تردّي الخدمات ،المحاباة ،المحسوبية وسوء معاملة القابلات والممرضات ميزة عديد مصالح التوليد في المستشفيات العمومية بالجزائر .. يتكرر مشهد نساء ينتظرن دورهن لساعات رغم حالاتهن الصحية المعقدة دون مبالاة الأطباء المعنيين واقع حال جعل كل حامل تفكّر كيف تجمع الأموال الكافية لوضع مولودها في عيادة خاصة،يأتي ذلك رغم الميزانية الضخمة التي سخرت لفائدة مصالح التوليد لإعادة تجهيزها بالوسائل والمعدات المتطورة لضمان أفضل تكفل بالأمهات. الواقع الذي تعرفه مصالح الأمومة والتوليد جعل وزارة الصحة وإصلاح المستشفيات تتحرّك تلبية لنداء النساء الحوامل بضرورة توفير الرعاية اللازمة عن طريق تشديد الرقابة على العاملين بالمستشفيات ومدى التزامهم بواجبهم المهني تجاه الأمهات مع تفعيل مخطط استعجالي لخفض نسبة وفاة المواليد مآسي سببها الإهمال الصحي هزت مديريات الصحة عبر عديد الولايات ففي ولاية سطيف ،توفيت شهر جوان الفارط أم تبلغ من العمر 29 سنة أثناء وضع حملها بمستشفى الأم والطفل بالعلمة. الأم تنحدر من مدينة حمام السخنة ونقلت إلى المستشفى بصفة عادية لتضع مولودها من جنس أنثى ثم خضعت إلى عملية جراحية لتفارق الحياة على إثرها . وفي حادثة أخرى ،عاشت مصلحة الطفولة والأمومة سليمان عميرات بولاية أم البواقي حالة طوارئ شهر فيفري المنصرم بعد وفاة المدعوة "ش.س" 32 سنة حامل في شهرها السادس، بعد تعرضها لأعراض الأنفلونزا الموسمية. الأم تعرضت لزكام حاد نقلت على إثره إلى مصلحة الأمومة والطفولة أين مكثت ثلاثة أيام كاملة، ونظرا لتأزّم وضعيتها وعدم تحسّن حالتها تم تحويلها إلى مستشفى قسنطينة الجامعي، أين لفظت أنفاسها الأخيرة نتيجة ضيق في التنفس وعدم مقدرة الرئة على استقبال الهواء، وتم دفنها داخل صندوق حتى لا تنتشر العدوى. كما توفيت أم لطفلين في العقد الثالث من عمرها أثناء عملية قيصرية بعيادة التوليد مريم بوعتورة بباتنة. الضحية تنحدر من مدينة بريكة كانت قد قدمت الى عاصمة الولاية لإجراء عملية قيصرية لتلفظ انفساها الأخيرة فيما بقي مولودها على قيد الحياة،في حادثة أثارت الهلع وسط النزيلات في نفس المؤسسة الصحية اللواتي قصدن العيادة من كل بلديات باتنة. وبذات الولاية ،استقبل مصالح الأمن ووكلاء الجمهورية شكاوى بالإهمال أثناء وضع الحمل. عيادة التوليد مريم بوعتورة بباتنة عرفت وفاة مولود بعد وضعه خلال الأشهر الفارطة، وأكدت أمه أنها تعرضت للسب والشتم من قبل القابلات في المستشفى وبعض الممرضات وهو ما جعلها تعاني من حالة نفسية صعبة. طبيبتان تنزعان رحم إمرأة دون علمها بباتنة قضية من العيار الثقيل تلك التي عالجتها محكمة الجنح بمجلس قضاء باتنة اأن تمت متابعة وإدانة طبيبتين متربصتين بستة أشهر حبسا نافذا، بعد أن رفعت ضدهما مواطنة قضية تتعلق بالإهمال الطبي وإجراء عملية نزع الرحم دون علمها. من جهتها ،عالجت محكمة غليزان شهر جويلية الفارط قضية الإهمال المؤدي الى الوفاة وتوبع فيها اربع موظفين بالمؤسسة العمومية للصحة الجوارية بجديوية من بينهم المدير الفرعي للمصالح الطبية و رئيس مصلحة بالعيادة المتعددة الخدمات بالحمادنة وقابلتان و على خلفية وفاة فتاة حامل تبلغ من العمر 34 سنة رفقة جنينها في شهره التاسع . القضية التي يعود تاريخها إلى مطلع شهر مارس من السنة الجارية انطلقت قدمت الضحية إلى العيادة المتعددة الخدمات بالحمادنة قادمة إليها من دوار القصارة ببلدية خطاب وعوض أن تقدم لها الإسعافات والمساعدة الطبية تم إهمالها كليا وبقيت تنتظر لأكثر من ستة ساعات ليتم بعد ذلك تحويلها على مستشفى مازونة على متن سيارة إسعاف قديمة تتعطل من حين لآخر مما عجل بوفاتها نتيجة إصابتها بنزيف دموي حاد والتحويل العشوائي حسب الشكوى التي رفعتها عائلة الضحية ضد مصالح المؤسسة العمومية للصحة بجديوية . حامل تموت بسبب غياب الطبيب وسيارة الاسعاف موجة غضب عاشتها بلدية الادرسية بولاية الجلفة شهر مارس من السنة الفارطة بعد أن لفظت أم أنفاسها في لحظة الولادة ولم يجد زوجها من سبيل سوى شكوى رسمية ضد المؤسسة العمومية الاستشفائية الإدريسية. الزوجة حسب شكوى جاءها المخاض فنقلت في حدود التاسعة والنصف ليلا إلى المؤسسة الاستشفائية، وهناك تم الكشف عنها ووجدوا حالتها تتطلب عملية قيصرية ونظرا لعدم وجود طبيب مخدّر، ويتعلق الأمر بطبيب كوبي كان في عطلة وآخر دخل في تعويض أيام العمل، طُلب من الزوج نقل زوجته إلى مستشفى "الأم والطفل" بعاصمة الولاية . ولغياب سيارة الاسعاف نقل الزوج زوجته على متن سيارة خاصة، كون سيارة الإسعاف معطلة ،وفي طريقه إلى المستشفى توقف عند المجمع الصحي لبلدية القديد في حدود منتصف الليل، وهناك تم فحصها من طرف الطبيب وقرّر نقلها إلى عاصمة الولاية على متن سيارة إسعاف ورافقها ممرّض، فيما واصل الزوج رحلته وراء سيارة الإسعاف، لكن عندما وصل إلى أبواب مستشفى الأم والطفل، قالوا له أن زوجته توفيت قبل وصولها الى المستشفى . ولكن الزوج أضاف في شكواه أن سيارة الإسعاف التابعة للمؤسسة الاستشفائية بالإدريسية لحقت به لايصال بمريض آخر وهو ما أثار غضبه وأصر على متابعة المؤسسة الصحية . الحالات المذكورة ماهي إلا عينات بسيطة تكشف واقع المنظومة الصحية في الجزائر مما جعل وزارة الصحة تسارع إلى تنظيم دورات تكوينية جديدة لصالح القابلات وأطباء التوليد لتدارك الوضع. يركّز على تحسين العلاج والمتابعة مخطط استعجالي لإنقاذ الحوامل ومواليدهن ووضعت وزارة الصحة وإصلاح المستشفيات مؤخرا مخططا إستعجاليا يهدف الى تخفيض وفيات الحوامل ليصل إلى 50 حالة لكل 100 ألف ولادة حية مع مطلع 2019 مقابل 60 حالة لكل 100 ألف ولادة حاليا. وكشف قبل ايام اسماعيل مصباح مدير ترقية الصحة بالوزارة الصحة، أن "السلطات العمومية تبذل جهودا معتبرة من خلال هذا المخطط الرامي إلى تخفيض معدل وفيات الأمهات الحوامل"، مشيرا إلى أنه "رغم الاستثمارات المحققة في مجال الصحة وتحسّن الظروف المعيشية للمواطن فإن وفيات الأمهات الحوامل تبقى مرتفعة بالمقارنة مع الدول التي لها نفس مستوى الدخل مع الجزائر". ويعطي المخطّط -حسب مدير ترقية الصحة- حيّزا هاما لتكوين مستخدمى الصحة الذين يتابعون على المدى الطويل برامج منع الحمل بشتى أنواعها، فضلا عن وضع ميزانية خاصة باقتناء المستلزمات الطبية الموجّهة للتنظيم العائلي". ويتركّز المخطّط الاستعجالي على خمسة أهداف رئيسية وهي التنظيم العائلي الذي سيتم مرافقته بالوسائل الضرورية لإنجاح المُخطط، تحسين نوعية العلاج خلال التكفل بالحمل والوضع، فضلا متابعة الأم خلال الأشهر الأولى للولادة، كما يهدف إلى تحسين الحوكمة ومكافحة وفيات الأمهات الحوامل من خلال ضمان متابعة وتقييم هذه العملية ودعمها بالاتصال والتجنيد الإجتماعي ويشمل المخطط المحاور الرئيسية المتعلقة بتعقيدات الولادة قصد ضمان تكفل أنجع ووقاية الحامل من الوفاة مع ترشيد توجيه وتحويلها بين المؤسسات الإستشفائية، و تسجيلها بمصالح حماية صحة الأم والطفل إبتداءا من الشهر الثالث، فضلا على توسيع تدخل القابلات وتحسين دور المصالح التقنية بالمؤسسات الإستشفائية مع تزويدها بالدم بصفة منتظمة. زايدة على إدخال التعديلات على دفتر الحمل لتحسين الإتصال تطبيقا لتوصيات المنظمة العالمية للصحة. ... هكذا تسبّب فريق طبي من مستشفى القبة في اصابة أمّ بالعقم قابلات وأطباء توليد رهن المتابعات القضائية بسبب وفاة الحوامل تعالج المحاكم الادارية والجزائية عشرات القضايا المرفوعة على مصالح التوليد العمومية والعيادات الخاصة تتعلق اغلبها بالخطأ الطبي والاهمال المؤدي الى الوفاة وعادة ما تتم متابعة الاطباء كأشخاص طبيعية وإدارة المؤسسة كشخص معنوي ولكن اغلبها تنتهي بتعويضات مادية يدفعها الطرف المشتكى عليه إلى الطرف المدني المتأسس في القضية . اهتز مستشفى القبة بالعاصمة شهر مارس من سنة 2014 ، على وقع فضيحة بمصلحة أمراض النساء والتوليد أبطالها فريق طبي نسوي تترأسّه الطبيبة "م. فضيلة" أشرفن على ولادة قيصرية لحامل، ولكنهن نسين مقّصا بقي في أحشاء الضحية أربع سنوات. وحسب الملّف الطبي للمعنية والذي اطلعت عليه السلام ونشرته، فإن الضحية دخلت المصلحة لإجراء ولادة قيصرية بتاريخ 22 سبتمبر من سنة 2010، أين نسي الطاقم الطبي مقّصا بطول 15 سنتيمتر وبقيت تعاني طوال أربعة سنوات من مخاص حاد، لم تكشف أسبابه تحاليل قامت بها، إلى أن تم إخضاعها إلى فحص كامل بجهاز السكانير بتاريخ 18 من فيفري سنة 2014 أين فوجئت بمقص عالق بالقرب من رحمها، سبّب لها آلام ومنعها من الحمل طوال تلك الفترة. وعاودت الضحية اللجوء إلى ذات المستشفى لتبدأ معاناة جديدة، حيث حدّد لها موعد لنزع المقص نهاية شهر فيفري، ولكنهم تماطلوا في أول موعد، خضعت المريضة إلى عملية جراحية أخرى لمدة تزيد عن خمس ساعات، أين وجد الفريق الطبي صعوبة في تحديد مكان تواجد المقص بعدما أحيط بطبقات لحمية قبل أن يتم نزعه، ووضعت تحت العناية إلا أن الإهمال المسجّل بالمصلحة كاد يودي بحياتها ليلا، بعدما صعب عليها التبوّل الإصطناعي، وعاود الولوج إلى داخل جسمها، ورغم صراخها إلا أن الفريق المناوب كان غائبا، ما جعل حاملا في نفس الغرفة تكلّف نفسها عناء البحث عن الممرضين الذين كانوا يغطّون في نوم عميق. عملية نزع المقص من جسم المريضة أدخلها في رحلة ذهاب وإياب الى المستشفى من أجل إعادة خياطة الجرح الذي تعفّن بسبب ميكروب ولج أثناء الخياطة التي يُحتمل أنها لم تكن بصورة ملائمة ما سهّل إنفتاح جرح لا يقل عن 20 سنتيمتر حسب ما عاينته السلام وكشفت العيّنة عن حالة الإهمال بمصلحة التوليد التي تعاني ضغطا، حيث تتناوب ثلاث أمهات ورضعهن على سرير واحد للإشارة فإن القضية لا تزال محفوظة على مستوى المحكمة الادارية لبئر مراد رايس. للإشارة، فإن مصلحة التوليد بالقبة تعد من اكبر المصالح بالعاصمة وتستقبل ألالاف النساء وأكد مسؤولون من مصلحة التوليد بمسشتفى القبة في خرجة اعلامية اول امس أن الخدمات بالمصلحة عرفت تطورا خلال السنوات الفارطة في العناية بالامهات ما جعلها أكبر مصلحة استقبالا للحوامل بالعاصمة. ملف قضائي آخر انفجر سنة 2014 عقب وفاة رعية تونسية بعد خضوعها لعملية توليد قيصرية بعيادة القدس الخاصة بمنطقة حيدرة. وصرّح زوج الضحية أنه نقل زوجته لعيادة القدس لإجراء عملية توليد قيصرية، وهي الولادة التي أشرفت عليها الطبيبة حاج صدوق فاطمة الزهراء، لتضع بذلك الضحية مولودها وظلت بذات العيادة لمدة أربعة أيام. وبعد توجهها لمنزلها انتابتها آلام حادة على مستوى البطن، ما دفع زوجها لنقلها لمستشفى مصطفى باشا، أين لفظت انفاسها الأخيرة وأكد الطاقم الطبي لزوجها أنهم اكتشفوا بعد تشخيص حالتها أن أمعاءها بلغت مرحلة التعفن، ناهيك عن وجود سائل غريب لم يتمكنوا من تشخيصه صعد إلى رئتيها ما تسبب في وفاتها . ووجّه زوج الضحية أصابع الاتهام للدكتورة حاج صدوق فاطمة الزهراء، متهما إياها بالإهمال والتقصير في معاينة حالة زوجته الصحية، وهي التصريحات التي فندتها البروفيسورة التي تملك 30 سنة من الخبرة في مجال التوليد غير أنه ادينت بعقوبة موقوفة النفاذ. الأمراض المزمنة ترفع عدد الوفيات في أوساط الحوامل احتلت الجزائر سنة 2014 المرتبة 76 عالميا من حيث وفيات الأمهات الحوامل، وهو مؤشر يؤكد تدني مستوى الخدمات الصحية في الجزائر وتسعى وزارة الصحة وإصلاح المستشفيات الى خفض العدد الى 60 حالة وفاة لكل 100 ألف مرأة حامل ،ما استدعى اعادة النظر في مسار تكوين الأطباء العاملين في المجال وسلك القابلات والتركيز على دور المراكز المتخصّصة في متابعة المرأة الحامل مع التكوين والتدريب في طريقة إجلاء النساء الحوامل. وفي نفس السياق ،يؤكد اطباء التوليد أن النساء عليهم الكشف عن الأمراض المزمنة التي يعانين منها على غرار الداء السكري وإرتفاع الضغط الدموي وأمراض القلب التي تساهم بنسب كبيرة في الرّفع من نسبة الوفيات.