية الخيرية يدخلون إلى التراب السوري عن طريق سيارة إسعاف غير أن وصول التنظيم الإرهابي "داعش" إلى الحدود عرقل مهامهم، ويقول مروان أنهم صاروا يدخلون إلى سوريا سيرا على الأقدام لمدة ثلاثة أشهر. وأكد المتهم أنه وطوال تلك الفترة لم يلتق أفراد الجمعية الخيرية -على حد تعبيره - مع أشخاص مسلّحين ولكنهم شاهدوا عمليات قصف جوي بالتراب السوري. وحسب رواية مروان فإنه وقع رفقة تسعة أشخاص آخرين من جنسية فرنسية، ألمانية وتركية في قبضة جبهة النصرة والجيش الحّر، أين تم احتجاز المجموعة لمدة أسبوعين دون أن يقدموا الإسعافات لأحد قبل أن يصل تمدّد "داعش" للحدود التركية السورية، أين وقع اشتباك بينهم وبين جبهة النصرة فيما انسحب الجيش الحرّ، يقول مروان. وأضاف الأخير أن عناصر جبهة النصرة أخبروهم أن المنطقة الحدودية صارت تحت سيطرة التنظيم الإرهابي "داعش" واقترحوا على أعضاء الجمعية مرافقتهم إلى ريف حماة ومنه يمكنهم العودة إلى تركيا. مروان ينتحل صفة طبيب حتى لا يزّج به في جبهات القتال وحسب تصريحات الشاب الجزائري فإنه قدّم نفسه على أساس أنه طبيب في الجمعية الخيرية تفاديا للزّج به في جبهات القتال وخوفا من التنظيم الإرهابي "داعش" قرّر أعضاء الجمعية مرافقة عناصر جبهة النصرة التي ألحقتهم بمستشفى الرقة أين مكثوا لمدة شهر كامل وكانت جماعة المهاجرين الأجانب تتكون من 30 شخصا. وفي إحدى المرات- يقول مروان- جاءهم أمير في جبهة النصرة يدعى "أبو عيسى" وحاول إقناع أعضاء الجمعية الخيرية بتغيير المكان نظرا لتوسّع التنظيم الإرهابي "داعش" في المنطقة، غير أن أحد المهاجرين من أعضاء الجمعية أكّد وجود نوايا خفية لتجنيد أعضاء الجمعية والتوغل بهم في الأراضي السورية، ما جعل الجماعة ترفض تغيير المكان. أعضاء "الجمعية الخيرية" في قبضة "داعش" ويقول مروان أن أمير تنظيم "داعش" في تلك المنطقة سمع بوجود أشخاص من جنسيات أجنبية يرفضون الخضوع لجبهة النصرة التي انتقلت بعدها إلى مدينة القلمون ودخلت في اشتباك مع التنظيم "داعش" أين قتل الجميع عدا المدعو "أبو عيسى". وحسب تصريحات المتحدث، فإن جماعة المهاجرين الأجانب وقعت في قبضة "داعش" واقترح عليهم أميرها العمل معهم مقابل تمويلهم ولكن مروان يقول أنه رفض الأمر فيما قرر كثير من مرافقيه الإنضمام إلى داعش، ولكنه ورغم أنه طبيب على حّد اعتقاد الجماعة إلا ذلك لم يمنعه من التدرّب على استعمال السلاح. وبرّر المتهم جروحه العميقة باصابته بطلق ناري خلال مساعدته لأحد المصابين، مضيفا انه أصيب في شهر رمضان في حدود الساعة الثانية صباحا، وتم إسعافه الى مستشفى الرقة التي وصل إليها في حدود الساعة الثامنة مساء، أين خضع لعملية جراحية وبعدما مثل للشفاء اتصل بالمدير العام للمستشفى واخبره انه مسعف في إطار جمعية خيرية ويريد العودة إلى تركيا من أجل إكمال العلاج، غير أن المدير وبعد استفساره عن الأمر وجهّه لوالي الرقة على بعد 200 كيلومتر من المستشفى . ترخيص من والي الرّقة لمغادرة سوريا شرط العودة وحاول مروان إقناع "والي الرقة" أن يسمح له بالسفر إلى تركيا من أجل العلاج ورؤية أمّه المريضة بمرض السرطان ورغم أن الأمر ليس بالهين إلا أنه منحه ترخيصا لمدة 20 يوما، بعدما اقسم مروان على العودة إلى التراب السوري خاصة أنه هدد بالتصفية الجسدية. وبتقديم الترخيص إلى ما يعرف ب" أمير الحدود"، تمكّن مروان من عبور الشريط الحدودي مع تركيا أين مكث في فيلا يتشبه في أنها تابعة ل"داعش"، ومن خلال شبكة الانترانيت تمّكن من الحصول على رقم القنصلية الجزائريةبتركيا، أين اتصل بها وطلب منها المساعدة للعودة إلى التراب الوطني، فتم منحه بطاقة زرقاء دخل بها الجزائر عبر مطار هواري بومدين رغم أن جواز سفره منتهي الصلاحية، ليعود مروان الى منزله قبل أن تصل معلومات مؤكدة لمصالح الأمن تفيد بنشاطه المشبوه خارج الوطن ليتم توقيفه. من جهته، اعتبر ممثل النيابة العامة بمجلس قضاء الجزائر الحجج التي جاء بها المتهم بخصوص عبوره الشريط الحدودي بين تركياوسوريا غير منطقية كونه يعرف أن المنطقة تعرف توترا امنيا، مشيرا أن قضية مروان "ليست الأولى أو الأخيرة التي تعرض على العدالة الجزائرية كون التنظيمات الإرهابية تعتمد على الشباب كوقود لها خاصة في سوريا التي تعرف حربا بالوكالة".
وأكد النائب العام أن المتهم يميل للنشاط الإرهابي بدليل تدرّبه على حمل السلاح ملتمسا في حق المتهم عقوبة ثلاث سنوات سجنا وغرامة بقيمة 500 الف دينار، وبعد المداولة القانونية أصدرت هيئة محكمة الجنايات بمجلس قضاء الجزائر ادانة "ش.مروان" بعقوبة ثلاث سنوات سجنا موقوفة النفاذ.