تحتضن الباهية وهران على مدار الأيام القادمة وإلى غاية 22 ديسمبر الجاري، فعاليات المهرجان الدولي للفيلم العربي بمشاركة العديد من الوجوه السينمائية العربية، ممثلة بأفلامها السينمائية المختلفة التي تكون قاعة المؤتمرات بوهران حلة لها، لتلبس عاصمة الغرب الجزائري حلة الفن والسينما، وتصبح قبلة لعشاق الفن السابع في العالم العربي. صنع الفيلم المغربي “الأندلس مونامور” لمخرجه محمد نظيف، التميز خلال اليوم الأول من عرض الأفلام المتنافسة على “الوهر الذهبي” بمهرجان وهران للفيلم العربي، سواء من حيث الموضوع الذي عالجه وهو قضية “الهجرة غير الشرعية”، التي تعرفها الكثير من البلدان الإفريقية والمغاربية إلى الضفة الأخرى، أو من ناحية القالب الذي قدم فيه والذي امتزج بين الكوميديا والدراما. الفيلم المغربي “الأندلس مونامور” يعالج ظاهرة الحرقة في قالب كوميدي درامي ويكون فيلم “الأندلس مونامور” الذي يشارك ضمن مسابقة الأفلام الطويلة، قد عرف بذلك ثاني عرض له منذ إنتاجه بعد العرض الأول بمهرجان مراكش السينمائي في دورته الحادية عشرة، ولقي الفيلم إعجابا كبيرا من قبل الجمهور الذي غصت به قاعة سينما السعادة بوسط الباهية، وأهدى لمخرجه محمد نظيف تحية كبيرة بعد العرض معبرا بذلك عن استحسانه للعمل. وأثار الفيلم نقاشا واسعا بين الحضور من سينمائيين وصحفيين ومخرج الفيلم، تناولت جوانب مختلفة من العمل منها أسباب اختيار الموضوع والشخصيات المشاركة، والتي مثلت مختلف الدول المغاربية والإفريقية، إلى جانب إقحام الكوميديا بشكل كبير. وأكد المخرج محمد نظيف الذي لعب دور المعلم والمشجع على الهجرة غير الشرعية في نفس الوقت، إشراك ممثلين من بلدان إفريقية مختلفة للتأكيد على اتساع هذه الظاهرة الخطيرة، إلى دول عديدة وأنها لا تخص بلدا بعينه لذلك يجب معالجتها في العمق، إلى جانب إعطاء الفيلم بعدا مغاربيا إفريقيا حتى يكون بالإمكان مشاهدة العمل في مختلف هذه البلدان والتعريف بالظاهرة أكثر. وأوضح نظيف أن اختيار الموضوع إنما يعود لخطورة الهجرة غير الشرعية وانتشارها واتخاذها أشكالا مختلفة حتى وصلت إلى النساء، إضافة إلى أن الموضوع لم يأخذ حقه من الإهتمام السينمائي عكس ما يراه البعض من أنه مستهلك بكثرة، مؤكدا على أهمية وضع بصمة المخرج على العمل السينمائي وإعطائه خصوصية معينة، حتى وإن كان قد تم تناوله من قبل. وأضاف المخرج المغربي الشاب الذي يعد “الأندلس مونامور” أول أفلامه الطويلة، أنه حاول من خلال هذا العمل تناول الموضوع بطريقة مختلفة عن الأعمال الدرامية بإقحام الكوميديا وإعطائه نفسا آخر، إلى التركيز على أن يحمل الفيلم مختلف توابل العمل السينمائي الكامل. ويتناول فيلم الهجرة غير الشرعية من خلال الطالبان الجامعيان سعيد وأحمد، اللذان يتخذان إحدى القرى بشمال المغرب كنقطة للعبور بمساعدة المعلم “محمد نظيف” الذي يقلهما سرا عبر أحد القوارب لتحقيق حلمها، لكن المغامرة تعيد أمين إلى القرية بعد غرق قاربهما، أما سعيد فتقوده الأمواج إلى أحد الشواطئ الإسبانية أين يكتشف زيف حلمه وأن الجنة الموعودة لن يجدها عبر الحرقة، وهي الرسالة ربما التي أراد المخرج إيصالها من خلال هذا العمل. وعرض خلال اليوم الأول من المنافسة إلى جانب “الأندلس مونامور”، الفيلم الجزائري “قداش تحبني” لفاطمة الزهراء زعموم، الذي يعالج في قصة اجتماعية ظاهرة الطلاق وما لها من تأثير على حياة الأبناء، وذلك من خلال عادل الإبن الذي يجد نفسه وهو يعيش تفاصيل حياة جده المتقاعد وجدته الماكثة بالبيت بعد طلاق والديهن، لتحتدم حياة الطفل بحياة الكبار. واعتبر عبد القادر تاجر الذي لعب دور الجد في الفيلم، أن أهمية الفيلم تكمن في أهمية الموضوع الذي عالجه وهو الطلاق الذي يعد ظاهرة عالمية لا تخص الجزائر فقط. كما أكد أن الأهم من خلال العرض الذي قدم بقاعة سينما السعادة، هو خروج الجمهور وهو راض وسعيد من خلال متابعته للفيلم. وكانت صبيحة أول أمس، قد شهدت أيضا عرض ثلاثة أفلام قصيرة احتضنتها قاعة “سينماتيك وهران”، وهي الفيلم التونسي”قاع البئر” لمخرجه بن حسن محمد معز تناول موضوع الإنتحار، إلى جانب الفيلم الجزائري “غدا الجزائر” للمخرج سيدي بومدين أمين، أين تطرق فيه إلى موضوع الشباب وانشغالاتهم. أما ثالث فيلم قصير ضمن تلك العروض “حواس” من مصر لمخرجه محمد رمضان، الذي تدور أحداثه بين سعاد الممرضة التي تعيش قصة حب من طرف واحد مع يوسف المصاب بحالة غيبوبة، حيث يبدوا لها بفعل القرب اليومي منه، وكأنه يبادلها نفس الشعور وتستمر هذه الحالة معها حتى تتصرف تصرفات غير مقبولة. تكريم الوجوه السينمائية البارزة في سماء الفن الجزائريوالتونسي ورفع الستار بحفل فني يعبق برائحة التراث الجزائري الأصيل، وكرم خلاله ثلاثة من عمالقة السينما الجزائرية، تقدمهم المخرج عدناني نور الدين ثم سيدة السينما الجزائرية فريدة صابونجي ليليهما سليم رياض أحد المخرجين الجزائريين الذين صنعوا مجد السينما الجزائرية، كما خص التكريم أيضا السينمائية والمسرحية التونسية السيدة فاطمة بن سعيدان. واستهل حفل انطلاق فعاليات المهرجان بباقة فنية قدمتها الفرقة الفنية للفنون الشعبية التابعة للديوان الوطني للثقافة والإعلام، إلى جانب لوحة من التراث الوهراني أدت خلاله فرقة محلية حركات فنية من طابع لعلاوي. وفضل القائمون على فعاليات هذه الطبعة التي تأخرت إلى غاية هذا الشهر، بسبب الأحداث التي تشهدها بعض الدول العربية، الابتعاد عن التنشيط التقليدي لتترك الخشبة إلى وجهين من وجوه السينما الجزائرية وهما الفنانة الكبيرة بهية راشدي والعملاق محمد عجايمي اللذان شكلا ثنائيا تنشيطيا متميزا. وبعد أن أعطى والي ولاية وهران عبد المالك بوضياف، إشارة انطلاق فعاليات المهرجان تم تكريم الوجوه السينمائية الأربعة، وهو جانب من حفل الإفتتاح الذي أصبح تقليدا في كل الطبعات، وقد خص التكريم هذه السنة وجوها ساهمت في صناعة السينما الجزائرية وهم الفنانة الجزائرية فريدة صابونجي التي تعد من الرعيل الأول المؤسس للسينما الجزائرية، بدأت مشوارها بالإذاعة الوطنية سنة 1947 لتلتحق فيما بعد بالمسرح الوطني، وهو العالم الذي مكنها من تجسيد أدوار هامة في المسرحيات الاجتماعية والهزلية لتلتحق بالتلفزيون الجزائري وصورت عدة أفلام ومسلسلات. كما كرم سليم رياض أحد صناع مجد السينما الجزائرية، فهو صاحب فيلم “ريح الجنوب” و«المفتش الطاهر” وفيلم “سنعود” الذي أنتجه خلال العام 1972 مناصرة للقضية الفلسطينية، واعتبر سليم رياض هذا التكريم بمثابة الحدث الذي جعله يولد من جديد. وخص التكريم هذه السنة أيضا المخرج عدناني نور الدين، الذي يعد من السباقين في استعمال تقنيات إعادة تمثيل الأحداث والتركيب الإيقاعي وهو ما جعل أفلامه أكثر تميزا وتشويقا، وله عدة أفلام وثائقية نذكر منها”شهيد لم يمت” و«الشهيد زبانة” و«الشهيد علي معاشي”. وكانت الشقيقة تونس مكرمة خلال الحفل الذي احتضنه قصر المؤتمرات بوهران، وذلك من خلال تكريم السيدة فاطمة بن سعيدان، وهي ممثلة سينمائية ومسرحية شاركت في غالبية الأفلام التونسية، ومن أهم أعمالها “عصفور السطح” و«صمت القصور” و«مجنون ليلى”، وعبرت بن سعيدان عن سعادتها بهذا التكريم الذي حضيت به في الجزائر. وتم التعرف خلال حفل الافتتاح على أعضاء لجنان التحكيم، ففيما يتعلق بالأفلام الطويلة نجد ماجدة بن كيران ونجوى النجار من فلسطين وفاطمة بن سعيدان من تونس وملياني الحاج من الجزائر وهالة صدقي من مصر، أما فيما يخص لجنة تحكيم الأفلام القصيرة، فنجد طلال عفيفي من السودان وعبد النور زحزاح من الجزائر إلى جانب عبد الرحمن أحمد سالم لاهي من موريطانيا. بينما سيكون في لجنة تحكيم الأفلام الوثائقية وهي النافذة التي فتحت هذه السنة استثناء بمناسبة احتضان الجزائر لتظاهرة تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية، عبد الرحمن الماجدي من العراق وعدناني نور الدين من الجزائر وطارق الشناوي من مصر. وستتنافس على جوائز المهرجان 12 فيلما طويلا و22 فيلما قصيرا، كما سيشارك 7 أفلام وثائقية. شريط “بستان تلمسان” يفتتح مسابقة الأفلام الوثائقية وافتتح فيلم “بستان تلمسان” أول أمس بقاعة سينما “المغرب” بوهران مسابقة الأفلام الوثائقية في إطار الطبعة الخامسة لمهرجان وهران للفيلم العربي. ويعد هذا الفيلم الذي يستغرق 52 دقيقة وأخرجه حفيظ بن صالح، في إطار تظاهرة تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية تكريما للعلماء الذي عاشوا على أرض تلمسان على مر العصور الأندلسي، الزياني، الموحدي والمرابطي، وإسهاماتهم على مختلف الأصعدة في بعث الثقافة العربية الإسلامية. ويبرز هذا العمل الفني دور “دار الحديث” في تخليد القيم العربية والإسلامية والحفاظ على الموروث الثقافي، وكذا صهر وتكوين العديد من أبطال ثورة التحرير المجيدة أمثال العقيد لطفي والرائد فراج ومليحة حميدو. وقد ساهمت دار الحديث التي أنشأها السكان المحليون ودشنها الشيخ عبد الحميد ابن باديس سنة 1937، وأطرها الشيخ البشير الإبراهيمي في الحفاظ على الهوية الوطنية للجزائريين وفي دعم الحركة الوطنية. وتتنافس ستة أفلام وثائقية على جائزة هذه المنافسة وهي “حلم النسور” لمحمد حازرلي و«هنا نغرق الجزائريين” لياسمينة عدي و«الحاجة لالا معنية” لمصطفى حسيني، و«سيدي أحمد بن زكريا التلمساني” لإبراهيم زكريا قدور و«الشيخ عبد الكريم المغيلي” للعربي لكحل و«سيدي بومدين الغوت” ليحيى مزاحم. وللتذكير تم خلال حفل افتتاح الطبعة الخامسة لمهرجان وهران للفيلم العربي مساء الخميس، تكريم نور الدين عدناني صاحب 36 فيلما وثائقيا منها “شهيد لم يمت” الذي تحصل على الجائزة الكبرى للصحافة المصورة والمكتوبة في نوفمبر 1974، وكذا فلمين وثائقيين حول الشهيدين “أحمد زبانة” و«علي معاشي” وربورتاجين حول “الفقارة” وحول الثورة التحريرية بعنوان “من ذكريات الكفاح”. و للإشارة يشارك نور الدين عدناني الصحفي السابق في الإذاعة والتلفزيون الجزائري في مهرجان وهران للفيلم العربي، بصفته عضوا في لجنة تحكيم مسابقة الأفلام الوثائقية.