يعتبر شرب القهوة عادة الكثير من الشباب بشكل خاص, حيث يفضلون اللجوء إلى إحدى المقاهي للحصول على كوب صغير من القهوة يقولون أنه يعدل المزاج رغم أنها متوفرة في البيت. تكتظ المقاهي في كل الأحياء بالزبائن أغلبهم شباب, وطلب الكثيرين منهم هو كوب فنجان قهوة من الآلة, رغم أن القهوة التي يحصلون عليها تكون قوية التركيز, إلا أنهم يعتبرون أن نكهتها خاصة ولا يمكن مقارنتا بقهوة البيت, وحتى وإن شرب بعضهم من هذه الأخيرة, إلا أنها لا تغنيهم عن التي تقدم في المقاهي, «كمال» صاحب ال25 سنة التقيناه بأحد الشوارع بالقبة وهو يحمل كأس شاي, لكنه فارغ, ففهمنا أنه متوجه إلى أحد المقاهي القريبة, فحاولنا رصد رأيه حول ولع الشباب بشرب القهوة خارج البيت سواء داخل المقاهي أو في مقرات العمل أو أثناء الوقوف في الشارع وغيرها من الأماكن, فأجاب «طعم القهوة التي أشتريها تختلف كثيرا عن التي تحضر في البيت, لأنها تكون أعلى تركيزا ونكهتها ألذ, ولأنني تعودت على أوقات معينة في شربها, أصبحت لا أقدر على تجاوزها, فاليوم هو يوم راحتي عن العمل, استيقظت على الساعة العاشرة والنصف, شربت الحليب وطلبت من أمي منحي هذا الكأس لأشرب القهوة رغم أنها جاهزة في البيت», ويضيف ذات المتحدث أن أغلب الأشخاص الذين يعرفهم مدمنون على شرب القهوة في المقاهي, وكلما كان تركيزها عاليا كلما أحبوها أكثر. أما «نسيم» صاحب ال26 سنة فيقول أنه لا يستطيع متابعة مباريات كرة القدم, خاصة التي يشارك فيها فريقه المفضل ريال مدريد دون أن يرتشف فنجان قهوة,ويضيف «أنا أطلع على برنامج المباريات مسبقا, وعندما يقترب وقت المقابلة, أشتري كأسا صغيرا من القهوة وأعود إلى البيت حتى أتابع وقائع المباراة», ورغم أن كأس القهوة صغير جدا ويحتوي على كمية قليلة منها, إلا أن الغريب في الأمر هو استغراق بعض الشباب وقتا طويلا في شربها قد يصل إلى ساعات, ولا يهمهم الأمر إن كانت ساخنة أو باردة, فالنكهة بالنسبة لهم تبقى نفسها, حيث أكد نفس المتحدث أن فنجان القهوة الذي يقتنيه يستمر في شربه إلى نهاية المقابلة, كما أن إخوته يشاركونه فيه, بأخذ بعض الرشفات والاستمتاع بذوقها أثناء المباراة على حد تعبيره. يضطر بعض الشباب إلى الطلب من الأصدقاء أو الأقارب, البحث عن أي مقهى لم تغلق أبوابها في الليل لاقتناء كأس قهوة قبل المجيء لمتابعة المقابلات الكروية مع بعض, وهو ما أشار إليه محدثنا «كمال» الذي قال أن فنجان القهوة يخفف من حدة توتره أثناء المباراة, ولأنه يفضل متابعة بعضها في بيت عمته, فإنه يقصد المقهى لاقتناء فنجان قهوة قبل الذهاب ويشير «كثيرا ما يفاجئني ابن عمتي باتصال هاتفي, أفهم من خلاله أنه نسي أخذ فنجانه فيطلب مني اقتناء القهوة له قبل الذهاب». لا يجد الكثير من الموظفين, خاصة الشباب متعة في ممارسة أعمالهم الحرة أو في المؤسسات دون اقتناء فنجان قهوة كل صباح, وأكبر دليل على ذلك أعداد الشباب الذين نلتقيهم كل صباح متوجهين إلى أماكن عملهم وهم يحملون الكؤوس البلاستيكية «غوبلي» المملوءة بالقهوة والتي يقتنوها من المقاهي التي تقرب مقرات عملهم وهو الأمر الذي يقوم به «مراد», صاحب ال28 سنة , بائع في أحد المحلات والذي لا ينسى أبدا فنجان قهوته الذي يباشر به عمله كل صباح, حيث يقتنيه قبل فتح باب المحل, وهو الأمر الذي يدفع أصدقاءه إلى طلب بعض الرشفات إلى أن يقوموا بإحضار قهوتهم. ولمعرفة مدى الإقبال على المقاهي, تقربنا من «عبد الرحمان», بائع في أحد المقاهي بالعاصمة والذي أكد أن الإقبال على القهوة التي يقدمها كبير, خاصة من طرف الشباب والمراهقين, وعن الزبائن, يقول أن نفس الأشخاص تقريبا يترددون يوميا عليه من أبناء الحي والعمال الذين يعملون بالقرب من المقهى «يفتح المقهى أبوابه على الساعة السادسة صباحا, ومن حينها ونحن نستقبل الزبائن المتوجهين إلى مقرات عملهم, كما أن العدد يبقى في تزايد طوال اليوم وإلى آخر الدوام, حيث أضطر في بعض الأحيان إلى توقيف آلة تحضير القهوة رغم وجود الزبائن بسبب تأخر الوقت وانتهاء فترة دوامي, وهذا ما يدفع البعض إلى الاستياء, وما يزعجني إلحاح بعض الشباب علي إعادة تشغيل آلة القهوة وعصر قطرات منها رغم أنني أطفأت كل شيء ومنهمك في أعمال التنظيف, فإدمان البعض لشرب القهوة في كل الأوقات يجعلهم يتمنون استمرار المقهى في فتح أبوابه للزبائن إلى ساعات متأخرة من الليل». لقد أكد كل الشباب الذين تحدثنا إليهم إدمانهم على شرب القهوة التي تباع في المقاهي دون غيرها بسبب نكتها الخاصة, ولأنها تعدل المزاج, ورغم محاولاتنا لفهم كيف لها أن تعدل مزاجهم, أكدوا أنه لا يمكن لأحد لا يشربها فهم ذلك, لتبقى القهوة السر السحري الذي لا يستطيع الكثير من الشباب الاستغناء عنه.