تترقب السلطات المحلية لبلدية القبة دورها من "الرحلة" التي تُخلصها من كابوس الأحياء القصديرية المتبقية على غرار أحياء سان شارل القصديري والكاريار والمنظر الجميل وغيرها من المواقع السكنية التي يعيش قاطنوها ظروفا صعبة على أمل ترحيلهم إلى سكن لائق في إطار برنامج ولاية الجزائر في القضاء على السكن الهش والقصدير. قال طالبو السكن من قاطني البيوت الفوضوية والهشة والأقبية ببلدية القبة التي يصفها البعض بأرقى بلديات العاصمة، أنهم ينتظرون منذ أعوام استفادتهم من الترحيل الذي مس عددا كبيرا من سكان البلدية خلال عمليات الترحيل الفارطة، واستثني منها عدد آخر يأمل في انهاء معاناتهم داخل سكنات تفتقد لأدنى ظروف العيش الكريم. وأضاف سكان القصدير بالبلدية، أنه لم يعد بمقدورهم التحمل أكثر داخل سكنات لا تليق بالبشر، تحولت حياتهم داخلها إلى كابوس خاصة في فصل الشتاء، مما يضطرهم لترك سكناتهم لأيام حتى يتحسن الطقس مثلما جاء على لسان البعض ممن تحدثنا إليهم. 747 عائلة معنية بالترحيل ببلدية القبة أحصت بلدية القبة 747 عائلة معنية بالترحيل في العمليات المقبلة في إطار القضاء على السكن الهش والقصدير بالعاصمة، حيث أنهت اللجان المختصة على مستوى الدائرة عملية دراسة الملفات التي سيتم ارسالها إلى الولاية في انتظار تحديد موعد الترحيل. وحسب رئيس المجلس الشعبي البلدي للقبة مختار بلعجايلية، فإن العائلات المعنية بالترحيل موزعة على عديد المواقع منها القصدير والأقبية والأسطح. وأضاف المتحدث أنه سيتم غلق ملف القصدير والأقبية قبل نهاية السنة الجارية، بعد الانتهاء من ترحيل العائلات المتبقية بالمنطقة، لتشرع بعد ذلك في ترحيل العائلات التي تعاني ضيق السكن. سكنات هشة توشك على الانهيار قال سكان المواقع القصديرية بالقبة على غرار أحياء الكاريار، سنتيف وبونسي وكذا حي قاريدي وسان شارل أن سكناتهم التي يقطنونها منذ سنوات طويلة تصل إلى 30 سنة بالنسبة للبعض لم تعد قادرة على الصمود أكثر جراء تآكل الجدران والأسقف التي لم تعد الترقيعات تنفع معها، وفي هذا السياق أشار أحد القاطنين بموقع سان شارل إلى تسجيل انهيارات جزئية بسكناتهم كلما تتهاطل الأمطار وتهب الرياح، حيث تسببت الرياح القوية التي ضربت عدة ولايات من الوطن شهر جانفي المنصرم في انهيار جدران مسكن بالموقع، مما أثار مخاوف قاطنيه الذين سارعوا إلى القيام ببعض الترقيعات في سكناتهم تجنبا لوقوع كارثة أخرى وأضاف محدثنا أنه لحسن الحظ لم يكن أي شخص في مكان وقوع الانهيار. هذا وتطرقت العائلات القاطنة بالمواقع السكنية الهشة إلى تسرب مياه الأمطار إلى داخل سكناتها كلما تتهاطل الأمطار وهو السيناريو الذي يتكرر كل فصل شتاء، وهي الوضعية التي أرقت كثيرا المقيمين بها والذين أكدوا أن صبرهم نفذ ولم يعد باستطاعتهم الإقامة لمدة أطول داخل القصدير. غياب قنوات الصرف الصحي زاد من معاناة سكان سان شارل وما زاد أمر العائلات تعقيدا بالمواقع القصديرية بالقبة، خاصة بحي سان شارل هو غياب قنوات الصرف الصحي ما جعلهم يتخلصون من المياه القذرة بطريقة عشوائية تسببت في تعفن محيط حيهم الذي أصبح ملجأ وفضاء لمختلف الحشرات الضارة على غرار الجرذان وغيرها من الحشرات الأخرى فضلا عن انتشار الروائح الكريهة التي تتقزز لها الأبدان وتسد الأنفاس. وقال سكان الموقع، أن اللجوء إلى الطريقة التقليدية في جمع المياه القذرة من خلال انجاز حفر المطامير وتغطيتها زاد من مشاكلهم، فبمجرد امتلاء هذه الأخيرة تطفو المياه إلى السطح، محولة الحي إلى مجاري للمياه القذرة، مشكلة بذلك حالة من الفوضى والأوساخ وانتشارا رهيبا للحشرات الضارة والروائح الكريهة، مما يشكل منظرا تشمئز له الأنظار يسمح بانتشار الأوبئة والأمراض بين أوساط القاطنين. هذا واشتكى قاطنو الكاريار وسان شارل من الرطوبة العالية داخل الأحياء القصديرية مما تسبب في إصابة العديد من السكان بأمراض مزمنة كالربو والحساسية، ويتعرض لها بشكل كبير المسنين. سكان حي الكاريار مهددون بالموت " حياتنا في خطر" بهذه العبارة لخص سكان حي الكاريار حياتهم المعيشية داخل سكنات هشة مهددة بالمخاطر من كل جهة، أملين في ترحيلهم إلى سكنات لائقة قبل فوات الأوان. ويتمثل مشكل سكان حي الكاريار في مواجهتهم اليومية لخطر الموت بسبب هشاشة السكنات التي تكاد تنهار فوق رؤوسهم، ورغم الوعود التي تلقوها في أكثر من مرة من السلطات المحلية والمتعلقة بعملية ترحيلهم إلى سكنات لائقة، لكن الأمر لم يعد سوى عملية تهدئة للسكان الذين يعيشون في قلق وحيرة خوفا من الموت تحت الأنقاض في أية لحظة بسبب تكرار مسلسل الإنهيارات الجزئية التي تشهدها السكنات الهشة بالموقع، ناهيك عن الوضعية المهترئة التي تعرفها طرقات الحي السالف الذكر، إضافة إلى مشكل آخر لا يقل أهمية عن ما تم ذكره والمتمثل في التعفن الذي يعيشه الحي بسبب سيلان المياه القذرة وهذا رغم الاتصالات العديدة بالجهات المعنية ومطالبتها بالالتفات إلى انشغالاتهم، لكن السلطات لم تتحرك، ويبقى أمل السكان في إدماجهم ضمن قوائم الترحيل المسطرة ضمن برنامج رئيس الجمهورية والمتمثلة في القضاء على البيوت القصديرية والهشة، مع العلم أن وضعيتهم جد حرجة وتنبئ بحدوث كارثة إنسانية بسبب هشاشة السكنات التي لم تعد قادرة على الصمود أكثر خاصة في فصل الشتاء سيما في الأيام التي تتهاطل فيها الأمطار . سكان الأقبية يعانون في صمت من جهة أخرى، تطرق سكان الأقبية الموزعين على العمارات الموجودة بأحياء المنظر الجميل، العناصر والباهية إلى معاناتهم الطويلة في سكنات تفتقد للتهوية، تسببت لهم في الإصابة بعديد الأمراض المزمنة. "صدقوني، حتى وإن أعطيت مفاتيح شقة من ثلاث غرف وباب أفتحه متى شئت، فسأبقى لأشهر وأنا أتخيل أنني ضيفة في بيت الناس وليس بيتي، لأن الحصول على شقة بعد سنوات من العيش في قبو العمارة ومع رائحة الرطوبة والعيش مع الجرذان، أصبح حلما مستحيل المنال"، بهذه العبارات وصفت لنا إحدى السيدات معاناتها مضيفة والدموع تنهمر من عينيها:"نعيش في الظلام ولا نرى النور••" وقالت قاطنة بأقبية العمارة بحي المنظر الجميل، إنها إن ماتت ستكون مذنبة في حق فلذات كبدها الذين كبروا وصاروا في سن الزواج ولكنهم ينامون بالتداول وحتى ابنتها التي تنام في المطبخ. الظلام طوال اليوم " نحن نسكن تحت الأرض" هو الوصف الذي وجده أحد القاطنين بأقبية عمارات حي العناصر بالقبة الأقرب إلى وضعية سكناتهم التي يقطنونها منذ سنوات طويلة، وحسب مريم قاطنة بالحي فإن أشعة الشمس لا تدخل سكناتهم طيلة أيام السنة، ولا يرونها إلا في الخارج :" نحن محرومين من أشعة الشمس منذ سنوات، ونراها عندما نخرج للشارع فقط"، وأضاف محدثونا من سكان الأقبية بالبلدية أن الرطوبة جد مرتفعة وغياب منافذ للتهوية ساهم في انتشار روائح كريهة داخل السكنات التي تحولت حسب تعبير البعض من قاطنيها إلى قبور، تحولت حياة السكان داخلها إلى جحيم. مواطن آخر قاطن بالأقبية عبر قائلا "نحن ميتون داخل الأقبية" مشيرا إلى معاناتهم لسنوات طويلة فيما أضاف آخر "حياتنا ليس كباقي سكان العمارات الذين يقطنون بشقق لائقة.. فنحن نسكن تحت الأرض كأننا ميتين". " نحن لم نمت بعد فلم تدفنونا في الحياة" هو ما قالته سيدة تقيم بقبو بإحدى عمارات المنظر الجميل، متسائلة عن مصيرهم من الترحيل، محملة السلطات الولاية مسؤولية ما يحدث معهم من مشاكل نتيجة الإقامة المطولة في القبو. وفي انتظار تجسيد وعود السلطات الولائية والمحلية لبلدية القبة بترحيل أكثر من 700 عائلة إلى شقق لائقة خلال الأشهر القادمة، تبقى العائلات تترقب في صمت موعد ترحليها.