تعيش سبع عشرة عائلة تقطن على مستوى العمارتين المشيدتين فوق تراب التعاونية المسماة «المرجان» الكائنة بحوش عطار التابع للمقاطعة الإدارية للدار البيضاء على وقع تنفيذ قرار الطرد من شققها الصادر من طرف محكمة الحراش منذ أكثر من عام بعد تحريك دعوى قضائية من طرف صاحب التعاونية العقارية المسماة المرجان ضد مؤسسة الترقية العقارية المعروفة ب»البرج» التي كانت المشرفة على انجاز المشروع السكني الذي يقطنونه رغم عدم إتمام الأشغال به، كما هو منصوص عليه في عقد الحجز الذي جمعهم بها، وذلك بحجة عدم التزام المقاول بآجال الانجاز وعدم احترامه معايير البناء المتفق عليها، ليكون المستفيدون من المشروع السكني هم الضحية الأولى لفشل المعاملة التجارية التي جمعت بين التعاونيتين العقاريتين «البرج» مع «المرجان»، حيث عبر ممثلون عن العائلات المتضررة في الحديث الذي جمعهم بجريدة «السلام اليوم» عن خيبة أملهم وتخوفهم الشديد من أن يرمى بالعائلات في الشارع في أية لحظة دون أن يتم تعويضها عما دفعته مقابل الحصول على الشقق، فضلا عن المصاريف الإضافية الكبيرة التي تحملتها لإتمام بناء الشقق وإدخال التعديلات اللازمة عليها، الأمر الذي جعلها تتمسك بسكناتها أكثر من أي وقت مضى، كما يضيف محدثونا، حيث يطالبون في هذا الصدد من الجهات العليا في البلاد التدخل العاجل لتمكين هؤلاء من حقهم المتمثل في الحصول على عقود ملكية هاته السكنات وإخراجهم من الصراع الدائر بين صاحب التعاونية والمقاول الذي يقبع في السجن لأسباب تعود إلى قضية أخرى. توقف المشروع المفاجئ يقضي على آمال العائلات في السكن وتعود أطوار بداية مأساة هذه العائلات التي يتربص الشارع بها إلى سنة 2004 لما علمت أن مصير سكناتها في خطر بسبب دعوى الطرد لكل شاغل لتعاونية المرجان مع إخلاء أرضية مشروع انجاز 30 سكنا جماعيا من جميع الآلات والمعدات، فضلا عن هدم الأشغال، حيث تم تحريك الدعوى في 23 جوان 2004 التي تحصلت الجريدة على نسخة من الحكم الصادر بخصوصها في السابع والعشرين من شهر ديسمبر 2004 من طرف مسير تعاونية المرجان المدعو «لشهب احمد» ضد المقاول «بلقاضي محمد»، الذي يتهمه بتأخر آجال الانجاز بأربع سنوات عن المدة المتفق عليها والمحددة بثمانية عشر شهرا انطلاقا من توقيع الاتفاقية التي تمت في شهر ديسمبر 2000، كما شكك في صلاحية الأشغال المقامة وعدم مطابقتها لقواعد العمران مما يلزم تهديمها -حسبه-، والغريب في كل هذه التطورات المفاجئة التي مست المشروع حسب ما أوضحه محدثونا هو عدم علمهم بفسخ العقد بين صاحب التعاونية والمقاول بالرغم من أنهم المستفيدون من المشروع محل النزاع، الأمر الذي اضطرهم إلى شغل الشقق بالرغم من عدم اكتمالها خوفا من أن يتم توزيعها على مستفيدين جدد، مضيفين بأن حقوقهم قد تم هضمها في هذه القضية بما أن قرار الطرد قد مسهم بصفة مباشرة دون أن يتمكنوا من استرجاع أموالهم على الأقل، وهم الذين كانوا قد أمضوا على عقد حجز للاستفادة من السكنات، فضلا عن شروعهم في تسديد التكاليف اللازمة بدءا من سنة 2001، حيث رفعت العائلات بتاريخ السادس عشر ماي 2007 عريضة تطالب بتحرير عقود ملكية لصالحها، كما قام السكان المعنيون بتحريك شكوى إلى قاضي التحقيق ضد صاحب تعاونية «المرجان» ومسير الوكالة العقارية «البرج» بتهمة النصب والاحتيال، وسلب أموالهم المدفوعة كاملة منذ سنوات بغية الحصول على سكنات جماعية في إطار السكن الترقوي. عقد حجز.. لا يغني ولا يقي من الشارع بالرغم من أن العائلات المعنية بقرار الطرد تحوز على عقود حجز خاص بسكن ضمن مشروع 30 مسكنا ترقواي الذي كان من المزمع إتمامه على مستوى تعاونية المرجان التي يشترك فيها ستة عشر فردا الكائنة بحوش عطار بالدار البيضاء، إلا أن هذا الأمر لم يشفع لها أن تكون بمنآى عن قرار الطرد من الشقق التي اقتحموها دون انتظار بعد سماعهم بالمشاكل التي تعتري مصير المشروع السكني، حيث يعتبرون أنفسهم الحلقة المغلوبة على أمرها في سلسلة المشاكل التي يتخبط فيها المشروع بالرغم من امتلاكهم لوثيقة هي كفيلة بأن تجعلهم يطالبون بحقوقهم من موقع قوة كما يضيف محدثونا. حيث تضمن العقد الذي وقعه المستفيدون من المشروع السكني مع مسير الوكالة العقارية «البرج» حسب ما جاء في نموذج عقود الحجز الذي يملكها السكان والتي تحصلت جريدة «السلام اليوم» على نسخة منه الاتفاق بين الجانبين على حجز مسكن سيتم تشييده على مستوى حوش عطار بالدار البيضاء ضمن مشروع ثلاثين سكنا جماعيا، الذي يتمثل في انجاز مساكن تتوزع على بنايتين، وفيها ستة مساكن تحتوي على ثلاث غرف، وستة مساكن أخرى تحتوي على أربع غرف، إضافة إلى ثمانية عشر مسكنا يتشكل من خمسة غرف، هذا إضافة إلى إقامة ستة عشر محلا تجاريا، ومن جانب آخر، اتفق الطرفان في الجانب المالي على دفع ما قيمته 3.700.000.00 دج بالنسبة لشقة راقية تتكون من خمس غرف، وتتربع على مساحة 113.70 متر مربع قابلة للسكنى و125.50 متر مربع مساحة سطحية الأرض، أما بالنسبة لشقة ذات نموذج عادي من أربع غرف وبمساحة قابلة للسكنى تقدر ب81.85 مترا مربعا ومساحة سطحية الأرض 102.50 متر مربع كلفت المستفيدين منها 2.600.00.00 دج، في حين كلفت شقة راقية تتكون من ثلاث غرف تتربع على مساحة 87.85 مترا مربعا مساحة قابلة للسكنى و117.50 متر مربع مساحة سطحية الأرض ما قيمته 2.800.000.00 دج، كما شمل ذات العقد على الاتفاق بشأن دفع المبلغ على دفعات تكون 30 بالمائة منها عند الحجز، و20 بالمائة عند الانطلاق في الأشغال الكبرى، و20 بالمائة عند انتهاء الأشغال الكبرى، فضلا عن 20 بالمائة لإنجاز الهياكل الثانوية و10 بالمائة عند تسليم المفاتيح، وهو ما التزم به المستفيدون من هذه الشقق وبالإثبات حسب ما تبينه وصلات التسديد الخاصة بكل فرد منهم والتي اطلعت الجريدة على البعض منها، ليفاجأوا في نهاية المطاف أن كل ما قاموا به من التزامات قابلتها مشاكل في تجسيد المشروع السكني على أرض الواقع. ومن جانب آخر، فإنه وخلافا لما حدث، نص عقد الحجز الذي جمع العائلات مع مسير مؤسسة الترقية العقارية «البرج» أنه في حالة فسخ عقد الحجز الحالي من أجل عدم تنفيذ أحد الالتزامات يكون الطرف المخل بالتزاماته مدينا إزاء الطرف الثاني بتعويض يساوي عشرة بالمائة من الثمن القاعدي المنصوص عليه، كما أن ذات الطرف المخل بالتزامه يبقى ملزما بإصلاح الضرر ودفع مبلغ التعويض بالنظر إلى المسؤولية المدنية المحتملة إزاء ذلك، وهو الأمر الذي يعتبره ممثلو الحي الذين تحدثوا إلى جريدة «السلام اليوم» أنه بعيد المنال، بما أن قرار الطرد قد صدر ضدهم من طرف محكمة الحراش وبتأييد لهذا الحكم من قبل مجلس قضاء الجزائر في جلسة الرابع جويلية 2010 في مقابل عدم وجود أي نوع من التعويض المنتظر، خاصة وأن العقد الذي ربطهم بالمقاول لا يلقى اعتراف الطرف المباشر بالخصام ممثلا في أصحاب تعاونية المرجان، حيث يتنصل مسيرها «بلشهب احمد» من أي رابطة تجمعه بهؤلاء، الأمر الذي يعد مخالفا للقانون الذي ينص في مادته 106 من القانون المدني، التي تقضي بأن العقد شريعة المتعاقدين بكون المادة تسري على جميع العقود، وفي هذه القضية هناك عقدين، عقد مقاولة وانجاز المشروع لفائدة التعاونية، وعقد الحجز المتعلق بتمكين الحاجز من الشقة بعد تمويلها، حيث يجدر الذكر في هذا الصدد أن عقد انجاز المشروع الرابط بين تعاونية المرجان ومقاولة البرج ينص في مادتيه الثالث والخامس عشرة بتخويل المقاول إضافة ثلاثة طوابق في كل عمارة يسمح له بموجبها بتمويل المشروع، أي تنازل عنها قصد تمويل المشروع، وبموجب هذا العقد أبرم عقد ثان خاص بالحجز بعد تقديم الأموال لإنجاز المشروع، وتبعا لما سلف ذكره يتضح أن المقاول لو لم يكن هناك بند في عقد الإنجاز يخول له حق التصرف في الشقق لما أبرم عقد الحجز، حيث يتضح من كل هذا أن التعاونية تلتزم بتصرفات المقاول المخول له ذلك طبقا لعقد انجاز المشروع باعتبار أن العقد شريعة المتعاقدين. المستفيدون يشككون في بعض بنود العقد بين »البرج« و»المرجان« أوضح محدثونا أن بعض بنود العقد بين صاحب مؤسسة الترقية العقارية «البرج» ومسير تعاونية «المرجان» التي تضم ستة عشر متعاونا توحي بأن الجانبين حاولا «السمسرة» في المشروع السكني الذين كانوا هم الضحية الأولى له نتيجة مصيرهم المجهول لحد الآن، حيث باتت القضية هي صراع بين شخصين، كما أن العلاقة التي تربط بين «المرجان» و»البرج» تشكل عقد شراكة أكثر من عقد مقاولة، بحكم أن الأول وبموجب ما جاء في العقد يتولى تمويل المشروع بمواد البناء واليد العاملة وكل مستلزمات الانجاز، حيث يمكنه استرجاع أمواله عن طريق خصم التكلفة من بيع المساكن والمحلات التجارية، ليأخذ ما نسبته 40 بالمائة من الأرباح، فيما تمثل أرباح الطرف الثاني 60 بالمائة من الأرباح بعد البيع فقط، لأنه لم يرفع ما عليه من مساهمة، حيث تطالب في هذا الصدد مقاولة «البرج» التعاونية بدفع مبلغ الدين المقدر ب 91.608.000.00 دج وتعويض 3.000.000 دج عن كافة الأضرار. كما يضيف محدثونا أنه فضلا على أن مقاصد بعض بنود العقد غير مفهومة –حسبهم- فإن مسير التعاونية لجأ إلى التحايل على القانون من خلال استغلال التعاونية لأغراض تجارية من خلال تحويل هذه القطعة الأرضية التي تحصلوا عليها تحت اسم المادة الثانية من المرسوم التنفيذي الصادر سنة 1976 إلى صبغة تجارية سنة 2000، أي قبل نهاية المدة القانونية المحددة لاستغلال القطعة الأرضية قبل أن تعود ملكيتها إلى الدولة والمحددة بخمس سنوات، مخالفين بذلك للقانون. عرض الشقق للبيع مجددا في سنة 2008 يثير التساؤلات؟ في سنة 2008 وبعد ما تقدم أصحاب تعاونية المرجان أمام القضاء طالبين توقيف الأشغال الجارية في مشروع الثلاثين مسكنا جماعيا بحجة أن المقاول المشرف على المشروع ارتكب تجاوزات عديدة فيما يخص عدم احترامه للمعايير والشروط التقنية المتفق عليها في العمران، أوضح ممثلو الحي الذين تحدثوا إلى الجريدة أنهم تفاجأوا بعرض سكناتهم للبيع مجددا بواسطة الإعلان الذي اطلعوا عليه في الجرائد من طرف مسير تعاونية «المرجان» بتاريخ الرابع من شهر ديسمبر 2008 حسب نسخة الجريدة التي اطلعت «السلام « عليها، الأمر الذي اعتبره محدثونا تناقضا صارخا من جانب مسير التعاونية «لشهب احمد» الذي استصدر حكما بهدم الأشغال القائمة وطرد السكان الذين يشغلون الشقق تحت غطاء أن البناية غير صالحة ومخالفة لمعايير البناء المتفق عليها في العمران، حيث تساءلوا في هذا الصدد أنه كيف يمكن أن تكون العمارتين غير سليمتين، وفي الوقت ذاته يتم عرض شققهما للبيع، هذا بالرغم من أن المستفيدين من المشروع يشغلون الشقق منذ مدة طويلة، كما استكملوا دفع ما عليهم من تكاليف مالية.