يسعى عدد لابأس به من الكتاب إلى الكتابة للطفل، ومؤلفو إبداع الطفل في الساحة، سواء أكانوا كتاب قصة أو مسرحية أو قصيدة أو أغنية أو أنشودة أو حتى مجلة أو رواية للطفل أو أي شكل من أشكال الإبداع الذي يخاطب الطفل في محاولة مستمرة، معروفون، ومن أنشط هؤلاء كتاب أدب الطفل، سواء كانوا من الكبار أو اليافعين أو الأطفال أنفسهم وهم عندما يهتمون بالتواصل مع الطفل يسدون للمجتمع خدمة ملحة، وليست لسد الفراغ الذي يمثله نقص أدب الطفل عندنا . نحيي جهود كل هؤلاء الكتاب المهتمين بالكتابة للطفل بينما نتحاور معهم بود قائلين : احذروا التسلية في التعامل مع هذا النوع من الكتابة. إن السؤال حول مبادراتنا المحلية الفردية منها والمؤسساتية عن الكتابة للطفل، والسؤال عن الأدوات التي تعطي هذه الكتابة صفة النضج ضروري وملح، ونحن نلمس بالفعل نوعاً من التطور في رؤية البعض. وبداية لا أحد ينكر أن أدب الطفل يهدف إلى التسلية والمتعة في جزء منه، غير أن هذا المفهوم لا ينسجم مع مفهوم أدب الأطفال. الكتابة للطفل ممتعة للمؤلف وله، بينما يمكن بلورتها في أنها من أصعب أنواع الإبداع باعتبار أننا من هذه المرحلة نتعاطى مع ما يطور تجربتنا الإنسانية، كما أننا في النهاية مسئولون عن الرد على سؤال مثل.. كيف يصبح أطفالنا مثقفين ؟ والواقع فإن هذه الكتابة تحتاج إلى قدر كبير من الانتباه وعدم الاستسهال، وربما كان التدرب على هذا الإبداع شيئاً ضرورياً بالنسبة للكاتب. أطفالنا ناضجون وليسوا صغاراً لا يفهمون منذ ولادتهم ، عقولهم وفكرهم من الشفافية إلى حد يشبه أواني الكريستال الرقيقة الملأى بالكثير من المحتوى وبالطاقة التي تحتاج إلى تعزيزها لفهم ما يعايشونه في هذه الحياة ، فلندعهم يستمتعون بشكل أفضل بهذا الجمال المتأتي من التعامل مع إبداع الأطفال . لنمنحهم فرصة أن ينمو ذلك الإنسان في دواخلهم ، وأن يكون مؤهلاً اجتماعياً ونفسياً وروحياً، وعلمياً وأدبياً، لنمنحهم فرصة الوصول إلى هذا الجمال. الكتابة لأطفالنا هي نوع من حوارنا معهم ولكن بأسلوب مختلف. الحوار هنا له أدواته و لربما جاز لنا أن نقول : إن كل نوع من أنواع الكتابة هو علم في حد ذاته وسواء كان الكاتب إنساناً بالغاً أو ناشئاً أو طفلاً فهو معني بأن تكون له أدواته، ومن أصعب الأسئلة التي توجه إليه.. ما مدى ما يمتلك الكاتب من خبرة وخلفية ثقافية، وكيف نكتب للطفل ، وكيف يكتب الطفل لنفسه ؟.